أودعت محكمة الجنايات، برئاسة المستشار بشير عبد العال، حيثيات حكمها على زكريا عزمي، رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق، بالسجن 7 سنوات، وتغريمه مبلغ 36 مليون جنيه؛ لاتهامه بالكسب غير المشروع. وقالت المحكمة: "إن وقائع استغلال عزمي وتحقيق كسب غير مشروع على تلك الصورة قد استقر في يقينها بما شهد به شهود الإثبات، وما ثبت من تقارير خبراء إدارة الكسب غير المشروع، والإفادات والكشوف المقدمة من المؤسسات الصحفية، وإفادة مصلحة الأحوال المدنية بوزارة الداخلية."
وأضافت: "عند استعراض شهادة الشاهد نايف عبد الحميد، مدير عام قطاع الإعلانات بأخبار اليوم، من أنه قدم للمحكمة كشوفًا، تحمل خاتم مؤسسة «أخبار اليوم» تم توزيعها بمعرفة رئيس مجلس الإدارة، لشخصيات عامة للسنوات من 2009 وحتى 2011، تبين أن نوعية الهدايا المرسلة إلى المتهم الأول رابطة عنق وساعات ومشغولات جلدية، وتضمنت كشوف توزيع هذه الهدايا رئيس الجمهورية ونجليه جمال وعلاء، ورئيس وزراء سابق، ورئيس مجلس الشورى السابق، وعددًا من كبار المسؤولين بمؤسسة الرئاسة والوزراء والمحافظين".
وأوصت المحكمة، سلطات الدولة المختصة -فضلا عن القيام بواجباتها في سن القوانين وشرف الوظيفة العامة- اهتمام الجهات الرقابية والإدارية بمراقبة تطبيق تلك القوانين، بحسن اختيار أعضائها، وتخويلهم السلطات القيادية والفعّالة، وإجراء التحريات عن الجرائم، وضبط مرتكبيها دون تهاون أو تفريط أيًا كانت صفاتهم.
كما أشارت المحكمة عند استعراضها تقرير الخبراء، بشأن قطع الأراضي التي حصل عليها المتهم الأول بمنطقة البحيرات المرة بالإسماعيلية، إلى أنه تم تخصيص قطعة من الأراضي بذات المنطقة لبعض رجال المسؤولين ورجال الدولة؛ ومنهم زوجة عاطف عبيد، وزوجة علي لطفي، وزوجة كمال الجنزوري، وزوجة فتحي سرور، وزوجة صفوت الشريف، وزوجة محمد إبراهيم سليمان، وزير الإسكان الأسبق، واللواء مصطفى كامل، رئيس مباحث أمن الدولة الأسبق، وتبين للمحكمة وفقًا للبيان المرسل، أن هذه المنطقة كانت مخصصة لرجال الدولة فقط.
كما نوهت المحكمة إلى أنها لم تشأ أن تستخدم الحق المخول لها بالمادة 11 من القانون للتصدي، لما أثير بالأوراق من شبهات الاعتداء على المال العام من كبار المسؤولين بالدولة وآخرين، باعتبار أن هذه الوقائع محل تحقيقات بنيابة الأموال العامة وإدارة الكسب غير المشروع.
وذكرت المحكمة في حيثياتها، أن زكريا عزمي استغل سلطات وظيفته وصفاته النيابة والحزبية لتحقيق كسب غير مشروع، واستطاع منذ عمله كضابط بسلاح المدرعات بالقوات المسلحة في عام 1960، وتوليه مهام عمله كضابط بمكتب الحرس الجمهوري ورئاسة الجمهورية، ثم رئيس ديوان رئيس الجمهورية، أن يصبح محل ثقة مفرطة.
وأشارت المحكمة في حيثياتها إلى أنه بعد تبوأ مقعد رئيس الديوان في 22 مارس 1989، حتى تقديم استقالته في 2011، ذاع صيته باعتباره صاحب الكلمة المسموعة، وطوعت تلك الوظائف المدنية والصفات النيابية والحزبية للمتهم بأمر الحصول على الكسب الحرام، دون وازع من ضمير أو رادع من قانون، وساعده على ذلك الديكتاتورية السياسية والبيروقراطية الإدارية، فجعل سلطات وظيفته العامة وصفته النيابية والحزبية وسيلة للحصول على مكاسب غير مشروعة لنفسه ولزوجته، بهية عبد المنعم حلاوة، على حساب الشعب، وأيد ذلك أن المتهم بدأ حياته الوظيفية لا يملك من متاع الدنيا سوى دخله من الوظيفة العامة، ثم تزوج من بهية حلاوة (الخصم المدخل) عام 68، وأقام بمسكن مؤجر بحي مصر الجديدة، ولم يكن لها هي الأخرى مصادر للدخل؛ سوى دخلها من وظيفتها من مؤسسة الأهرام، التي التحقت بها عام 1977.
إلا أن ثروة المتهم تزايدت مع ارتقائه بالوظيفة العامة، واكتسابه الصفات الماضي بيانها، نتيجة ما اكتسبه من مال حرام، لاسيما بعد تبوئه منصب رئيس ديوان، رئيس الجمهورية، وتعامله في العقارات في أنحاء البلاد بيعًا وشراء، واتخذ لسكنه قصرا بمنطقة أرض المشتل بالقاهرة الجديدة، كما امتلك مصيفًا بالساحل الشمالي بالإسكندرية، ومشتى على البحيرات المرة بالإسماعيلية، وسيارات باهظة الأثمان له ولزوجته، إضافة لتضخم حساباته، إيداعًا وسحبًا ببنوك عدة؛ أظهرها البنك الأهلي المصري، والبنك المصري الأمريكي، وبنك كريدي أجريكول.
وأفادت المحكمة، أن عزمي حقق كسبًا غير مشروع له ولزوجته، بلغ ما أمكن حصره 36 مليون، 376 ألفا، 834 جنيهًا، نتيجة استغلال المتهم لأعمال وظيفته وصفاته النيابية والحزبية، ومنها حصوله بعد تدخله لدى محافظ الإسماعيلية الأسبق عبد المنعم عمارة، على مساحات من الأراضي بمنطقة أبو سلطان على البحيرات المرة بالإسماعيلية، بلغت إجمالها 12 قيراطا و8 أسهم وأقام عليها بناء على مساحة 130 مترا، بالمخالفة للقانون.
وأضافت الحيثيات، أن المتهم الأول تدخل لدى وزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان للحصول على 1725 مترا بمنطقة المشتل بمصر الجديدة، وهي منطقة متميزة، قدر الخبراء قيمتها ب10 مليون جنيه، وحصوله على شقة سكنية بالطابق التاسع والأخير على كامل سطح العقار، رقم 21 من شارع فريد بمصر الجديدة مساحته 458 م، رغم صدور قرار إزالة من حي مصر الجديدة لذلك الطابق والطابق الثامن، لإقامتهما بدون ترخيص.
وأوضحت حيثيات المحكمة، أنه حصل على الشقة رقم 2 ببرج كاميليا بسان ستيفانو بالإسكندرية مساحته 290 مترا، بسعر بخس لا يتناسب مع قيمته الفعلية، مستخدما علاقته الملتبسة بالشركة المالكة التي يرأس مجلس إدارتها هشام طلعت مصطفى، بالإضافة إلى الفيلا رقم 20 بمنطقة 15 بميرنا العلمين، نموذج الجوهرة، خلال عام 1997، من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وقطعتي أرض مساحتيهما 405 م من محافظة البحر الأحمر عامي 88 و92.
وذكرت الحيثيات، أن المتهم حصل على عطايا من بعض المؤسسات الصحفية القومية، اشتمل ما أمكن حصره منها على أشياء غالية الأثمان من مثل المجوهرات والعطور والساعات، فبلغت قيمة ما اكتسبه من الأهرام مليون و405 ألف و350 جنيها، خلال الفترة من 2006 حتى 2011، ومن أخبار اليوم 472 ألف و815 جنيها، ومن مؤسسة دار التحرير ما يقرب من 67 ألف جنيه، ليصير المجموع مليون 945 ألف 165 جنيها.
وأشارت الحيثيات إلى أنه ثبت بتقرير لجنة خبراء الكسب غير المشروع أنه بفحص عناصر الذمة المالية والعقارية والمنقولة الخاصة بعزمي وزوجته، طبقا لما انتهى إليه تقرير الخبراء الهندسيين، وبعد حصر كافة المبالغ التي حصل عليها من تاريخ التحاقه بعمله حتى تاريخ الفحص، وفي ضوء المستندات المقدمة في الدعوى، وفحص اعترافات المتهم الأول، والخصم المدخل، وما قدمه من مستندات، وبعد احتساب النفقة المعيشية لهما، فقد تبين للمحكمة وجود مصروفات غير معلومة المصدر مقدراها 8 مليون 781 ألف 773 جنيها، بالإضافة إلى 4 مليون و265 ألف جنيه، قيمة مفروشات وموجودات الفيلا.