هل الأفضل لمصر فى سنواتها القليلة المقبلة أن يكون رئيسها منتميا للتيار الإسلامى أم من خارج هذا التيار؟! الإجابة ستختلف بحسب انتماءات وقناعات وآراء كل شخص، لكن الهدف من طرح السؤال ليس التحليق فى فراغ الرياضة الذهنية بقدر ما هو مناقشة جادة لسؤال لو أحسن كل ناخب الإجابة عنه فربما نوفر على أنفسنا عناء الوقوع فى سنوات انتقالية مضنية قد تعيدنا للوراء سنوات. الإسلاميون لديهم الآن الأغلبية فى البرلمان، وسيحاولون التأثير فى كتابة الدستور، وأغلب الظن أنهم سيشكلون الحكومة المقبلة، أو سيكون لهم حق الفيتو ضدها. والآن هم يريدون المنصب الأعلى، وهو رئيس الجمهورية.
السؤال هو: هل فى مصلحة مصر أن تكون المناصب الرئيسية الثلاثة فى يد فريق واحد بغض النظر عن هوية هذا الفريق؟! من وجهة نظر الإسلاميين فإنه ومن دون حصولهم على هذا المنصب فإنه لن تكون هناك قيمة لأغلبيتهم البرلمانية، بل وربما حتى ولو شكلوا الحكومة فقد يكون للرئيس المقبل سلطات قد تعرقل عملهم فى البرلمان أو حتى فى الحكومة. يضيف الإسلاميون أيضا خصوصا الإخوان أن التجربة مع حكومة الدكتور كمال الجنزورى أثبتت أنه ورغم كل التقدير للبرلمان أن السلطة التنفيذية هى الأهم، لأنها التى تحتك بالناس وتستطيع أن تسعدهم أو تنكد عليهم، ولهذا السبب يبرر الإخوان تراجعهم عن وعدهم بعدم ترشيح أحدهم لرئاسة الجمهورية.
يخشى التيار الإسلامى عموما والإخوان خصوصا أنه فى حالة عدم فوز أحدهم بالرئاسة، فان رئيس الجمهورية سيكون تركيزه الرئيسى بالتعاون مع التيارات الأخرى هو تحجيم تيارهم وإعادته إلى الحجم الذى كان موجودا عليه أيام مبارك.
فى المقابل فإن أنصار الفريق الثانى يرون أنه فى حالة وصول مرشح إسلامى لرئاسة الجمهورية فإن مصر ستكون مقبلة على بيات شتوى طويل قد لا تخرج منه لسنوات طويلة.
يقول هؤلاء إن الإخوان يبدو عليهم «الاستعجال»، ويحاولون الآن بشتى الطرق وفورا الاستحواذ على كل المؤسسات و«أخونتها» من الأزهر إلى الإعلام، ومن القضاء إلى النقابات، ومن الجهاز المركزى للمحاسبات إلى المؤسسة الأمنية.
وجهة نظر هؤلاء تقول إن مصر لا تتحمل أن يسيطر على كل مؤسساتها فريق واحد خصوصا أنها خارجة للتو من تحت سيطرة طرف واحد لمدة ثلاثين سنة، والأفضل لها أن تجرب التعايش والمشاركة.
ويعتقد هؤلاء أن بقية قوى المجتمع من ليبراليين ويساريين وأقباط لن يستطيعوا التكيف مع حكم إخوانى سلفى شامل خصوصا فى ظل حالة الاستقطاب الراهنة بين القوى السياسية.
فى المقابل أيضا ومن وجهة نظر الإخوان فإن برلمانا إسلاميا مع رئيس ليبرالى قد تكون روشتة للفشل والتصادم المستمر فى حين أنه فى حالة وجود رئيس إسلامى مع برلمان من نفس الصبغة يعنى ببساطة الانطلاق فى مشروع النهضة مباشرة.
ويرد الطرف الثانى بقوله إن بلدانا كثيرة جربت التعامل بصيغة برلمان من حزب ورئيس من حزب آخر، ونجحت، كما حدث فى فرنسا وأمريكا كثيرا.. المهم أن يكون هناك نظام سياسى قوى ويراعى صلاحيات واضحة وحقيقية للسلطات الثلاث البرلمانية والقضاء والسلطة التنفيذية سواء كانت لمجلس الوزراء أو لرئيس الجمهورية.
مرة أخرى الحكم أصبح فى يد الشعب.. هو الذى يقرر وهو الذى بيده أن ينجح هذا أو يسقط ذاك.
لكن على كل منا أن يفكر مليا فى السؤال الذى طرحناه فى بداية الكلام. «المشاركة لا المغالبة».. هذا الشعار الإخوانى الجميل، نتمنى أن يجد تطبيقه على أرض الواقع فى الفترة المقبلة.