شئنا أو أبينا، اختلفنا أو اتفقنا، فتجسيد الصحابة فى أعمال تليفزيونية أو سينمائية، إنجاز يحسب للدراما، فقد كان الاقتراب من هذه المناطق مختوما بالشمع الأحمر، لكن مؤخرا ومن خلال إنتاج عربى سعودى أو قطرى بدأت الدراما فى كسر هذا التابوه الذى فرض لسنوات طويلة، وآخر هذه الأعمال ما يقدم الآن على الفضائيات العربية، ويروى سيرة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب والذى سبق عرضه تسونامى رفض على شبكات التواصل الاجتماعى، وغيرها لم يمنع إدارات القنوات من عرضه، والحقيقة ورغم أنى أعرف أن رأى هذا لن يرضى كثيرا من الناس كنت من المؤيدين لعرض المسلسل خاصة أن هناك نخبة من العلماء والمشايخ راجعوا العمل الذى كتبه واحد من أمهر كتاب الدراما التاريخية الدكتور وليد سيف والذى سبق وأن اختبر فى أكثر من عمل ناجح مثل «ملوك الطوائف» «والزير سالم» «وربيع قرطبة» و«التغريبة»، وغيرها ومعه مخرج مميز أيضا هو حاتم على الذى سبق وأن قدم العديد من الأعمال الكبيرة ومازال الجمهور المصرى يتذكر مسلسله عن الملك فاروق، أى أن هناك حدا أدنى من الضمانة سواء على مستوى الكتابة أو الإخراج إضافة إلى إشراف العلماء ووجود جهة إنتاج ضخمة ربما يزيد من هذه الضمانة، لكن تابعت الحلقات الأولى من المسلسل، متجنبا هذه الفكرة، وقررت مشاهدة المسلسل بدون أى أفكار مسبقة سواء تلك التى هاجمت المسلسل قبل عرضه أو حتى تلك التى تعطى ضمانات مشاهدة والحقيقة، ومنذ اللحظات الأولى سوف تدرك أنك أمام عمل درامى مختلف شكلا وموضوعا، فالحوار ينساب ببلاغة كلامية مميزة تشعر وأنت تستمع لهم أنك أمام درس من دروس اللغة العربية التى حاصرتها لغة البلطجية والعشوائية التى تملأ الشاشات والمسلسلات الكثيرة فتشعر وأنت أمام مسلسل «عمر» أنك فى استراحة سمعية من ضجيج الدراما الرمضانية الكثيرة، والحقيقة أن وليد سيف وحاتم على يعطيان دروسا درامية فى فن الدراما التاريخية فأنت لم ترَ عبوث الكفار وأشكالهم النمطية التى صدرها لنا معظم مخرجى الدراما التاريخية، لم ترَ أداء مسرحيا مفتعلا أو جامدا من الممثلين الذين أجاد حاتم على تحريكهم وتوظيفهم بداية من الممثل سامر إسماعيل الذى يؤدى شخصية سيدنا عمر بن الخطاب الذى يملك خامة صوتية معبرة وقوية تأسرك فور سماعها، وليس انتهاء بالممثلين المصريين الذين ظهروا بصورة مختلفة مثل الممثل بهاء ثروت والذى قدم أداء مميزا فى الحلقات الأولى، كل هذه الأشياء من مزايا مسلسل عمر فى حلقاته الأولى، والحقيقة أدعو كل الذين عارضوا مشاهدة المسلسل ليراجعوا أنفسهم مرة أخرى ويشاهدوه خاصة أننا فى أحوج الأوقات لمتابعة سيرة حاكم عادل مثل عمر بن الخطاب، لعل حكامنا يتعظون ولعلنا نستفيد.