تباين مؤشرات البورصات الخليجية قبيل بيانات التضخم الأمريكية    محافظ بورسعيد يبحث مع رئيس «تعمير سيناء» آخر مستجدات مشروعات التعاون المشتركة    وزير الخارجية يتوجه إلى البحرين في إطار الإعداد للقمة العربية    وزير التعليم يحضر مناقشة رسالة دكتوراه لمدير مدرسة في جنوب سيناء لتعميم المدارس التكنولوجية    خطتان.. مصراوي يكشف أسماء الثلاثي فوق السن المنضمين للمنتخب الأولمبي في أولمبياد باريس    سيارات بايك الصينية تعود إلى مصر عبر بوابة وكيل جديد    سفير واشنطن لدى إسرائيل ينفي تغير العلاقة بين الجانبين    برلماني: السياسات المالية والضريبية تُسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات الأجنبية    مؤتمر حسام حسن: الكرة المصرية في أصعب مرحلة في تاريخها.. ونتراجع أمام المنافسين    لاعب برشلونة السابق يحتال على ناديه الروماني    انطلاق فعاليات المُلتقى التوظيفي الأول بجامعة طيبة التكنولوجية    عربات الزهور تستعد لانطلاق موكبها خلال احتفالات الربيع في الإسماعيلية (صور)    حفظ التحقيق في حريق داخل مسجد تاريخي ببولاق أبو العلا    حجز إعادة محاكمة المتهم بتزوير أوراق لتسفير عناصر الإرهاب للخارج للحكم    ميريت عمر الحريري تكشف تفاصيل إصابتها بالسرطان وكيف عالجت نفسها بالفن (فيديو)    السيسي يوجه رسالة عاجلة للمصريين بشأن المياه    بالصور.. المركز القومي للسينما يقيم فعاليات نادي السينما المستقلة بالقاهرة    المفتي للحجاج: ادعو لمصر وأولياء أمر البلاد ليعم الخير    مدير التأمين الصحي بالشرقية يعقد اجتماعا لمكافحة العدوى    «التعليم» تنبه على الطلاب المصريين في الخارج بسرعة تحميل ملفات التقييم    لماذا سميت الأشهر الحرم بهذا الاسم؟.. الأزهر للفتوى يوضح    إطلاق منظومة التقاضي الإلكتروني في محاكم مجلس الدولة غدا    رئيس جامعة قناة السويس يتفقد كلية طب الأسنان (صور)    وزيرة التضامن تشارك في أعمال المنتدى الدولي لريادة الأعمال ومبادرة العيش باستقلالية بالبحرين    موجة احتجاجات تعصف بوزراء الاحتلال في ذكرى «اليوم الوطني لضحايا معارك إسرائيل» (تفاصيل)    قمة مرتقبة بين رئيس كوريا الجنوبية ورئيس وزراء كمبوديا لبحث التعاون المشترك    ما هو موعد عيد الاضحى 2024 في الجزائر؟    تقديم معهد معاوني الأمن 2024.. الشروط ورابط التقديم    تعليم البحيرة: 196 ألف طالب وطالبة يؤدون امتحانات الشهادة الإعدادية وأولى وثانية ثانوي    إطلاق مشروع تطوير "عواصم المحافظات" لتوفير وحدات سكنية حضرية بالتقسيط ودون فوائد    تنطلق السبت المقبل.. قصر ثقافة قنا يشهد 16 عرضا مسرحيا لمحافظات الصعيد    هل ويست هام قادر على إيقاف مانشستر سيتي؟ رد ساخر من ديفيد مويس    وزير الرياضة: حريصون على فتح آفاق للتعاون وتبادل الخبرات مع مختلف دول العالم    مناظرة بين إسلام بحيري وعبد الله رشدي يديرها عمرو أديب.. قريبا    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. الإفتاء توضح    وزير الرى: احتياجات مصر المائية تبلغ 114 مليار متر مكعب سنويا    الرعاية الصحية: لدينا 13 ألف كادر تمريضي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    الرئيس السيسي يوجه بتعديل اسم محطة "الحمام" لتحلية المياه    خلال 12 يوم عرض بالسينمات.. فيلم السرب يتجاوز ال24 مليون جنيه    توقعات برج العقرب من يوم 13 إلى 18 مايو 2024: أرباح مالية غير متوقعة    وزير الثقافة الفلسطيني السابق: موشي ديان هو أكبر سارق آثار في التاريخ    جامعة طيبة التكنولوجية تنظم المُلتقى التوظيفي الأول بمشاركة 50 شركة ومؤسسة صناعية    بدءا من 10 يونيو.. السكة الحديد تشغل قطارات إضافية استعدادا لعيد الأضحى    افتتاح مبنى مجمع النيابات الإدارية بسوهاج وتدشين منظومة التحول الرقمي    تشمل 13 وزيرًا.. تعرف على تشكيل الحكومة الجديدة في الكويت    التحليل الفني لمؤشرات البورصة المصرية اليوم الاثنين 13 مايو 2024    ختام ناجح لبطولة كأس مصر فرق للشطرنج بعدد قياسي من المشاركين    شعبة الأدوية توجه نداء عاجلا لمجلس الوزراء: نقص غير مسبوق في الأدوية وزيادة المهربة    إنشاء مراكز تميز لأمراض القلب والأورام ومكتبة قومية للأمراض    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروع سد «جوليوس نيريري» الكهرومائية بتنزانيا    رئيس الغرفة التجارية: سوق ليبيا واعد ونسعى لتسهيل حركة الاستثمار    تداول 15 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة و806 شاحنات بموانئ البحر الأحمر    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية في ديرمواس ضمن «حياة كريمة»    تعرف على الحالة المرورية بالقاهرة والجيزة    فضل الأشهر الحرم في الإسلام: مواسم العبادة والتقرب إلى الله    أرتيتا يثني على لاعبي أرسنال    الأقصر تتسلم شارة وعلم عاصمة الثقافة الرياضية العربية للعام 2024    "أوتشا": مقتل 27 مدنيًا وإصابة 130 في إقليم دارفور بغربي السودان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليبيا أغنية على جيتار
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 05 - 2011

توغلت 55 خطوة فى تجاويف مخبأ معمر القذافى. وأضاء وهج الهواتف المحمولة وضوء شاحب لمصباح يدوى، ممرا فى الظلام.
وإذا بعالم سفلى يتكشف غرف نوم، وحمامات، ومطابخ، بل وحتى حمامات بخار تربط بين أجزائه شبكة من الأنفاق على فتحاتها أبواب معدنية بسمك ست بوصات. ولم يكن يبخل بأى شىء على هذا المخبأ.
وقال فراج محمد، المدير فى شركة أنابيب بترول، وهو يقودنا فى الطريق إلى قاعدة مخبأ للهرب بدت عميقة فى حدائق هذه الفيللا مترامية الأطراف التى يملكها القذافى فى شرق ليبيا المحرر «أنت ترى ما خطط له الفأر» وأضاف «إنه يشبه مخبأ هتلر فى برلين».
إذًا، فالقذافى كان يفكر دائما فى أن هذا قد يحدث، حتى مع بقائه 42 سنة فى الحكم. وكان يتخوف من أن يأتى أحد ويزيح عنه الأساطير القومية العربية، موحد أفريقيا، الشخص الذى ليس رئيسا ويملك جميع السلطات ويتركه، عاريا، رجلا ضئيلا فى سرداب واسع دون ملاذ.
وكان شبح الزوال هو الخوف المقيم فى ذهن الطاغية الملتوى، الذى يسخرون منه هنا بوصفه «الرجل ذو الشعر الكبير».
والأمر الغريب، أن الولايات المتحدة وأوروبا لم يتوقعا أبد إمكانية حدوث هذا لا بالنسبة للقذافى، ولا مبارك، أو بن على، أو أى من القتلة اللصوص الآخرين، وقد ذهب بعضهم الآن، ويقوم آخرون بذبح شعوبهم؛ سواء هنا فى ليبيا، أو فى سوريا، أو اليمن. فقد كانت السياسة تقوم على الاعتقاد الخاطئ بأن هؤلاء الزعماء سيعيشون إلى الأبد.
كانوا مصابين بجنون العظمة فيما يتعلق بمصائرهم. وكنا مقتنعين ببقائهم الدائم. وبطبيعة الحال لم يكن الاقتناع بحتمية بقائهم هو دافع السياسة الأمريكية تجاه هؤلاء الطغاة. وإنما كان قرارا معيبا بوضع مكافحة الإرهاب والأمن فى أعلى الأجندة، بينما حقوق الإنسان حقوق العرب فى هذه الحالة فى القاع. ويتعلق الأمر بشركات البترول الكبرى؛ وإلى حد ما، بما يخدم أمن أقرب حلفاء أمريكا الإقليميين: إسرائيل.
وقد يحصل ناشط مصرى فى حقوق الإنسان على دعم أمريكى، أو من منظمة غير حكومية بارزة، ولكن عندما يتعرض النشطاء للقمع، يصدر من واشنطن صمتا مدويا.
وكان تعبير الإصلاح العربى يمثل تناقضا لغويا، وكذلك التحول الديمقراطى العربى.
وكانت مثل هذه التعبيرات تتضاءل أمام مصداقية هؤلاء الطغاة، وكراهيتهم المعلنة لتنظيم القاعدة أو حماس أو أى نوع من أنواع الراديكالية الإسلامية، واستعدادهم للقتل أو التعذيب، ونقل المعلومات الاستخبارية.
ولم يتوقف القذافى عن إلقاء الخطب على أسماع دبلوماسيين أمريكيين عن كراهيته لتنظيم القاعدة وانتقاد الدعم الأمريكى لموطن القاعدة الأول: المملكة العربية السعودية. غير أنه، كغيره من الطغاة، كان منشغلا بخلق المشكلة حتى يظهر نفسه فى صورة الحل لها.
وقد وقعت جوازات السفر فى أيدى الليبيين الذين انطلقوا من بلدة درنة شرق البلاد لينضموا إلى صفوف القاعدة فى العراق. وعزز القمع التطرف؛ كما فاقم النهب الإحباط.
واستغل حسنى مبارك الصراع الإسرائيلى الفلسطينى كأداة للتحايل ضمن ترسانته القمعية. وكان أسوأ «صديق» عرفه الفلسطينيون على الإطلاق، فقد كان يغرس الانقسام بينما يبشر بالوحدة. ودعا نفسه مثل القذافى وبن على حصنا ضد التطرف، بينما كان مجتمعه المكبوت يرعى هذا التطرف.
وحيث إننى زرت تونس ومصر، ثم ليبيا الآن، خلال هذا الربيع العربى، فأنا أقول: سلطوا ضوءا فى مخابئ القذافى وفى كل مكان. دعوا الناس يخرجون من بيوت الظلام. واسمحوا لهم بالمشاركة فى صنع مجتمعاتهم.
انتبهوا للساخطين وامنحوهم الفرص. وتلك سياسة أخرى لمكافحة الإرهاب، يمكن أن تنجح بمرور الوقت. فالشرق الأوسط الآخذ فى التطور، حيث الفكر الإسلاموى الاستبدادى تجاوز ذروته الأيديولوجية، يتطلب هذا.
قبل زيارتى فيللا القذافى، حيث يلعب الأطفال كرة القدم فى ملعب التنس السابق، ذهبت إلى البيضاء موطن مصطفى عبدالجليل، الزعيم المعتدل للمجلس الوطنى الانتقالى فى شرق ليبيا.
وقال: «أخطأ الغرب بمساندة القذافى، الإرهابى الأول.»، مستشهدا بإسقاط طائرتى بان أمريكان 103 ويو تى إيه 772 اللتين بلغ إجمالى ضحاياهما 440 قتيلا.
وطالب بأسلحة، خاصة فى غرب البلاد المضطرب، وتكثيف غارات الناتو الجوية، والإطاحة بالرجل «الذى تحدى العالم بأكمله».
وهناك دين مستحق للشعب الليبى، ومصلحة استراتيجية على مثال تونس طرابلس القاهرة الديمقراطيين؛ ومع مقتل المدنيين يوميا فى مصراتة، تفرض دعوى قانونية قوية تدعمها الأمم المتحدة لقصف تلك القوات قضية: رحيل القذافى.
ويندرج ضمن تلك الفئة الهجوم على طرابلس الذى يبدو أن أحد ابناء القذافى قتل فيه. فمن خلف المختال يقف الجبان الذى بنى ذلك المخبأ.
وعلى بعد أميال قليلة من فيللا القذافى تقع أنقاض قورينا المذهلة، وقد أقيمت فى القرن السابع قبل الميلاد، وكانت تعرف ذات يوم باسم «أثينا أفريقيا.» وتجولت، وحدى تقريبا، بين المعابد اليونانية والرومانية وحدقت فى البحر المتوسط.
ليبيا التى أضفوا عليها الوحشية، تسترد شيئا عميقا، إنه التاريخ والحضارة.
وتحت أشجار الصنوبر، وجدت بضع شبان معهم جيتار، اثنان منهم فقدا أشقاء فى هذه الحرب، كانوا يغنون فى حدة مؤرقة «ليبياى.. ليبياك.. إنها ليبيانا».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.