لأول مرة يدلى المصريون بأصواتهم فى انتخابات الرئاسة دون معرفة مسبقة باسم الفائز، ما هى رهانات هذه الانتخابات؟ هل ستسفر عن تغيير حقيقي؟ فى محاولة للإجابة عن تلك الأسئلة التقت المجلة الفرنسية إكسبرس الكاتبة السياسية صوفى بوميه صاحبة كتاب «مصر.. الوجه الآخر» والتى قدمت فيه تحليلاً سياسياً لواقع الحياة المصرية فى عهد نظام مبارك. عن مكانة الجيش المصرى فى المشهد السياسى الحالى افتحتت المجلة الفرنسية حوارها مع صوفى بوميه، والتى أكدت أن مكانة الجيش مركزية، فعلى الرغم من تهميش الجيش فى السنوات الأخيرة من حكم مبارك التى شهدت قرارات اقتصادية تتعارض مع مصالح الجيش بشكل العام، لهذا كان من الطبيعى أن يعتبر الجيش ثورة 25 يناير فرصة لا تعوض من أجل استرجاع مكانته، لكن على ناحية أخرى يبدو أن الجيش لم يتوقع الفوز الكبير الذى حققته التيارات الإسلامية سواء الإخوان أو السلفيين فى الانتخابات التشريعية. فالجيش لا يريد نظيراً قوياً قادراً على معارضة مصالح الجيش الاقتصادية، لهذا فإن الجيش يريد رئيس يضمن له مصالحه الاقتصادية ويحقق التوازن فى المشهد السياسى أمام السلطة التشريعية التى يسيطر عليها الإسلاميون. لهذا فإن الجيش قد يكون فى طريقه لإعداد دستور مؤقت يحقق هذا التوازن. وحول العلاقة بين الجيش والإخوان المسلمين وهل يمكن وصفها بالعلاقة الصعبة، أكدت الخبيرة فى الشأن المصرى أن العلاقة بين المجلس العسكرى والإخوان يمكن وصفها بالنزاع، ولكن الخلاف بينهما لا يتعلق بأمور دينية، بل يتعلق بحرص الجيش على مكانته ومصالحه خاصة فى ظل محاولة الإخوان تهديد مكانة الجيش بعد المطالبة بتقديم حكومة الجنزورى لاستقالتها. وبحسب صوفى بوميه فإن جماعة الإخوان تبدو وكأنها فى موقف صعب على الرغم من فوزها الكبير فى الانتخابات البرلمانية، ويبدو الأمر وكأن الإخوان قد خسروا فى العديد من الجبهات، فمؤسسات الدولة لا تزال خاضعة لرجال النظام السابق، البرلمان نفسه ويبدو وكأن لا حيلة له لأن المجلس العسكرى قادر على إبطال أى تشريع، على ناحية أخرى فقدت الجماعة علاقتها بالقوى الليبرالية التى تم إقصاؤها عند اختيار اللجنة التأسسية للدستور والتى سيطر عليها الإسلاميون فى البداية قبل حلها، وتشير الكاتبة الفرنسية إلى اهتزاز صورة الإخوان إلى حد كبير بعد عدم التزامهم بوعدهم بعدم تقديم مرشح لانتخابات الرئاسة. وعن السر وراء دعم السلفيين لأبو الفتوح فى انتخابات الرئاسة، أكدت صوفى أن فوز أبو الفتوح سيكون بمثابة ضربة موجعة جداً لجماعة الإخوان. وأضافت صوفى أن أبوالفتوح المدعوم من جانب الليبراليين وفى حالة فوزه سيجد نفسه فى موقف شديد الصعوبة حيث سيكون مطلوباً منه إرضاء طرفين شديدى الاختلاف.. الطرف الأول السلفيين، والطرف الثانى الليبرالين. وعن وضع عمرو موسى فى انتخابات الرئاسة وهل يحظى بوضع جيد فى السباق الرئاسي؟ أشارت صوفى بوميه إلى أن الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية يتمتع بتأييد الجيش كما يتمتع بفرص كبيرة خاصة أنه يحظى باعتراف دولى من واقع تاريخه الدبلوماسى. كما أن مواقفه الحازمة فى مواجهة إسرائيل منحته شعبية فى الشارع المصرى. حتى تاريخه فى العمل كوزير خارجية فى عهد مبارك يصب فى مصلحته كرجل يملك الخبرة الكاملة فى العمل السياسى خاصة فى نظر جزء كبير من الشعب المصرى يطمح فى الاستقرار. ويبدو أن عمرو موسى على العكس من شفيق ليس موصوم بالارتباط بنظام مبارك، فالأخير احتل لفترة طويلة منصب وزير الطيران المدنى وكان آخر رئيس وزراء فى عصر مبارك وهو المنصب الذى احتله لفترة قصيرة. علاقة الرؤساء المحتملين بالجيش سؤال طرحته المجلة الفرنسية وأجابت عنه صوفى بوميه بالإشارة إلى أن فى الوقت الحالى أدرك كل المرشحين أنه لا يمكن لهم الدخول فى مواجهة صريحة مع الجيش، كما أن كلاً منهم سيكون له أسلوبه فى التعامل مع الجيش فعلى سبيل المثال عمرو موسى سيكون بلا شك الأكثر مرونة فى التعامل مع الجيش مقارنة بأبو الفتوح. وترى صوفى بوميه أن الجيش قد يقدم تنازلات فيما يتعلق بتمتعه بمكانة خاصة فى مقابل حماية مصالحه الاقتصادية. واعتبرت صوفى بوميه قضية العلاقة بين الرئيس القادم والجيش بمثابة القضية الأكثر صعوبة، خاصة أن الجيش حريص على مصالحه الاقتصادية والرئيس القادم يجب أن يكون حريصاً على مواجهة المشاكل الاقتصادية التى تعانى منها مصر، وبالتالى فالرئيس القادم قد يجد نفسه مضطراً لكى يستعين بهذه المصالح الاقتصادية للجيش من أجل مواجهة تلك الأزمة التى تمر بها مصر