خسر منتخب مصر تاريخا ولم يخسر فقط أمام البرازيل فى بطولة القارات. خسر المنتخب تعادلا، وربما فوزا مستحقا على أبطال كرة القدم.. وهو ما كان سيسجل حتما فى تاريخ الكرة المصرية.. خسر نا بضربة جزاء صحيحة.. لكن كيف احتسبها الحكم الإنجليزى هاورد ويب؟! لقد أطلق الحكم صافرته محتسبا ركلة ركنية، ولم تصدر إشارة من مساعده على الإطلاق.. لكنه تراجع فجأة عن قراره، ويبدو أنه تراجع بعد أن أبلغه المساعد الرابع أن أحمد المحمدى تعمد إخراج الكرة بيده من المرمى، وذلك بناء على مشاهدته لإعادة اللعبة بالفيديو بواسطة جهاز المونيتور الذى يضعه بجواره خارج الملعب. وهذا يعنى أن الحكم أخذ بالفيديو ليعود عن قراره. وهو أمر لم يعتمده الفيفا رسميا.. فهل هو قرار صائب أم خطأ يستوجب حساب الحكم الإنجليزى؟! اللعبة ضربة جزاء بالطبع.. لكن العودة فى القرار هو الخطأ..! وقبل أن أتعرض لبعض التفاصيل الفنية فى المباراة التاريخية بجد، أتوقف عند مقال كتبه الصحفى جابريللى ماركوتشى فى جريدة التايمز الإنجليزية عقب مباراة البرازيل، والمقال عن محمد أبوتريكة، وتحت عنوان: «محمد أبوتريكة ينتمى إلى النخبة».. وقال: «ربما يمكن أن نعتبره أحسن لاعب فى تاريخ كرة القدم يحمل بكالوريوس فى الفلسفة ويزين بالشهادة حائط غرفة المعيشة فى منزله. لكنه بالتأكيد كان أفضل لاعب فى الملعب فى بلومفونتين بجنوب أفريقيا. لقد رفض أبوتريكة كل عروض الاحتراف فى أوروبا، وهو أمر يدعو للعجب، لأن لاعبى العالم جميعا يحلمون بذلك. إلا أنه سعيد بما هو فيه، وببقائه فى الأهلى. ربما يعد أبوتريكة سمكة كبيرة فى بركة ماء صغيرة. لكنه ساعد منتخب مصر على الفوز بكأس أفريقيا مرتين. لكن ياترى هل هو لاعب «خواف» غير طموح أم أنه متمسك بسعادته التى حققها وسط مشجعيه وأهله ووطنه؟!». المهم أن تلك الفرحة العارمة بالأداء، والتى وصفها البعض بأنها أغرب فرحة بهزيمة، تدعونا للسؤال: لماذا لم نلعب هكذا.. أمام الجزائر؟! كل التوصيفات والتحليلات الفنية سقطت فى مباراتنا مع البرازيل.. واختصرها فيما يلى: 1 لعبنا أمام البرازيل برأس حربة واحد وهو محمد زيدان، وكانت القدرة الهجومية رائعة.. ولكنها لم تكن كذلك أمام الجزائر، مع أننا لعبنا برأس حربة واحد هو عمرو زكى.. إذن المشكلة ليست فى تكوين الفريق واللعب برأس حربة واحد أو برأسين، وهى قضية أزلية ومستهلكة.. وإنما فى القدرة على صناعة مساحات والتحرك فى تلك المساحات.. وموقف المنافس من السماح بتلك المساحات؟ 2 لعبنا بمحمد شوقى وحسنى عبدربه وأحمد حسن فى وسط الملعب.. وتألق شوقى وتأرجح عبدربه.. وحسن.. لكن الفريق امتلك الوسط من نجوم البرازيل وكانت نسبة الاستحواذ لمصر فى الشوطين أكبر من نسبة استحواذ منتخب السامبا.. وهو أمر يعود إلى غياب الضغط من جانب البرازيليين لاسيما فى الشوط الثانى، وليس كما فعل الجزائريون فى الشوطين، وتحرر المصريون من العبء النفسى بعد إحراز كاكا للهدف الأول.. فلعبوا كما يريدون وكما يجب لأنه لايوجد مايخسرونه..! 3 جرى أبوتريكة فى هذه المباراة ما يقرب من 11 كيلومترا، وجرى محمد زيدان بنفس المعدل، وكذلك شوقى ومعوض، وهى معدلات جرى مرتفعة.. فهل قفزت لياقة اللاعبين فجأة إلى أقصى معدلاتها؟!، هل اختفى الإرهاق فجأة؟!.. هل صغر سن أبوتريكة فجأة؟! ماهو التفسير؟! لايوجد تفسير فنى.. وإنما نفسى. فالمنتخب حين لعب مع الجزائر كان مطالبا بالفوز وهو يلعب هناك خارج أرضه فى البليدة، وقد سافر وسط ضغوط رهيبة، أبسطها العودة بانتصار على الرغم من حساسية اللقاء، من أجل كأس العالم، بينما أمام البرازيل لم يكن المنتخب مطالبا بالفوز على أحسن فريق عرفته كرة القدم. كان مطلوبا من لاعبينا الخروج بأقل قدر من الخسائر.. وهو ما شجعهم على إخراج ماعندهم من مهارات وإبداع لدرجة الاستمتاع باللعب، وهو أمر لم يحدث أمام الجزائر! 4 أضيف هنا نقطة توضح أن اللاعب المصرى يفقد تركيزه وقدراته ومهاراته أمام الضغوط.. فقد فازت مصر بكأس الأمم عام 1998، لأن الفريق لم يكن مطالبا بالفوز بها.. وكذلك فاز ببطولتى 2006 و2008 لنفس الأسباب، وراجعوا الصحف ووسائل الإعلام قبل البطولتين للتأكد من الجو العام الذى أحاط بالفريق.. بينما فازت مصر ببطولة 1986 على أرضنا بشق الأنفس، بسبب الضغوط.. نحن فريق يخشى من الضغط النفسى!. 5 هناك مشكلة فى خط الظهر، الذى لا يجيد التعامل مع الكرات العرضية العالية والكرات الثابتة، وهى مشكلة أطوال لاعبين، ومشكلة تمركز لاعبين.. بجانب مشكلة ثالثة وهى سرعات لاعبين.. ومشكلة رابعة.. وهى فقدان الحضرى للثقة فى نفسه.. فالهدفان الثانى والثالث من كرتين ثابتتين، وكرات الجزائر وزامبيا الخطرة كانت عرضية عالية تأثرت فيها قدرة الدفاع بقصر القامة، أو عميقة بسبب سوء التمركز، أو نقص السرعة!. الخلاصة: نلعب ونتألق بعيدا عن الضغوط والتوتر والعصبية.. وكل التحليلات الفنية تبدو انفعالات وقتية. وكل الآراء التى انتقدت الجهاز الفنى واللاعبين بأحكام مطلقة تبدو هى الأخرى انفعالية.. وأتعجب كيف لم نتعلم جميعا الفلسفة والحكمة..من المنتخب المصرى، ومن اللاعب المصرى، ومن كل فريق مصرى؟! لو فكرنا قليلا فيما يفعله بنا هؤلاء.. سنكون جميعا سقراط؟! درجات اللاعبين ** عصام الحضرى (4)، هانى سعيد (6)، وائل جمعة (7)، أحمد سعيد أوكا (6)، أحمد فتحى (7) سيد معوض (7.5)، محمد شوقى (8)، حسنى عبدربه (5)، أحمد حسن (5،5)، محمد أبوتريكة (9)، محمد زيدان (9)، أحمد عيد عبدالملك (7)، أحمد المحمدى (6 + 1 لأنه تصدى لهدف أكيد بيده!).