الثلاثاء 24 يونيو 2025.. الذهب يتراجع 85 جنيها وعيار 21 يسجل 4715 جنيها    رئيس وزراء لبنان: نريد بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقوانا الذاتية    منتخب فلسطين للسيدات يفتتح مشواره في تصفيات كأس آسيا 2026 بمواجهة ماليزيا    مبابي يواصل الغياب عن تدريبات ريال مدريد الجماعية    طرح بوستر عرض الملك وأنا وافتتاحه على مسرح البالون..الأحد المقبل    خلال 6 أيام منذ طرحه.. "فى عز الضهر" لمينا مسعود يحصد 2.5 مليون جنيه    معهد التخطيط القومي ينظم المؤتمر الدولي السنوي حول «الابتكار والتنمية المستدامة»    وزير الإسكان يتابع موقف منظومة الصرف الصحي بمدن شرق القاهرة    محافظ المنوفية يفتتح مركز الثقافة الإسلامية التابع للأوقاف    وزير التعليم العالي يعقد اجتماعًا مع رؤساء الجامعات الأهلية الحكومية الجديدة (التفاصيل)    محافظ مطروح يهنئ الرئيس السيسي بالعام الهجري الجديد    «مش النهاية وبداية عهد جديد».. الشناوي يوجه رسالة اعتذار لجماهير الأهلي عقب توديع المونديال    الأهلي يتلقى عرضين لرحيل وسام أبو علي    بنسبة نجاح 78.81%.. اعتماد نتيجة الشهادة الإعدادية بالأقصر    الثانوية العامة 2025.. "التعليم": التعامل بحزم مع محاولات الغش في الامتحانات    أمن المنافذ يضبط 28 قضية أمن عام وهجرة غير شرعية خلال 24 ساعة    إصابة عاملين إثر سقوطهم من اعلي مأذنة مسجد بالمنيا    حملات أمنية لضبط تجار المخدرات والأسلحة النارية غير المرخصة بأسيوط وأسوان ودمياط    ضبط 10 آلاف قطعة لوليتا فاسدة ومخازن مخالفة في حملة رقابية ببني سويف    ارتفاع أسعار الدواجن بأسواق الإسكندرية.. الفراخ البيضاء تصل ل100 جنيه للكيلو    إزالة 10 تعديات على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة ضمن الموجة 26 بالشرقية    هكذا نعى أحمد الطاهري وفاة والد تامر عبد المنعم    الليلة.. تامر عاشور يحيي حفلا بمهرجان موازين    رئيس الوزراء يستعرض مع رئيس "برجيل القابضة" أوجه التعاون في مجال زرع النخاع    رئيس "المستشفيات التعليمية" يقود حملة تفتيش ب"أحمد ماهر" و"الجمهورية" لرفع كفاءة الخدمة    قافلة طبية للكشف على نزلاء مستشفى الصحة النفسية في الخانكة    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية في محافظة قنا ضمن زيارة ميدانية    بالفيديو.. أستاذ علوم سياسية يكشف أسباب عدم التدخل الروسي في الحرب الإيرانية الإسرائيلية    "حياتي ومغمراتي".. أحدث إصدارات القومي للترجمة    مستغلة الحرب على إيران.. إسرائيل تشدد قيودها على القدس    «مصر للطيران» تستأنف تشغيل رحلاتها الجوية إلى دول الخليج    البطريركان أفرام الثاني ويوحنا العاشر يزوران جرحى تفجير كنيسة مار إلياس بدمشق    متحدث عسكري عراقي: مسيرات استهدفت عدة مواقع وقواعد نتج عنها أضرار للرادارات    ليلة الرعب والخيبة | ترامب يخدع.. إيران تضرب.. بغداد تحترق.. الأهلي يودع المونديال    واشنطن بوست: ترامب دمر خطط «الناتو» بشأن أوكرانيا بضربة إيران    بدأت ب«فولو» على إنستجرام.. سلمى أبو ضيف تكشف طريقة تعرفها على زوجها    ضبط 1257 قضية في حملات ب مترو الأنفاق والقطارات ومحطات السكك الحديدية    تداول 10 آلاف طن بضائع و532 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    وزير البترول: وحدات التغييز الجديدة تعزز جاهزية البنية التحتية لتأمين الغاز خلال الصيف    المستشارة أمل عمار تشارك في المنتدى العربي من أجل المساواة بالجزائر    أفشة يعتذر لجماهير الأهلي بعد وداع كأس العالم للأندية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-6-2025 في محافظة قنا    تكرّيم 231 حافظًا لكتاب الله في احتفالية كبرى بالمراشدة بقنا    جامعة أسيوط تطلق بودكاست "أخبار جامعة أسيوط" باللغة الإنجليزية    «التضامن» تقر قيد وتوفيق أوضاع 5 جمعيات في 3 محافظات    داري وعطية الله يخضعان لكشف المنشطات بعد مباراة الأهلي وبورتو    أقوى 46 سؤالا فى الفيزياء لطلاب الثانوية العامة.. أفكار لن يخرج عنها الامتحان    السفير الأمريكى لدى إسرائيل يرحب بإعلان ترامب وقف إطلاق النار مع إيران    بوجبا يقترب من العودة إلى منتخب فرنسا    هل الشيعة من أهل السنة؟.. وهل غيّر الأزهر موقفه منهم؟.. الإفتاء تُوضح    تفسير آية | معنى قولة تعالى «وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي 0لۡكِتَٰبِ لَتُفۡسِدُنَّ فِي 0لۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ»    جماهير الأهلى تحفز اللاعبين بلافتات "أعظم نادى فى الكون"    غدا ميلاد هلال شهر المحرم والخميس بداية العام الهجري الجديد 1447 فلكيا    علاج الإمساك المزمن، بالأعشاب الطبيعية في أسرع وقت    عرفت من مسلسل.. حكاية معاناة الفنانة سلوى محمد علي مع مرض فرط الحركة    ذاكرة الكتب| التاريخ الأسود ل إسرائيل في اغتيال علماء الذرة العرب.. سميرة موسى نموذجًا    بروتوكول بين «الجمارك» وجامعة الإسكندرية لتعزيز الاستثمار في التنمية البشرية    سى إن إن عن مسئول إيرانى: إسرائيل تواصل الهجمات ولم نتلق مقترحات لوقف إطلاق النار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تسابيح ناجي للنسيان
نشر في أخبار اليوم يوم 21 - 01 - 2011

الكاتب محمد ناجي بدأ حياته شاعرا في السبعينيات ثم انتقل للرواية، ليكتب خافية القمر ولحن الصباح ومقامات عربية والعايقة بنت الزين ورجل أبله امرأة تافهة والأفندي وليلة سفر وتسابيح النسيان التي أوقعنا معه في حيرة هل هي شعر منثور أم تأملات وجدانية أم فن جديد يصعب تسميته.
في حفل توقيع تسابيح النسيان قال ناجي : إن هذا الكتاب نثر ابن نثر ابن نثر.. وهو أيضا ذهني مباشر ليس فيه من اصطناع الخيال إلا قليلا مما يحلو به النثر. ولكن كان لابد من تقطيع السطور علي نحو خاص لإيضاح المعاني وفي ذلك ما يثير شبهة الشعر.. وأظن أن ذلك خرج بالنص إلي ما يمكن تسميته النثر المشعور.. وأصارحكم أنني أرتاح لهذه التسمية تجنبا للمشاكل."
وأضاف "مشروعي الروائي مازال ممتدا ويركز علي الأحداث والرؤي التي عاشها جيلي بما فيها من انكسارات ومن أحلام." وتابع متحدثا عن روايته المنشورة (خافية قمر) "تناولت الصراع الذي نعيشه بين الماضي والمستقبل .. و(لحن الصباح) صورت الأبطال العائدين من الحروب لتهزمهم تفاصيل الحياة اليومية القاسية .. (مقامات عربية) جدارية فانتازية تسخر من واقعنا العربي .. (العايقة بنت الزين) جدارية اجتماعية صورت ضياع الرؤي وانكسار الأحلام .. (رجل أبله.. امرأة تافهة) تناولت انعدام التواصل.. (الأفندي) رصدت ضياع دور الطبقة الوسطي ..(ليلة سفر) تناولت الشقاق الذي يدب بين عناصر الأمة.
"أما تسابيح النسيان فتأتي حاملة بين سطورها حالة من الوهج الإنساني ..
يقول الروائي الكبير تحت عنوان " تسابيح النسيان ":
آهِ أيّها النسيان
ستائرٌ مسدلةٌ طبقة فوق طبقة
لكل طبقةٍ لونٌ يحجب ما عداه
الرماديُّ ذو المخالب والأنياب
الأخضرُ ذو الأجنحة
الورديُّ المُطرَّز بالنهودِ والقُبلات
آه أيها النسيان
بأي الألوان ستغطِّي عيوني في المشهد الأخير؟

العيون التي اخْتزنت كلَّ المُدِن والوجوه
وأعادت ترتيبها علي نحوٍ تحبُّه
كيف ستكون إطلالتها الأخيرة علي الذاكرة؟

تلك اليقظةُ في عينيك تدفعني إلي النسيان
فيهما بريقٌ يكفي لرؤية أيامٍ كثيرة
دعيني أنجذب إليك
لتكون ملامحُك إسداليَ الأخير
انظريني طويلا
واختزنيني في ذاكرتك لأيامك الوفيرة المُقبلة

آه يا الحبيبة التي أكابدها
أتحسَّس فراقَها في لمساتها
هل أطمع أن تفسحي لي مكانا في أحلامِك
يسكنه شئٌ منِّي؟
أظنُّ أنه يمكن أن يبقي شئٌ ما
يسْطع علي شاشة نومك بين حينٍ وحين
شئٌ طفيفٌ جدا
مثل شعاع نجم غابر
ابتلعته ثقوب العتمة منذ زمنٍ بعيد

في هذا الوقتِ المُتأخِّر لم يعد هناك متسعٌ للكثير
قد أستطيع أن أستدرِج شفتيك إلي قبلة
أو أنصب الفِخاخ للمسات يديك
لأقيس بها الحرارة الباقية في جسدي
أو أستعيد معكِ مذاق الأحضان المُحبَّة
لكنني لا أستطيع أن أعدَ بفرحٍ يطول
فذلك الذي يتملْملُ في بدني متأهبا للإنصراف
ينبهِّني باستمرار إلي أنك تأخَّرتِ كثيرا
وأن الوقت قد حان
يقلق هدأتي القصيرة في أحضانك

كثيرون أولئك الذين يجرحون خلوتنا
تتحسَّبين أنتِ للأنفاس وحفيف الأقدام
دون أن تفْطِني لأولئك الذين يسكنون بصري
أغْمضي عينيك
وأسْلمي نفسكِ لطمأنينة القُبلات
ربَّما أستطيع أنا أيضا أن أُرْخي جفوني
وأتفادي أشباحا تطلّ خلف أحضانك

لا أستطيع أن أؤكد لك
لكن ربَّما يُمْكنني أن أَعِد
بأن أنتقي لكِ من ألبومات الذاكرة
لقطات أبدو فيها مبتسما وواثقا
وأن يكون طيفي في أيامك
حضورا لطيفا لا يجرح ولا يخلِّف شجنا

أتفادي أن تلْمسك برودةُ أناملي
وأنت خاشعة وفرحة
تزيحين أطراف شعرك
لأطوِّق عنقك بعقد الفيْروز المزيف
زرقةٌ بلاستيكيةٌ مشغولةٌ بإتقان
سماءٌ بلا نبض

ذلك وجه امرأةٍ محبَّة
تطأطئُ رأسها للأحزان المُقْبلة
تتكتَّم رعودها
وتبرق بابتسامةٍ محيرِّة
هل أستطيع أن أعدها
بأن أخون توقّعاتها؟

وهل أستطيعُ أن أخمِّن
بأي عينٍ ينظر الواقفون علي الشطوط
إلي تلك الخيالات التي تمَّحي في الماء؟

لأول مرةٍ أيّها الفارس
سيكونُ عليك أن تمضي وحيدا
دون زخرفٍ أو جلبةٍ وبلا صحاب
لن تُعِيرك امرأةٌ ذاكرتها
أكثرَ من المسافةِ إلي أحضان رجلٍ آخر
ولا يُمكنك أن تُحصي
اولئك الذين سيذْرِفون دموعا كثيرة
ليغْسلوا مخيِّلتهم من صورتك
ستمضي طويلا وبلا نهاية
خارجَ الزمانِ والألوان
عاريا إلا من الوحْشة
ويقول ناجي تحت عنوان "اعتذار العاشق"
اه يا الحبيبة
يا من غادرتِ زماني ومكاني إلي غير رجْعة
لو أستطيع أن أتيَقّن من الوصول إليك
لعبرت إلي هناك بقفزةٍ واحدة
لكنني أخشي أن تكون المتاهة
هنا علي الأقل شئٌ يدلُّ عليك
ورقة..
صورة..
كلمةٌ علي هامش كتاب
أغنيةٌ بأنفاس الذكري
شئٌ يساعدني علي أن أتنسَّم طيفك
أن أُؤكّد بحسمٍ أنه مرَّ من هنا
لكن من يضمن ما يمكن أن يجري هناك
في تلك العتمة التي ليس لها بدن
ما زلت أتذكَّر ذلك الإيقاع
الذي تمايلنا معه سويا
خلف نافذةٍ زجاجيةٍ مزخرفةٍ برسوم قلوبٍ صغيرة
في المطعم الفقير في حَيِّ "استقلال"
لم يكن البحر بعيدا
لكنه كان محجوبا بصفِّ من البيوت العتيقة
تماماً..
مثل حزنك المستور خلف شفتين مجعَّدتين بالوَهن
وقبلاتك الفوَّاحة بنكهة الفراق
( Those were the days my friend
We thought they d never end )
تلك كانت أياما يا صاحبي
لم يخطر ببالنا أن تنتهي أبدا )
كنا نهتزُّ سويا
ونحن نسبق الإيقاع والمعني بخطوة
وكل واحدٍ يخمّن في صمته
أنه المشهدُ الأخير

برفَّة جفنٍ واحدةٍ تدخلين المتاهة
آه يا الأخضر الفسيح
المظلّل برموشٍ اصطناعية
تداري الشعيرات الذابلة
التي تقصَّفت في عذاب الإشْعاع
الأخضرُ الذي يغْروْرقُ بشجن اللحن
ويقطرُ في خلسةٍ لا أجرؤُ أن أتلصَّص عليها
الأخضرُ الذي أسبحُ الآن في دموعه
***
عازف الأكورديون العجوز علي جسر "مرمرة"
ظلَّ يطاردُنا بحكمةٍ تقول:
( ثمَّة حزنٌ يُنسيك كلَّ الأحْزان
وثمَّة فرحٌ يُنسيك الدنيا كلها
لكنه لا يدوم )
لا أنا راغبٌ في هذا الحزن
ولا أظنُّك كنتِ راغبةً في مثل ذلك الفرح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.