مرة تصيب ومرة تخيب.. التعديلات التى تغلظ العقوبة على المحتكرين، وتعفى المبلغ عن جريمة الاحتكار من العقوبة، تواجه اختبارا قويا جديدا اليوم. المرة (الخائبة) كانت الغلبة للنائب أحمد عز رئيس لجنة الخطة والموازنة بالمجلس، تصيب أم تخيب هذه المرة؟ «نجحنا بشق الأنفس فى تمرير الموافقة على مناقشة تعديلات قانون تنظيم المنافسة ومنع الاحتكار فى اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب اليوم الاثنين مع موافقة من لجنة الاقتراحات والشكاوى بعد مرور أكثر من شهرين على تقديم الاقتراحات». كما جاء على لسان مصطفى بكرى عضو مجلس الشعب الذى يتوقع اليوم جولة جديدة من محاولات إجهاض هذه التعديلات لتلحق بسابقتها التى تقدم بها رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة العام الماضى. «سنواجه المحاولات المتوقعة من جانب الموالين للنائب أحمد عز والذين سيتم حشدهم فى اللجنة لمعارضة المشروع بكل الوسائل، وهناك تصميم هذه المرة من جانبنا لتمرير هذه التعديلات خلال الدورة الحالية قبل ختام الدورة البرلمانية فى نهاية الشهر لأن هذه المرة إذا نجحوا فى وقف التعديلات فسيبدو الأمر أقرب إلى الفضيحة»، على حد قول بكرى. ولكن البعض يردد أن النائب أحمد عز وراء تقديم تعديل على قانون الاحتكار مفاده تقليل العقوية على المُبلغ: فهل ترون أن هذه محاولة من «عز» لاسترضاء «رشيد»؟، سألته. «ليس فى الأمر أى استرضاء ولكن إذا صح تقديم هذا التعديل الهزيل فإن الأمر لا يعدو أن يكون محاولة لإجهاض التعديلات المقدمة من المعارضة والتشويش عليها»، يضيف بكرى. وكان مصطفى بكرى تقدم بطلب تعديل المادة 22 من قانون منع الاحتكار (والتى تقضى حاليا بتغريم من يثبت عليه جريمة الاحتكار بغرامة تبلغ فى حدها الأدنى 100 ألف جنيه وفى حدها الأقصى 300 مليون جنيه)، بحيث تصبح العقوبة، طبقا للتعديل المقترح فى حدها الأقصى مليار جنيه. وكذلك طالب تعديل المادة 26 من القانون بحيث ينص القانون على الإعفاء من العقوبة لمن يبلغ عن جريمة الاحتكار ويقدم أدلة كشفها فى أى مرحلة كانت عليها الدعوى. فى حين أن النص الحالى يقضى بتوقيع نصف العقوبة على من يبلغ عن الجريمة. وقد تقدم 9 آخرون من نواب المعارضة بتعديل مماثل إلا أنهم طالبوا بأن تكون غرامة من يثبت عليه جريمة الأحتكار 15% من قيمة مبيعات المنتج محل المخالفة أو دفع مليار جنيه كحد أقصى إيهما أكبر. التسويف.. تكتيك مكشوف ويؤكد حمدين صباحى أحد المتقدمين بالتعديل «أنه ليس لدى أمل كبير فى تمرير هذه التعديلات المهمة على قانون الاحتكار خلال الدورة الحالية التى هى على وشك الإنتهاء. لأنه على الأرجح ستتم المناقشات فى اللجنة الأقتصادية، ولكن يتم التسويف بعد ذلك بحيث لا تعرض على المجلس، هذا تكتيك مكشوف»، كما يقول صباحى. ويضيف أن المهم هو إبقاء هذه القضية فى ذهن الرأى العام. «ليس هناك شك فى أنه سيتم التجهيز لإجهاض هذه المحاولة الثانية لإدخال التعديلات على قانون الاحتكار مثل ما حدث مع وزير التجارة العام الماضى، ولكنى لست متأكدا من نوايا عز فى تقديم تعديلات على القانون من جانب نواب فى الحزب الوطنى، ولكننا سنقف ضد أى محاولات لإفشال التعديل»، يقول النائب جمال زهران، أحد المتقدمين بالتعديل. الجهاز آخر من يعلم وبالرغم من أنه تم بالفعل تحديد مساء اليوم لعقد اجتماع للجنة الاقتصادية بمجلس الشعب لمناقشة التعديلات المقدمة من نواب المعارضة والحزب الوطنى، فإنه لم يتم إبلاغ منى ياسين، رئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار بأى معلومات عن هذه التعديلات. وقالت «ليس لدى أى علم بهذه التعديلات ولم أدع لهذا الاجتماع، كما لم يصل لجهاز المنافسة أى معلومات رسمية تطلب رأيه فى هذه التعديلات، وفى كل الأحوال نحن نرحب بأية تعديلات على قانون المنافسة تزيد من قدرتنا على الوصول إلى مرتكبى هذه الجريمة، والتى هى بطبيعتها صعبة الإثبات»، تبعا لياسين. وأضافت أن التعديل الذى طرحته وزارة التجارة والصناعة على مجلس الشعب العام الماضى والذى لم يحظ بالموافقة أصبح الآن يحتاج إلى مزيد من التعديلات. «والحقيقة أن الأكثر عدالة، فى حالة معاقبة من تثبت عليه جريمة الاحتكار، هو تحديد العقوبة كنسبة من مبيعات الشركات المدانة بالاحتكار وليس كرقم مطلق للغرامة، حتى لا يتم المساواة بين الشركات الصغيرة والكبيرة. لأن الهدف بالطبع ليس إغلاق الشركات خاصة الصغيرة التى قد لا تتحمل الغرامات الكبيرة ولكن الهدف النهائى هو صنع سوق تتحقق فيها المنافسة»، تضيف ياسين. وبينما تغيب رئيسة الجهاز عن حضور اجتماعات اللجنة اليوم يحضرها هشام رجب مساعد وزير التجارة والصناعة للشئون القانونية.. «سوف أشارك فى اجتماع اللجنة الاقتصادية التى تعقد اليوم للتعبير على وجهة نظر وزارة التجارة فى مشروع التعديلات التى قدمها بعض نواب المعارضة فى مجلس الشعب لقانون منع الاحتكار والتى تلقينا صورة منها إلا أننا لم نتلق أى تعديلات أخرى من نواب الحزب الوطنى، ولم أسمع عن تعديل يتبناها النائب أحمد عز»، هذا ما أكده هشام رجب. وقال رجب: إن التعديلات التى يتبناها هؤلاء الأعضاء تكاد تتطابق مع التعديلات التى سبق أن تقدمت بها وزارة التجارة ولم تنجح فى تمريرها فى مجلس الشعب العام الماضى. وكان قد سبق وتقدم وزير التجارة بمشروع تعديل لقانون منع الاحتكار إلى مجلس الشعب يقضى بتشديد العقوبة على من يثبت عليه تهمة الاحتكار وتغيير العقوبة إلى نسبة 10% من مبيعات المنتج محل الجريمة، إلى جانب النص على إعفاء المبلغ من العقوبة. إلا أنه عند عرض التعديل على مجلس الشعب فى يونيو من العام الماضى. فى جلسة غاب عنها رشيد، تم إجهاض هذه التعديلات بتأثير قوى من النواب الموالين لأحمد عز. وأسفر التعديل عن فرض نسبة على المخالف، وتقرر رفع الحد الأقصى للعقوبة من 10 ملايين جنيه، كما جاء فى القانون. إلى 300 مليون جنيه، إلى جانب النص على إعفاء المبلغ من نصف العقوبة وجعلها جوازية وليست إلزامية. وجاءت هذه النتائج كتطور اعتبره المراقبون ضربة لرشيد دفعت البعض إلى ترديد شائعات عن استقالته، لم تتوقف إلا بعد عقد رشيد مؤتمرا صحفيا أقر فيه بحق مجلس الشعب فى إقرار التعديلات على قوانين الحكومة.