في اليوم الثاني من مهرجان كان يقدم فيلم "الصدأ والعظام"، للمخرج الفرنسي جاك أديار، درساً سينمائياً وينتزع التصفيق من نقاد المهرجان ومن نجومه. واستخدم الفيلم تقنية جديدة من خلال بتر ساقي بطلة الفيلم النجمة الفرنسية ماريون كوتيارد إثر تعرضها لحادث مروري، وتكمل أحداث الفيلم بساقين مبتورتين وكأن حالة البتر للساقين طبيعية.
والفيلم مأخوذ عن رواية "كريج دايفدسون"، وقام بتحويله إلى سيناريو المخرج نفسه بالتعاون مع السيناريست الفرنسي توماس بيدجين.
وحكاية الفيلم تبدأ حينما يجد الشاب علي نفسه (يقوم بالدور النجم الفرنسي ماثيو شوسنرات) عاطلاً عن العمل بعد أن ظل سنوات يعمل حارساً وهو لا يجيد غير الملاكمة والحراسة وممارسة الرياضة.
وهو فوق ذلك مسؤول عن تربية ابنه الوحيد (سام)، ولم يجد طريقة غير الانتقال من شمال فرنسا إلى جنوبها للالتحاق بشقيقته التي لم يرها منذ خمسة أعوام، فيجد مكاناً عندها وزوجها رغم ممانعة الزوج.
وفي هذا الجو تجد الأخت لشقيقها ولابنه مكاناً في مرآب مسكنها كما تبحث له عن عمل، ليعمل حارساً في أحد النوادي الليلية. وهناك وفي أول يوم عمل يجد نفسه داخل معركة بين شباب المرقص، تتعرض خلال هذه الاشتباكات فتاة ثرية الى الضرب ويقوم البطل بإنقاذها وينقلها إلى بيتها، ومن هنا تبدأ بينهما علاقة مبنية على المصالح وخالية من كل العواطف. بعدها ينتقل للعمل في أكثر من مكان ولكن دائماً كحارس لكن عينه تظل على القتال والملاكمة وكسب الرهان.
دلافين وبتر الأرجل وفي خط متوازٍ، نتابع حكاية تلك الصبية الثرية (ستيفاني) والتي تعمل في مجال تدريب الدلافين، وذات يوم تتعرض ستيفاني إلى حادث أليم حيث يسقط أحد الدلافين على إحدى المنصات وتصاب ستيفاني بعنف، فلا تفيق إلا وتجد أن قدميها قد تم بترهما.
وهنا تبدأ المرحلة الثانية من الفيلم، حيث يعمل البطل علي لمساعدتها من أجل الخروج من عزلتها النفسية. وبعد محاولات كثيرة يفلح في إخراجها من قوقعتها، فيخرجان مرة إلى الشاطئ تارة، ومرة إلى المرقص وغيرها من الأماكن العامة.
وبينما يواصل علي تدريباته وعمله مع عدد من منظمي حفلات غير قانونية للمصارعة الحرة والقتال الحر، وفي زحمة البحث عن الذات والاستقرار، يتم طرد شقيقته من العمل بسبب تورّطه بوضع كاميرات لمراقبة العمال الذي تعمل فيه شقيقته وهو مخالف للقوانين في فرنسا، فتقرر الأخت طرده من البيت.
وذات يوم يزوره زوج شقيقته مع ابنه، وهنا يحدث أن يسقط ولده في بحيرة جليد حيث كان يلعب، فيتدخل والده – البطل - لإنقاذه، ويضطر لتكسير يده لكسر الجليد حتى ينقذ ابنه.
وفي هذا المستوى تظهر العاطفة في حياة البطل علي، وفي الأثناء تتصل به ستيفاني صديقته لتسأل عن الابن، لحظتها يطلب منها البطل عدم إقفال الخط، ويخبرها بأنه يقرّ بمشاعرها نحوه. وينتهى الفيلم بلقاء علي وستيفاني والابن (سام) في رحلة للمشاركة في إحدى البطولات الرياضية.
فكرة الفيلم وفيلم "الصدأ والعظام" يقول الكثير، بل ينتقل أكثر من حدود الصورة إلى المعاني والمشاعر والأحاسيس. كما يحفل الفيلم بأداء رفيع المستوى للنجمة الفرنسية الحاصلة على جائزة "الأوسكار" عن دورها في فيلم "الحياة الوردية".
أما المخرج جاك أوديار فهو من مواليد باريس في 30 أبريل/نيسان 1952، وكانت انطلاقته مع فيلمه الأول "شاهد الرجال" 1994، ثم فيلم "نفس صنعت بطلاً" 1996. وكذلك فيلم "اقرأ شفتي" 2001. وأيضاً فيلم "الضربة التي حركت قلبي" 2005.
ثم تحفته المتميزة من خلال فيلم "النبي" 2009، الذي حصد بفضله الكثير من الجوائز، ومنها جائزة أفضل إخراج في مهرجان "كان" السينمائي كما ترشح لأوسكار أفضل فيلم أجنبي.