مع بداية موسم الفيضان الذى تقول المؤشرات الأولية إنه مبشر هذا العام، يدخل محمد بهاءالدين، وزير الموارد المائية والرى الجديد، إلى مكتبه بعد 5 سنوات قضاها خارج الوزارة بعد بلوغه سن المعاش.. أمام نافذة زجاجية كبيرة تطل على مشهد للنيل بما يحويه من مراكب سياحية وكراكات لإزالة التعديات.. يجلس بهاءالدين يتلقى أولى الملفات، والواقفات الاحتجاجية من بعض مزارعى العياط يقفون ببابه، يشتكون مشاكل انقطاع مياه الرى عن أراضيهم، فضلا عن عشرات المذكرات التى أعدها مساعدوه التى ترصد تقارير بسوء حالة الموارد المائية، وارتفاع معدلات التعدى على النيل، وأزمة اختناقات المياه فى نهايات الترع، وعدد من المشروعات القومية التى أنفقت عليها الدولة مليارات الجنيهات دون جدوى اقتصادية، وتلوث المجارى المائية والنيل فاقت معدلاتها حدود الأمان. «والله العظيم بشرب عادى من ميه الحنفية، وعارف إن مياه النيل ملوثة، لكن إيه البديل يعنى، والمياه المعدنية غالية».. بهذا الاعتراف الذى يكشف عن صدق الشخصية، يؤكد بهاءالدين فى بداية حواره أن معدلات التلوث فى النيل باتت تشكل خطرا على النهر، لكن هناك حدودا للتلوث، ولم نصل إلى الحد الذى قد يؤدى إلى الوفاة، «لكننا نتمنى أن ننهى مشكلة التلوث، ولكننا أمام سلوكيات «تعبانة».
«الشروق» التقت بهاءالدين فى أول حوار صحفى له بعد توليه الوزارة، وأكد أن حلمه وهدفه الأول بعد أن تولى منصب وزير الرى، القضاء على التعديات على النيل وحل مشكلة اختناقات مياه الرى، لضمان وصول المياه إلى المزارعين على مستوى المحافظات، وهذه المشاكل برأيه هى كل قضايا وتحديات الرى فى مصر، وحلها ضمان لتأمين الاحتياجات المائية، والحفاظ على الموارد المحدودة لمصر منها، وقال إنه سيبدأ أول اجتماع مع مسئولى مصلحة الرى وحماية النيل بهذا الخصوص.
وتطرق بهاءالدين إلى التعديات على النيل بالبناء على حوافه بالمخالفة للقانون، وتوعد بمصادرة أى بناية مخالفة لصالح الدولة، ويؤكد أن القانون المدنى ينص على أن من حق الدولة استرداد حقها من المتعدى فى حالة عدم تقنين وضعه أو تسوية أموره وحصوله على الموافقات اللازمة للبناء على ضفاف النيل أو أى من المجارى المائية الأخرى.
ويضيف بهاءالدين، أنه لن يغلق كل الملفات الماضية فى وزارة الرى، وسيحيل أى ملفات تتعلق بفساد إدارى أو مالى ترتب عليها ضياع حق من حقوق الدولة إلى الهيئات القضائية المختصة، لكنه قال إن أى سوء فى الادارة أو فى التخطيط لن ننظر إليه أو نحاسب مرتكبيه لأن النظر إلى المستقبل يكون الأفضل.
ويشير بهاءالدين إلى أن التعديات على النيل أصبحت مثل السرطان المتفشى فى الجسد، فإذا قامت أجهزة الوزارة بإزالة 50 تعديا نجد 100 آخرى بعدها بأقل من أسبوع، وهو ما يحتاج إلى دعم وقرار سياسى بالتصدى بحزم لهذه الظاهرة المجرمة وتفعيل غرامات رادعة، وضرورة تكاتف الأجهزة الأمنية مع موظف الرى الذى يحصر ويقوم بتنفيذ هذه الإزالات.
يؤكد بهاءالدين أن ميزانية وزارة الرى ليست عائقا فى تنفيذ أولويات عمله فى الوزارة ولكن طرق الصرف من الميزانية هى القضية الأهم، وترشيد النفقات، مؤكدا أنه سيحاول ترشيد النفقات قدر المستطاع، قائلا: «مال الحكومة زى مال اليتيم.. ومش ها صرف قرش فى الفاضى.. لأنها أمانة».
ورد بهاءالدين على من يقول بأنه ينتمى إلى جماعة الإخوان، فقال: «اتهامى بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين له قصة قديمة، وعندما كنت مديرا لمصلحة الرى، كنت أرفض بعض الطلبات التى يقدمها أعضاء الحزب الوطنى لتخصيص أراضى على النيل لمشروعات فى دوائرهم، فقدموا فى بلاغا للأمن القومى بأننى أوافق على تخصيص أراضٍ لنواب الإخوان وأرفض طلبات الحزب الوطنى، ومن هنا كان اتهامى بالانتماء إلى الإخوان، كذلك إطلاق لحيتى يرجع إلى تديننا بالفطرة، وعندنا فى الفلاحين التدين بالفطرة».
يعلق الوزير الجديد على اتهامه بالانتماء للإخوان. قائلا: «أنا بدأت حياتى فى عصر الخمسينيات مع عبدالناصر ولله فى لله كنا بنكره الجماعة دول الإخوان، وحتى فى المرحلة الأولى ما انتختبش مرسى، لكن فى الإعادة أديته صوتى لأنه كنت شايف انه ضرورى نخرج من العصر القديم».
بهاءالدين، استغل الفرصة، وأوصى رئيس الجمهورية بالصبر، وقال: «الصبر اللى ما لهوش آخر» هى الوصية التى أعمل بها وأوصى بها الرئيس، مع الحكومة الجديدة.
واستطرد قائلا: «إن الصبر سيكون ديناميكيا، ولا نقف عندما ينتقدنا أحد»، موضحا أنه تلقى تعليمات من الرئيس بضرورة الإسراع بتنفيذ برنامجه الانتخابى، ومنها متابعة التعديات على المجارى المائية ونهر النيل وفرعيه لمنع المخالفات، وحل مشاكل نقص مياه الرى فى نهايات الترع.
وانتقل بهاءالدين إلى مخالفات المحاصيل الزراعية، وقال مخالفات الأرز ارتفعت العام الحالى إلى أكثر من مليون و200 ألف فدان، وهو ما يشكل خطرا على الأمن المائى لمصر ذلك العام، موضحا أن مصر تخسر ما يقرب من 8 مليارات متر مكعب من المياه لتحقيق الاتزان الملحى للحفاظ على التربة الخصبة فى شمال الدلتا، وحمايتها من الغرق بسبب تداخل مياه البحر المالحة مع مياه الخزان الجوفى العذب.
وحول ملف حوض النيل، أكد بهاء أن قطاع مياه النيل سيظل تحت يد وزير الرى والموارد المائية، مؤكدا أن ما يحدث فقط سيكون إعادة هيكلة للقطاع بتحويله إلى هيئة تابعة لوزارة الرى، وأن مصر ستستمر على نهج التفاوض مع دول حوض النيل، وعدم التفريط فى الحصة المائية التاريخية وعدم إلحاق الضرر مع حق الجميع فى التنمية.
وأضاف أن الدعم السياسى لقضية حوض النيل مطلوب بعد أن اختفت أفريقيا من أجندة الرئيس المخلوع مبارك على مدى الثلاثين عاما الماضية.
ووصف بهاءالدين العلاقات المائية مع جنوب السودان بالضرورية والاستراتيجية، مؤكدا أنها السبيل الوحيد أمام مصر الآن لزيادة حصتها المائية، معلقا على الاتفاقية الأخيرة لجوبا مع إسرائيل بأن مصر ترفضها وترفض التدخل الإسرائيلى فى ملف مياه النيل.