ومن الذي لا يحب ليلى؟!..صورتها بالكوفية الفلسطينية والكلاشينكوف مازالت حية فى الأذهان خاصة بين الشباب فى أواخر الستينيات وعقد سبعينيات القرن العشرين، إنها ليلى خالد أيقونة الكفاح الفلسطيني من أجل الحرية ونموذج المرأة المقاومة والتى صدر عنها كتاب مؤخرا بقلم الكاتبة والصحفية البريطانية سارة إيرفينج. وهذا الكتاب الجديد الصادر بالانجليزية بعنوان "أيقونة التحرير الفلسطينى" يروى قصة ليلى خالد بلسانها، فضلا عن شهادات لشخصيات أخرى متعددة من بينها أصوات انتقدت أسلوبها فى الكفاح المسلح، بينما بقت قصة فلسطين ككل حاضرة عبر الكتاب الصادر عن دار "بلوتو برس" للنشر فى لندن.
وعادت إيرفينج فى كتابها للطفولة المبكرة لليلى خالد التى نزحت مع عائلتها من مدينة يافا تحت وطأة الهجمات الاسرائيلية قاصدة مدينة صور اللبنانية لتبدأ رحلة العيش خارج الوطن والوقوف فى صفوف اللاجئين أمام مكاتب الأونروا التابعة للأمم المتحدة.
وكغيرها من أطفال اللاجئين الفلسطينيين حينئذ اقترن فقد الوطن بالحرمان من أبسط متطلبات الطفولة واللهو البرىء، رغم أن ليلى خالد-كما يوضح هذا الكتاب الجديد- كانت طفلة متقدة الذكاء وتتسم بالجرأة والوعى المبكر.
وفى باكورة شبابها انضمت ليلى خالد لحركة القوميين العرب ثم انتقلت للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقيادة جورج حبش ووديع حداد الذى تعبر عن تأثرها البالغ بعطائه الكبير للقضية الفلسطينية حتى وفاته مسموما فى العراق.
ويعرض الكتاب للعمليات الفدائية التى شاركت فيها ليلى خالد وامتدت حتى لندن وروما وأمستردام وأثينا، ناهيك عن دمشق وعمان والداخل الفلسطينى، فيما كانت وهى شابة فى العشرينيات العضو الفاعل فى الوحدة الفدائية الخاصة التى حملت الاسم الدال "تشى جيفارا" ضمن التنظيم الذى انتمت له وهو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وهكذا أصبحت ليلى خالد ابنة يافا-كما يوضح الكتاب-رمزا من رموز الشعب الفلسطينى الذى تعرض لأقصى وأقسى عمليات القمع والنفى لحد الإدعاء بعدم وجوده حتى لم يعد أمام ليلى وأقرانها سوى خطف الطائرات لهز ضمير العالم وتذكيره بأن هناك شعبا اسمه شعب فلسطين وأن هذا الشعب تعرض لاغتصاب وطنه فى واحدة من أفظع جرائم القرن العشرين.
وإلى حد كبير يحق القول بأن قصة ليلى خالد هى قصة الشعب الفلسطينى وتحولات قضيته، فيما تحولت هذه الفدائية إلى ناشطة فى مجال العمل النسائى ومدافعة عن حقوق المرأة.
وكما تقول ليلى خالد لسارة إيرفينج :"فى الواقع العملى حققنا الكثير من الانجازات لأننا حملنا السلاح وبرهننا للرجال اننا قادرات على القيام بنفس ما يفعلونه". ورغم التحولات-يبقى حلم العودة ليافا والنوم تحت شجرة برتقال حيا ومتوهجا داخل ليلى خالد التى تستحق أكثر من كتاب.