سقطت البيئة من برامج مرشحي الرئاسة، ولم يهتم بهذا الملف من بين 13 يخوضون معركة الرئاسة سوى اثنين فقط، خالد علي وحمدين صباحي، مع تفاوتٍ في ترتيبها وسط الأولويات التي يطرحها برنامج كل منهما. خالد علي، وضع البيئة في المحور الثاني من برنامجه الانتخابي، لتأتي في المرتبة الثانية بعد الفلاح والنهضة الزراعية.
خالد علي.. البيئة أولوية قصوى
وتضمن الجزء الخاص بالبيئة في برنامج علي حديثا عن المخاطر التي تتعرض لها مصر من تآكل الأرض الزراعية مع محدودية المياه العذبة، وتدهور نوعيتها، وزيادة التلوث في النيل والبحيرات، والتغير المناخي، واحتمالية غرق أراضي الدلتا والسواحل الشمالية، وأشار إلى أن غياب الإدارة البيئية الرشيدة على المستوى القومي مع نقص التشريعات ونظم العقوبات وغياب المراقبة ونقص البرامج الدراسية المؤهلة لكفاءات علمية كانت وراء تدهور البيئة المصرية طيلة هذه السنوات.
ووضع البرنامج حلولا للحفاظ على البيئة بجميع مستوياتها: المياه، الهواء، الأراضي الزراعية وغيرها، وأولى حماية نهر النيل أولوية من خلال توطيد العلاقة مع دول حوض النيل في السياسة الخارجية، والتصدي لمحاولات ردم أي مساحات من النهر، سواء بمحاذاة الشواطئ أو بتوسيع الجزر، وكذلك منع صرف أية مياه ملوثة في النيل، ومنع إلقاء أية مخلفات ملوثة أو حيوانات نافقة في النيل.
كما تضمن برنامج خالد علي البيئي بندا آخر، هو الحق في بيئة نظيفة، ويؤكد أن الشرائح الأقل دخلاً هي الأكثر تأثرا بتدهور عناصر البيئة بشكل مباشر، نظرا لانعدام البدائل المتاحة لديهم، مثل مياه الشرب ومصادر الطعام والسكن، وبالتالي، فإنها الأكثر انتفاعا من تطبيق سياسة الاهتمام بالبيئة، مما يعني تحسن مستوى الصحة العامة للشعب، وبالتالي، تقل نسبة المبالغ الضخمة التي يتم إنفاقها على العلاج، والمشاكل الناتجة عن التلوث.
صباحي.. البيئة النظيفة حق لكل إنسان
ويأتى حمدين صباحي بعد خالد علي من حيث الاهتمام بالملف البيئي، ووضعه ضمن برنامجه الانتخابي بشكل واضح، حيث وضع الملف البيئي في المحور الثامن من برنامجه الانتخابي، تحت بند الحق في بيئة نظيفة، وينص هذا الحور على أن لكل إنسان الحق في العيش في بيئة سليمة نظيفة، لا تحمل أخطارا صحية، وتهيؤ مواردها وتصان على نحو يسمح له بحياة كريمة وتنمية متوازنة لشخصيته.
ويهتم برنامج صباحي ببرامج الصحة والإسكان والرعاية الاجتماعية والزراعة والصناعة والتعليم، وبحماية مياه نهر النيل من كافة أشكال التلوث وخاصة الناشئ عن الصرف الصناعي والصحي، وحماية الهواء من التلوث بأدخنة المصانع وذرات الأسمنت (حلوان وطرة)، وسحب الدخان ومخلفات حرق المواد الزراعية، ويتعهد البرنامج بإيجاد حلول لهذه المشكلات، وإدخال نظم تدوير المخلفات على نطاق واسع في كافة المدن، وإنشاء مشروعات شبابية مربحة لتشغيل الشباب في هذا المجال الذي يجب أن ينظر إليه كمصدر اقتصادي للدخل، بالإضافة إلى كونه مساهما في حماية البيئة.
كما نص برنامج صباحي على جعل الشارع المصري بيئة صديقة للمواطن، بتأمين مرور المشاة وإصلاح الأرصفة وإتاحة مساحات آمنة للمشي والتريض، وزيادة مساحات الحدائق كحق للمواطن المصري، والتوسع في بناء الجراجات، والالتزام الجدي بإجراء دراسات الأثر البيئي قبل إنشاء المشروعات، وتغليظ الرقابة والعقوبة للمخالفين.
الخبراء: نزيف المليارات لا بد أن يتوقف
وقال الخبير البيئي محمود يوسف: إنه "تم إهمال الملف البيئي لمعظم مرشحي الرئاسة لأنها ليست من ضمن الأولويات الرئيسية للشعب المصري، وهذا أمر خاطئ من الجميع، لأنه مهما كانت هناك أولويات مثل التعليم والصحة والاقتصاد، فلا بد من مراعاة البعد البيئي، لأنه سيعود بالنفع على جميع نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والصحية، وخالد علي هو المرشح الوحيد تقريبا الذي وضع البيئة ضمن أولوياته، وبرنامجه يشتمل على تحسين البيئة في شتى مجالاتها، ويضع حلول سهلة التنفيذ، لمشكلات قائمة بشكل كبير ونعاني منها على مدار سنوات طويلة".
وأضاف، "للأسف الشديد، أن خالد علي فرصه ضعيفة في الفوز، مما يعنى أن الرئيس القادم لا يضع البيئة في حساباته نهائيا، مما يزيد من الوضع سوء، ولا بد أن يستعين الرئيس القادم ببرنامج خالد علي في المجال البيئي، وتنفيذه لوقف نزيف المليارات التي تضيع نتيجة التلوث، والحفاظ على صحة المصريين، وتوفير هواء نقي وبيئة صحية، تعتبر أساس التقدم والنهضة، لأن البيئة الصحية تساعد على التقدم في باقي المجالات، وينتج عنها مواطن معافى صحيا وذهنيا".
وقال الربان محمود إسماعيل، رئيس الهيئة المركزية لإدارة الأزمات البيئية: "إن البيئة في مصر حقها مهدر بشكل خطير، وخاصة خلال 30 سنة الماضية، لأنها كانت تتضارب مع المصالح الشخصية لرجال الأعمال ورموز النظام السابق، لأن من مصلحتهم إنشاء المصانع المخالفة على حساب البيئة، وكان هناك زواج المال بالسلطة ما جعل إهمال الملف البيئي متعمد تحقيقا للمصالح الشخصية، وخاصة إنشاء المصانع الممنوعة عالميا، والتي تتسبب في أضرار صحية قاتلة، وتم إنشاءها دون دراسة، ودون مراعاة لآثارها الضارة".
وأضاف إسماعيل، "خلال الفترات الماضية كانت الثقافة البيئية معدومة من الناحية البيئية وكان لا بد أن يتم زيادة الوعي البيئي عن طريق المناهج الدراسية والإعلام والدورات والحملات، ولا بد أن يحدث هذا الفترة القادمة، لتعديل سلوكيات المواطنين، كخطوة أولى لزيادة التقدم البيئي، ونطالب رئيس الجمهورية القادم أن يهتم بالبيئة ويضع تصور لتحسين البيئة الصحية، وتوفير هواء نقي ومياه نظيفة، وانخفاض معدل الخسائر الصحية الناتجة عن التلوث، مما ينعكس على الوضع الصحي والاقتصادي، جراء توفير ملايين الجنيهات التي تنفق على علاج الأمراض الناتجة عن التلوث، وزيادة السياحة البيئية والاهتمام بها".