قالت صحيفة "غارديان" البريطانية، إن "تكوين لجنة الحقيقة والمصارحة في ليبيا لتترأس محاكمة سيف الإسلام القذافي هو أفضل طريقة لضمان محاكمة عادلة"، وشككت في قدرة مليشيات الزنتان أو المجلس الانتقالي الليبي، على تنظيم محاكمة عادلة لابن الرئيس الراحل معمر القذافي. ورأى الكاتب بنجامين باربر، في مقال نشرته الصحيفة، أن "المحاكمات النزيهة نادرًا ما تجد مكانها بين دخان المدافع، والمنتصر لا يكتفي بكتابة التاريخ بل يُصدر أحكامه أيضًا، وهذا هو السبب في أنني أفضل أن تترأس محاكمة سيف الإسلام القذافي، لجنة الحقيقة والمصالحة الليبية أو اللورد وولف، الذي قدم تقريرًا عن علاقة سيف القذافي بكلية لندن كطالب دكتوراه وجهة مانحة، ويجد فيها نموذجًا لمثل ما يرغب فيه المجلس من شمولية التحقيق، حيث من المتوقع أن تعد أطروحة القذافي وكتاب (المانفيستو) وما كتبه بعد ذلك عن معتقداته ومبادئه، سواء كان ذلك من أفكاره وكتبها هو أو كتبها له غيره، أشياء ذات دلالة لعواقب حقيقية في الحكم على صحة مبادئه الليبرالية". وتابع بنجامين باربر، إن "تقرير وولف يتضمن الكثير من التحذيرات في كيفية التعامل مع طلاب البلدان النامية الذين قد يصبحوا قادة، ولكن إذا كان اللورد وولف قد أوضح بشكل مناسب الحاجة لوجود رعاية أكبر بكثير في مثل هذه المسائل، إلا أنه قال بشكل واضح أيضًا، أن سيف القذافي كان له أفكاره الخاصة، وأكدت جامعة لندن مع هذا قرارها بعدم إبطال شهادة الدكتوراه، ونظرًا لأن الكثير من الشعور بعدم الثقة في موقف القذافي كمصلح وشخص ليبرالي قبل الثورة قد تم إرضاءه بأن درجة الدكتوراة كانت مزورة، فإن تأكيد الكلية بعدم إلغاء الدرجة يُعد هامًا جدًا، ففي الواقع، لم يكن هناك خلاف كبير حول ما كان يقوم به سيف القذافي في ليبيا، بغض النظر عما إذا كان هو الشخص الوحيد الصادق وقتها، أو ما إذا كان يقوم بتسجيل المواقف فقط". وشكك الكاتب البريطاني، في قدرة مليشيات الزنتان أو المجلس الانتقالي الليبي، على تنظيم محاكمة عادلة لابن القذافي، لتبقى "المحكمة الجنائية أقل الأماكن احتمالاً بسبب شكوك تدخل حلف شمال الأطلسي"، مشيرًا إلى أن "ليبيا يجب أن تحاكم سيف القذافي كي تحقق الانتقال الصعب من حالة الثورة أي قتل الطغاة إلى حالة الديمقراطية، أي بناء المؤسسات الحرة، وجعل الليبيين مواطنين أحرارًا، لكن مراجعة أعماله ودوره الخاص في الاستعداد لمواجهة المتظاهرين، بالإضافة إلى دراسته في مدرسة لندن للاقتصاد ومؤسسته الخيرية الدولية، وقيادته ائتلافًا إصلاحيًا ضم أعضاء رئيسيين في المجلس الانتقالي لاحقًا مثل محمود جبريل ومصطفى عبد الجليل، كل هذه الأمور يجب أخذها بعين الاعتبار، وبخاصة أن المجلس الانتقالي لا يأمل في إجراء تحقيق في دور سيف القذافي أثناء التمرد فقط، بل دوره في قضايا الفساد والتعذيب وإساءة استخدام أموال الدولة والقتل باسم النظام، ولهذا يجب أن نرحب بمثل هذا التحقيق الشامل". وأضاف الكاتب باربر، في مقاله " إن النموذج المثالي لهذا التحقيق هو لجنة وولف، التي نظرت في مسألة رسالة دكتوراه سيف القذافي فخلصت إلى أن الأفكار والمبادئ الليبرالية الواردة فيها تعكس أفكاره، وسواء كتبها بنفسه أم لا، فهي ذات أسس حقيقية للحكم على صحة ليبراليته، وأعتقد أن وولف يدعم وجهة النظر القائلة بأن سيف القذافي كان مفكرًا ومصلحًا ديمقراطيًا، واجه الخطر من أجل التغيير وأدخل أمثال عبد الجليل وجبريل إلى الحكومة، وقد واجه الخطر عام 2003 عندما ساعد على التفاوض من أجل تخلي ليبيا عن برنامج أسلحة الدمار الشامل، وقاد طرابلس إلى الانفتاح على الغرب، ثم ساعد في الإفراج عن الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني الذين كانوا معتقلين بتهمة زائفة وهي حقن 400 طفل بفيروس الإيدز، ولعب دورًا في تسوية موضوع لوكيربي، كما كان له جهد أساسي في الإفراج عن عبد الحكيم بلحاج الذي سجنه معمر القذافي بناء على طلب أميركي، وبلحاج هو الآن قائد مليشيات وكان في تنظيم القاعدة سابقًا"، مضيفًا أن "سيف القذافي رفض اللقب الذي أطلقه عليه الإعلام، وهو (وريث معمر القذافي)، مفضلاً دورًا يخضع للانتخابات". وأوضح الكاتب أن "الخلل لا يكمن في ما فعله سيف قبل الاحتجاجات، ولكن عندما تخلى عن جهود عقد كامل وتخليه عن الإصلاحات التي بدأها، ولكن رغم هذا فإنه اتجه إلى حكومتي تركيا وجنوب أفريقيا بحثًا عن حل سلمي يضمن تخلي والده عن السلطة وبقائه في ليبيا، لكن وقوفه في صف العائلة دمر الجهود التي بذلها، مضيفًا أن السؤال الأساسي "هو ماذا كان سيف القذافي يفعل أثناء المواجهات؟ هل كان دوره تشجيعيًا أم كان يُصدر الأوامر؟ فأخواه معتصم وخميس كانا يقودان كتائب دموية، لكن ماذا عنه؟، وعلى الرغم من أن سيف قد تجنب حتى الآن الانتقام منه بسبب والده، سواء عن طريق المحاكمات من قبل ميليشيا الزنتان أو أعضاء المجلس الوطني الانتقالي، إلا أن المحكمة الجنائية الدولية تعد على الأرجح هي أفضل رهان من أجل العدالة، رغم وجود مخاوف بشأن تأثير الناتو عليها، ولكنها الوقت نفسه تُعد الاختيار الأقل احتمالا.". وختم الكاتب البريطاني مقاله بأن "سيف الاسلام القذافي يستحق السجن على ما فعله أثناء الاحتجاجات والمواجهات، ولكنه كان إلى جانب الإصلاح والديمقراطية مدة عشر سنوات، وما لم تكن هناك أدلة دامغة على أوامر مباشرة منه بقتل المدنيين أو قيادة القوات المشاركة في القتل، فهو لا يستحق عقوبة الإعدام، فالشعب الليبي اليوم يصرخ من أجل العدالة، ولكن إذا كان عادلاً فسيدرك أن الحكم لن يكون بسيطًا في هذه القضية.