تاركا خلفه ثلاث بنات وولدين، استشهد المواطن المصرى عبده الدسوقى مسعد بصل، فى الأراضى السورية، بنيران جيش بشار الأسد أو شبيحته، فلا أحد يعلم على وجه الدقة ملابسات موقعة مصرعه التى راح ضحيتها معه مواطن مصرى آخر وثلاثة أردنيين. ما نمتلكه من معلومات، أن التليفزيون السورى الرسمى أعلن مقتل المغتربين الخمسة باعتبارهم متطوعين فى الجيش السورى الحر، وحاول تسويق فكرة أن هؤلاء قدموا من بلدانهم خصيصا للمشاركة فى الثورة السورية، مروجا سيناريو «المؤامرة الدولية التى تشارك فيها أطراف عربية وإسلامية» للإطاحة بنظام الأسد.
«الشروق» حملت الخبر إلى أقارب الشهيد عبده بصل فى مدينة دمياط.. كانت الإجابة هى الصمت المكلوم والصدمة بادية على الوجوه.. فالرجل الذى يبلغ من العمر، 60 عاما، ورغم رحيله للعمل بالشام منذ 4 عقود، كان شديد الود مع أهله وأصدقائه القدامى، عطوفا، رقيقا، إلاّ أن أخباره انقطعت بصورة شبه تامة منذ اندلاع أحداث العنف فى سوريا.
«شأنه شأن معظم النجارين بدمياط، ترك عبده مصر فى أواخر الستينيات وهو دون العشرين للعمل بلبنان، حيث كان حرفيو دمياط آنذاك يغادرون البلاد سعيا للرزق فى الشام أو العراق، ثم انتقل إلى سوريا عام 1970، وعلى عكس أقرانه لم يعد عبده إلى مصر، بل استقر فى الشام وتزوج من سيدة سورية، وتنقل بين أكثر من حى فى العاصمة دمشق، حتى استقر فى منزل بحى تشرين» بحسب شقيقه يحيى وصديقه القديم فاروق بصل، اللذين يعملان أيضا بالنجارة.
ولكن.. ما الذى ذهب بعبده بصل إلى حى القابون بريف دمشق الذى قال التليفزيون السورى إنه لقى حتفه فيه؟
يؤكد شقيقه يحيى أن «عبده كان يمتلك «ورشة نجارة» فى حى القابون بالفعل، وهو حى يبعد عن حى تشرين الذى يسكن فيه نحو 20 كيلومترا، وأن رحلة ذهابه من بيته إلى عمله يوميا تستغرق نصف ساعة بالمواصلات، كما أن حى القابون يضم مجمعا للمحال والدكاكين والورش الحرفية يملكها سوريون وعرب» مما يقدم تفسيرا منطقيا للإعلان عن مقتل المغتربين الخمسة فى هذا الحى تحديدا، دون أن يكون للأمر علاقة بجيش سوريا الحر.
وكل ما يتمناه يحيى الآن أن «تسرع السلطات المصرية للسير فى إجراءات تسلم جثمان شقيقه، والاطمئنان على أسرته هناك».
آخر زيارة قام بها عبده إلى مصر كانت منذ 4 سنوات، حيث قضى وقتا طويلا مع إخوته الستة (3 شقيقات و3 أشقاء).. حينها اشترى منزلا بمنطقة الزهارنة بدمياط، على أمل العودة بأسرته الصغيرة لأحضان عائلته مرة أخرى، لكنه لم يسكن المنزل.. ولم يمهله القدر لتحقيق هذا الأمل.