صوت الروائى الكبير محمد ناجى يأتى عبر الهاتف من أحد مستشفيات باريس، بعد نجاح عملية زرع كبد.
«الوطن ليس أماكن، وإنما الوطن هو الأصدقاء ومن نحبهم ويحبوننا»
ناجى الذى يبدأ يومه فى الصباح الباكر فى المستشفى لتناول الدواء «لأن حالتى لا تسمح لى بالتنقل كثيرا، إلا اننى متابع لكل ما يحدث فى مصر وحريص على قراءة الجرائد وتحميل الكتب الالكترونية».
الروائى محمد ناجى، ولد فى مدينة سمنود عام 1947، وتخرج فى آداب القاهرة قسم الصحافة، والتحق بالخدمة العسكرية من 1969 إلى 1974.
بدأ ناجى حياته الأدبية شاعرا، نشرت قصائده فى السبعينيات فى مجلات المجلة والفكر المعاصر والآداب البيروتية والأقلام العراقية، ثم انتقل إلى الرواية.
كتب ناجى روايات «خافية، قمر، ولحن الصباح، ومقامات عربية، والعايقة بنت الزين، ورجل أبله، امرأة تافهة، والافندى، وليلة سفر، وقيس ونيللى». وصدر له العام الماضى خلال رحلة مرضه تسابيح النسيان وهو نص روائى بروح شعرية.
الكتابة عند ناجى لا تنقطع «أنا فرح بمرضى.. راض بما قسمه الله.. كل ما يهمنى أن لا أحرم من نعمة الكتابة، أن أكون سندا لنفسى وأولادى».
عمل محمد ناجى لسنوات فى الإعلام، فكان مشرفا على النشرة الثقافية فى وكالة رويترز ووكالة إنباء وتليفزيون الإمارات، كما انه أسس جريدة الأيام البحرينية وهو حاليا مدير تحرير جريدة العالم اليوم الاقتصادية.
يحيط بناجى فى تغريبته الحالية عدد من الاصدقاء الحريصين على زيارته يوميا. «صديقى مصطفى عطية منذ ايام الجامعة لا يتركنى يوما، والفنان هشام جاد مصمم العرائس فى فرنسا، والعديد من الاصدقاء الجزائريين والتونسيين المقيمين فى فرنسا».
ناجى المعروف بين اصدقائه بحبه للاحجار الكريمة. «لم أكن اتخيل ان الاقامة فى فرنسا ستطول، عشان كده لم أحضر كل هواياتى معايا، زى السبحة مثلا».
اتسمت كتابات ناجى بلغة سحرية بمفردات مصرية شعبية غير مألوفة، واقترب على طريقته من جو «الوقاعية السحرية» التى أصبحت موجة عالمية تأثرت بأدب أمريكا الجنوبية، لكنه حافظ على أجواء مصرية تعرف أسرار البيوت، والشوارع، والحارات المنسية. بعض النقاد اعتبر ناجى «ساحر الرواية العربية».
يهمس فى نهاية المكالمة بآخر ما نشر له فى تسابيح النسيان. «سيكون دائما على الشاطىء. هنا أسفل الرصيف المقابل لبيتك. رجل وحيد يطأطئ بمحبة. يمكنك أن ترى هذيان صورته فى الماء. باحثا عن ملامحك فى خيالات النهر. ألف باب وألف بستان. من ذا الذى يجرؤ أن يقرع بوابات تلك الاعماق. ليطلب الغفران؟»