تحل الذكرى العاشرة لاستشهاد "أميرة الكتائب" فتاة فلسطينية عاشت في مخيم "الدهيشة" للاجئين الفلسطينيين بالقرب من بيت لحم، وهي الرابعة بين أخواتها السبع وإخوانها الثلاثة، عُرفت بتفوقها الدراسي؛ واجتهادها بين بنات جيلها.
الاستشهادية آيات محمد لطفي الأخرس، شابة فلسطينية من مواليد 20 فبراير 1985م.. أقدمت الفتاة ذات السبعة عشر ربيعًا على تفجير نفسها في أحد المراكز التجارية بمدينة القدسالمحتلة، في عملية استشهادية يوم 29 مارس من العام 2002، لصالح كتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة فتح، وعلى الفور قامت قوات الاحتلال بهدم منزل عائلتها واعتقال عدد من أشقائها، هذا إلى جانب احتجاز جثمانها في مقبرة الأرقام حتى الآن. وهي العملية الثالثة من نوعها، كون من نفذها كان فتاة وليس شابًا.
وبهذه المناسبة وجهت عائلة الشهيدة آيات الأخرس، نداء مناشدة لكافة المؤسسات الحقوقية الدولية والمحلية العمل من أجل استرداد جثمانها، والعمل على دفنها في ظروف ملائمة وتتناسب مع الأعراف والعادات، وحسب تعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
ذهبت آيات مع زميلاتها في يوم الجمعة إلى المدرسة، وكان ذلك ضمن دروس تعويضية أقرتها مديرة المنطقة التعليمية نتيجة للتأخير الذي نتج عن الاجتياح الإسرائيلي للمدينة قبيل أيام، وفي نهاية الدرس خرجت آيات مع زميلاتها لتعود للمنزل، لكن آيات توقفت لتسلك طريقًا آخر، فسألتها صديقتها إلى أين؟.. ولكنها اكتفت بمعانقتها دون أن تجيب وكأن ذلك كان بوحًا بجزء مما تكتمه.
كانت آيات قد قررت أن ترتدي بدلة الجندية والكوفية الفلسطينية لتنفذ عملاً تعتقد أنه سيشفي صدور أمهات الأطفال التي داستهم دبابات الإسرائيليين، وهي التي كان منتظرًا بدلاً من ذلك أن ترتدي بدلة عرسها الذي كان متوقعًا أن يكون في يوليو 2002م.
من كلمات زوج آيات المنتظر: "كانت أحب إليّ من نفسي، عرفتها قوية الشخصية، شديدة العزيمة، ذكية، تعشق الوطن، محبة للحياة، تحلم بالأمان لأطفالها؛ لذلك كان كثيًرا ما يقلقها العدوان الصهيوني"... "خططنا أن يتم الفرح بعد إنهائها لامتحانات الثانوية العامة هذا العام، لكن يبدو أن الله تعالى خطط لنا شيئًا آخر، لعلنا نلتقي في الجنة، كما كتبت لي في رسالتها الأخيرة".
آيات التي ودعت زميلاتها وقد ملأت عينيها الدموع، قالت لهن: إنني أريد إنجاز عمل. ولم تفصح عن هذا العمل، فكتبت آيات ورقة ورفضت الكشف عن مضمونها وأوصت إحدى زميلاتها المقربات منها، أن تأخذ هذه الورقة وأن لا تفتحها إلا بعد يوم.. لقد تضمنت تلك الورقة وصيتها.
قامت آيات بحمل حقيبة مملوءة بالمتفجرات وتوجهت إلى أحد شوارع القدسالمحتلة وقامت بتفجير نفسها.
وفي الذكرى العاشرة لاستشهاد أيات الأخرس، قال عيسى قراقع- وزير الأسرى والمحررين: "إن إسرائيل تحتجز جثمان آيات وأكثر من 200 شهيداً في مقابر سرية داخل إسرائيل، وهذا الاحتجاز هو عقوبة لا أخلاقية للعائلة وللشهيدة ويخالف كل الأعراف الدولية والإنسانية والدينية"، حيث تتصرف إسرائيل كدولة فوق كل القوانين الإنسانية.
وقد فشلت كافة محاولات المحامين ومؤسسات حقوق الإنسان وأعضاء الكنيست العرب من استعادة جثمان آيات ليوارى في مسقط رأسها". واعتبر قراقع أن ظاهرة احتجاز "جثامين الشهداء ليست جديدة فهي تنفذ منذ عام 1967 ولكنها تصاعدت خلال انتفاضة الأقصى".
ونوه قراقع إلى أن إسرائيل "تحتجز الشهداء الفلسطينيين في مقابر جماعية غير معدة بشكل ديني وإنساني كأماكن للدفن، إذ تكتفي بدفن الجثامين في قبور بدون أضرحة وتثبت عليها لوحات معدنية تحمل أرقام، لهذا سميت بمقابر الأرقام لأنها تتخذ من الأرقام أسماء للشهداء".
مضيفًا أن "آيات تحتجز مع إخوتها من شهيدات فلسطين منهم: دلال المغربي، ودارين أبو عيشة، ووفاء إدريس، وهنادي جرادات، وهبة ضراغمة، وفاطمة أبو سالم، وغيرهن الكثيرات".
آيات فتاة فلسطينية أبت تحمل أذية المحتل ودباباته للأطفال في شوارع مخيمات اللاجئين، الذين شردهم من بيوتهم من قبل، وأقسمت على نفسها الطاهرة أن تكون هي الشظايا التي تنتقم لهم وتحررهم من ظلم دام أكثر من 60 عامًا، ولا زال جاثمًا فوق أحلام الصغار.
كتب الشاعر والأديب والدبلوماسي السعودي- غازي عبد الرحمن القصيبي، قصيدة الشهداء يثني فيها على الشهيدة. وأشاع بعضهم حينها أنها كانت سببًا لتدهور علاقاته الدبلوماسية في بريطانيا، فكان أن نقل من السفارة عائدًا إلى الوزارة، وذلك بعد نحو عام من نشر القصيدة.