نقابة المحامين توضح إرشادات يجب اتباعها خلال استطلاع الرأي بشأن رسوم التقاضي    بعد الزيادة.. مصروفات المدارس الحكومية والتجريبية لغات بالعام الدراسي الجديد 2025- 2026 (لكل الصفوف)    وزارة التضامن تقرر إضفاء صفة النفع العام على 3 جمعيات    أسعار المانجو بسوق العبور اليوم السبت    رئيس الوزراء يتابع جاهزية الشبكة القومية للغاز الطبيعي لتأمين الإمدادات    وزير المالية: لا زيادة فى الضرائب بالموازنة الجديدة    «العمل» تطلق حملات للتأكد من التزام عمال «الدليفري» ب«الخوذة» في أسوان    افتتاح معرض الحرف التراثية والمنتجات اليدوية بالجيزة غدًا    استشهاد 21 شخصًا بقصف إسرائيلي بينهم منتظرون للمساعدات    الناشط الفلسطيني محمود خليل حرًا بعد احتجاز 3 شهور في الولايات المتحدة    الرئيس السيسي وملك البحرين يحذران من اتساع دائرة الصراع بين إيران وإسرائيل    تقرير| صن داونز على موعد مع التاريخ أمام بوروسيا دورتموند    إمام عاشور يغادر معسكر الأهلي المغلق في نيوجيرسي    منتخب مصر لكرة اليد للشباب يتأهل إلى الدور الرئيسي في بطولة العالم    البرازيل تتقدم بطلب رسمي لاستضافة كأس العالم للأندية    قرارات محافظ القاهرة بعد انهيار عقارات حدائق القبة    حبس المتهمين بتكوين تشكيل عصابي لتجارة المخدرات في الشرقية    إصابة 8 أشخاص في حدث تصادم علي طريق جمصة بالدقهلية    وكيل الأزهر يطمئن طلاب الثانوية بشأن امتحان الفيزياء: «تتم دراسة ملاحظاتكم» (صور)    رئيس وزراء صربيا يزور دير سانت كاترين بجنوب سيناء ضمن جولته في مصر    نجاح عملية زرع كبد لطفلة تحت مظلة التأمين الصحي الشامل بالأقصر    لتجنب الشعور بالألم.. كيف يعيش مرضى الضغط والسكري صيفا آمنا؟    البابا لاوُن الرابع عشر: حرية الصحافة هي خير عام لا يمكن التخلّي عنه    بداية جديدة وأمل جديد.. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة    بكين تعلن إجلاء 330 صينيا من إيران و400 من إسرائيل    بتكلفة تبلغ 100 مليون شيكل.. إسرائيل تعتزم إنشاء مئات الملاجئ (تفاصيل)    جامعة كفر الشيخ الخامسة محليا في تصنيف التايمز البريطاني    رسميًا.. اليوم بداية فصل الصيف في مصر (تفاصيل)    ضبط عددا من قضايا الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    تفاصيل الكشف الأثري الجديد بتل الفرعون في محافظة الشرقية    الجيش الإسرائيلى: عمّقنا ضرباتنا فى إيران وأكثر من ألف مسيّرة استهدفتنا    وائل جسار يُقبل عَلَم المغرب في حفله ب مهرجان موازين    "سينما 30" و"الإسكافي ملكا" الليلة بروض الفرج والسامر ضمن فعاليات مهرجان فرق الأقاليم المسرحية    «قصور الثقافة» تنظم أنشطة فنية وثقافية للأطفال احتفالاً ببداية الإجازة الصيفية    وزير الخارجية يبحث مع مجموعة من رجال الأعمال الأتراك سبل تعزيز الاستثمارات التركية بمصر    للعام الثاني.. حرمان طلبة الثانوية في غزة من الامتحانات    الإقالة تنتظر مدرب بورتو حال الخسارة من الأهلي في مونديال الأندية    لدعم استدامة الخدمات.. مجلس طب قصر العيني يوافق على تبرعات المستشفيات عن يونيو 2025    رئيس جامعة الأزهر: العقل الحقيقي هو ما قاد صاحبه إلى تقوى الله    انطلاق انتخابات صندوق الرعاية الاجتماعية للعاملين بشركات الكهرباء    حسام حبيب يشارك الجمهور التوزيع الجديد لأغنية سيبتك    مينا أبو الدهب يحتفل بخطوبته على فتاة من خارج الوسط الفني    محافظة الإسكندرية: استقرار حالة البحر ورفع الراية الخضراء    الصحة: عيادات البعثة الطبية المصرية استقبلت 56 ألفا و700 حاج مصرى    رسالة أمل.. المعهد القومي ينظم فعالية في اليوم العالمي للتوعية بأورام الدم    ديمبلي يزف بشرى سارة لباريس سان جيرمان قبل مواجهة سياتل ساوندرز    «خلوا عندكم جرأة زي بن شرقي».. رسائل من وليد صلاح الدين ل مهاجمي الأهلي    جامعة القاهرة تطلق من المعهد القومي للأورام رسالة أمل فى اليوم العالمي للتوعية بأورام الدم    منى الشاذلي تتصدر تريند جوجل بعد استضافتها نجل حسن الأسمر: "كتاب حياتي" يُعيد الجمهور إلى زمن الأغنية الشعبية الذهبية    الرئيس الأمريكى يعلن توقيع إتفاق سلام بين رواندا والكونغو    سعر الذهب اليوم السبت 21-6-2025 بعد تراجعه لأدنى مستوياته خلال 30 يومًا    الأمن يكثف جهوده لكشف لغز مقتل طبيب داخل شقته في طنطا    حكم صيام رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء توضح    بوتين: أتفق مع تقييم أوبك بشأن الطلب المرتفع على النفط    تركي آل الشيخ يكشف سبب إقامة "نزال القرن" في لاس فيجاس وليس في السعودية    مؤمن سليمان يقود الشرطة للفوز بالدوري العراقي    خطيب الجمعة بالأزهر: الإيمان الصادق والوحدة سبيل عزة الأمة الإسلامية وريادتها    شعائر صلاة الجمعة من مسجد السيدة زينب بالقاهرة| بث مباشر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشوارع الجانبية للميدان والمجتمع
رغم خلافات كثيرة بينهم.. أبطال القصة يلتقون فى ميدان جسَّد لهم حلم الحرية
نشر في الشروق الجديد يوم 23 - 03 - 2012

فى تقديمها للكتاب تربط د. نوال السعداوى بين الثورة والأدب قائلة «الثورة الحقيقية تغير الأدب والفكر والفن بمثل ما تغير السياسة، بل إن الثورة فى الفن والأدب والفكر هى الأقوى والأعمق والأبقى فى كل مكان وزمان»، فهذا الكتاب الذى يضم متتالية قصصية تحت عنوان «الشوارع الجانبية للميدان» الصادر حديثا عن دار الربيع العربى للكاتب الصحفى والناشط النسوى طارق مصطفى غير معنى برصد أحداث الثورة، لكن يظل مقترنا بما يعرف بأدب الثورة، فهو يرصد ثورات من نوع خاص فى حياة اشخاص استثنائيين، ربما يفضل المجتمع أن يتجنب ذكرهم أو الحديث عنهم فيهمشهم المجتمع فى الشوارع الجانبية؛ لأنهم خرجوا عن طوعه، تتجول بين قصصه فتشعر وكأنك تتجول فى الشوارع الجانبية لميدان التحرير وصولا إليه، كل قصة تقودك إلى الميدان بشكل أو بآخر وتصاحبها بورتريه لصاحبها يشبه جرافيتى الثورة فى الشوارع المؤدية إلى الميدان.

سبع عشرة قصة لسبعة عشر بطلا وبطلة هم ليسوا رموزا للثورة، لكن ثوراتهم الشخصية والمجتمعية إلى جانب صراعاتهم مع بعض الأعراف والتقاليد بدأت قبل حدوث الثورة بزمن، بعضهم نجح فى هدم بعض الجدران واستكمل هدم الحائط الأخير فى الميدان، والبعض هرب من المواجهة فاستسلم لتنميط المجتمع له، والبعض الآخر افاقته الثورة من يأس وعزوف على مواجهة النفس والمجتمع نتيجة لاختلافات تبدو صادمة للبعض، فاستعادوا أنفسهم التى انهكها الصراع.

يستسلم فادى فى «دوائر آمنة» لقهر أسرته ويتراجع عن أحلامه الاستثنائية بأن يعمل بالسينما فيقنع نفسه بأنه قد أصبح جزءا من المجتمع الذى طالما رغب فى التمرد عليه فيتحول إلى شخص تقليدى تماما ويبرر لنفسه عملا لا يحبه وحبيبة لا يحبها وحياة لا يرغب فيها وكى يهرب من مواجهة نفسه يوجد لنفسه بعض الدوائر الآمنة كحائط دفاع تمنعه من الخروج عن السياق والعودة إلى المواجهة التى أرهقته، وحتى حين تنشب الثورة يجد لنفسه مبررا لعدم المشاركة فيها، إلى أن يطرأ حدثا يخترق دوائره الآمنة، فيقرر تحدى والده ومجتمعه واستعادة نفسه. أما منى التى خضعت أيضا لسلطة الأخوة واستسلمت لها فى قصة «غرباء» منتظرة غريبا ثوريا قابلته بالمصادفة وأنقذته من الموت حين اختلست دقائق فى الميدان دون علم أهلها فصادف يوم موقعة الجمل، انتظرت أن ينقذها من نفسها المستسلمة لواقع فرض عليها بالسجن فى إرادة الأسرة المغايرة لأحلامها وحريتها وحتى رغبتها فى المشاركة بالثورة، فلا يأتى منقذها ولكنها تستطيع تغيير واقعها فى النهاية بشكل ما، أيضا فى قصة «أسود فى رمادى» حوار عابر بين ماريان وجار لها يضعها أمام حقيقة تتعلق برؤيتها لنفسها فعلى الرغم من اعتقادها الدائم بأنها مختلفة عن الآخرين إلا أنها تكتشف أنها تنظر لنفسها بعيونهم فتعيش فى دور ضحية لا يلائمها بل وتبذل جهدا كى تصبح على شاكلتهم كأن تفقد وزنا مثلا حتى تصبح جميلة بمعايير المجتمع، فلا تنجح فى ذلك فتشعر بالسوء تجاه نفسها، لكن ذلك الحوار العابر ينجح فى تغيير حياتها.

قصص عن الخوف الذى يفرضه ويربيه الأهل ومن ثم المجتمع مثل يوسف فى قصة «جيفارا المنصورة» الذى يعده الثوار فى الميدان واحدا من نجوم الميدان فى حين أنه خلف ذلك خوفا من أمه التى لا تعرف أنه يشارك فى الثورة، وأخرى عن قسوة المجتمع فى فرض قواعده التى لا يمكن لأحد الخروج عليها مثل قصة «عرش الرحمن» و«ملعقة ساخنة» فى القصة الأولى يقهر أحمد الطفل الذى لم يجاوز الخمس سنوات حين يفتضح أمره وهو يحاول مع صديق يكبره بخمس سنوات اكتشاف أجسادهما وأعضائهما الغامضة عليهما فيعاقب على الأمر بشدة تتسبب فى عقدة له مدى حياته، وفى القصة الثانية تحاول فدوى فعل نفس الأمر مع قريبة لها فتعاقب بلسعة بملعقة ساخنة فى فرجها.

يذهب بنا طارق إلى أكثر الحالات اختلافا عن المجتمع وربما صادمة له فيحكى فى قصة «ابن موت» عن البلطجى الذى يهابه الجميع ويقابل محمد الذى يسكن فى منطقته وهو يعانى ضعفا فى جسده فيمنعه والده من الخروج. عالمان متناقضان تماما لكن كل منهما يجد ما ينقصه فى الآخر فتنشأ علاقة مثلية بينهما تتحدى ما يحيط بهما من تقاليد، يرى محمد فى حمو «البلطجى» حريته التى يسعى إليها، ويرى البلطجى فى محمد الصدق والبراءة التى تنقصه، ينتقان إلى العيش معا ولكن محمد يموت بعد أيام، يحكى طارق درجة أخرى من الاختلاف فى قصة «كارمن شبرا» عن ليلى المستقلة القوية التى تركت أسرتها لتعيش وحدها فتعامل معها الرجال على أنها رجل مثلهم فهى ليست الشخصية الضعيفة التى تحتاج إلى المساعدة فدفعت ثمن ذلك فى علاقات فاشلة، بينما تعامل معها المجتمع على أنها عاهرة.

يلتقى جميع أبطال الكتاب فى الميدان الذى مثل لهم جميعا حلم الحرية، ربما تشاركوا جميعا فى اختلافهم عن المعتاد وإن بدرجات، وتشاركوا جميعا فى الصراع مع المجتمع بدرجات من الفشل والنجاح، يخرجون من دوافعهم الشخصية عبر الشوارع الجانبية للميدان وصولا إلى دوافع أعم وأشمل تضمهم وتضم ثوار آخرين لهم دوافع أخرى، فيبقيهم فى الميدان ما يواجهونه من قهر ومَن يتساقطون بجوارهم شهداء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.