أكد محمود جبريل، أول رئيس للوزراء في ليبيا، بعد ثورة 17 فبراير 2011، أنه بعد الثورة في تونس، كثرت المؤشرات عن خوف معمر القذافي، من ثورة مماثلة في ليبيا؛ حيث اختلق أحداثًا مرتبطة بمشاريع سكنية قيد الإنشاء، لنشر كتائبه في كل المدن الليبية. وفي حديثه ضمن الجزء الثاني من السلسة الخاصة بالثورة الليبية التي أعدها برنامج "الذاكرة السياسية" على قناة "العربية"، قال جبريل إن فكرة اندلاع ثورة ضده كانت ترعب القذافي وتطعنه بالصميم، إذ إنه كان يعتبر نفسه قائدًا لثورة عالمية.
وكشف جبريل أن أبناء الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، كانوا يتصارعون على المال، كما كشف أن سيف الإسلام حاول الاتصال به بعد أسابيع على اندلاع الثورة لتوكيله بمهمة تشكيل حكومة جديدة حقنًا للدماء.
وبعد ثورة 25 يناير في مصر، ازداد الذعر لدى النظام الليبي الأسبق الذي حاول إجهاض فكرة الثورة عبر رشوة الشباب، وتمويل مشاريعهم الاستثمارية، وإعطائهم السيارات بدون قروض، حسب قوله.
واعتبر جبريل أن الثورة الليبية اندلعت بشكل عفوي وغير مُخطط ولا يمكن لأحد الادعاء بأنه يمتلكها وقيادتها، مضيفًا أنه كان هدفها واحدًا، هو إسقاط النظام. وفي شأن النظام الذي يجب أن يخلف القذافي، فأكد جبريل أن هناك الكثير من وجهات النظر بين الليبيين.
وعند سؤاله عن تغيير نهج القذافي في العقد الذي سبق سقوطه، رد جبريل: "إن الوسائل تغيرت، إلا أن الهدف بقي نفسه وهو المحافظة على النظام".
وأكد أن الغرب اكتشف أن القذافي هو "كنز أمني بامتياز"؛ إذ إن نظامه كان يعطي الدول الغربية الكثير من المعلومات عن التنظيمات الإسلامية في المنطقة، كما أنه وبفضل شراسته قضى على التيار الإسلامي في ليبيا، قاطعًا بذلك الامتداد الإسلامي بين مصر من جهة، والمغرب والجزائر من جهة أخرى.
وأكد جبريل أن التيار الإصلاحي الذي كان يقوده سيف الإسلام لم يسهم بتهدئة الليبيين؛ لأن التغييرات التي حملها كانت وهمية، مضيفًا أنه بالعكس أسرع غليان الليبيين "لأن حتى المتمسكين بفكرة أن الإصلاح يكون من داخل النظام فقدوا الأمل من ذلك وانضموا للثورة".
تصارع بين أبناء القذافي وكشف جبريل عن تقاسم المهام بين أبناء القذافي للتعامل مع كافة الأطراف التي تسعى للتغيير في ليبيا، مضيفَا أن سيف الإسلام كان يلعب "دور الطاووس"، فيتباهى بأنه يملك القدرة على إحداث تغييرات، إلا أنه لم يكن يستطيع فعل شيء من دون موافقة والده.
وأشار جبريل إلى وجود حزازيات بين ولدي القذافي المعتصم وسيف، حيث كانا يقودان معسكرين متواجهين؛ معسكر المعتصم كان معسكر "الثورجية" والحرس القديم وله بعده القبلي. أما معسكر سيف فكان يستعين ببه أو يحاول إظهار نفسه على أنه يستعين بشخصيات منفتحة، ولها خبرات في شتى الميادين.
وشرح جبريل أن "الإخوة كان يتصارعون على المال"، وكان البغدادي المحمودي رئيس الوزراء الأسبق، الشخص الوحيد الذي يعرف أين مكمن الأموال الليبية، وكان يُعرف بولائه لسيف الإسلام.
وأكد جبريل أنه تم رسميًا رصد 168 مليارًا و800 مليون دولار من الأموال الليبية في الخارج، كما أن هناك بعض الأموال مسجلة باسم القذافي وأولاده وأسماء أشخاص آخرين، يتم اكتشافها يومًا بعد يوم.
واعتبر جبريل أن استعادة هذه الأموال مرتبط "بشطارة" الحكومة والمؤسسة الليبية للاستثمار التي كان يجب تسليمها لشخصية لها خبرة في مجال تعقب الأموال، حسب قوله. وأشار إلى أن عددًا لا يستهان به من الأموال الليبية قد ضاعت نتيجة خذل بعض الأشخاص الذين كلفوا من قبل المجلس الوطني، بإحضار الأموال الليبية من الخارج.
تكليف جبريل بتشكيل حكومة ومن جهة أخرى، أشار جبريل إلى أنه وبعد اندلاع الثورة حاولت عدة شخصيات مقربة من القذافي الاتصال به، لكي يتأكدوا من انضمامه للمجلس الانتقالي أو تسليمه مهمة تشكيل لجنة شعبية أو حكومة جديدة، لكنه رفض ذلك.
وعن محاولة سيف الإسلام الاتصال، عبرعدة شخصيات، بجبريل، رد على هذا الأخير، قائلاً إنه لا يرغب باتصال مباشر معه، وإن كان لسيف ما يقوله لجبريل فليوجهه للمجلس الوطني الانتقالي في بنغازي.
وكان الهدف من هذه الخطوة، هو إرغام سيف الإسلام على الاعتراف بالمجلس، لكن سيف الإسلام لم يتصل بالمجلس.