صدر حديثا عن المركز القومي للترجمة كتاب "أحزان الإمبراطورية .. النزعة العسكرية السرية ونهاية الجمهورية"، وهو الكتاب الذي يتنبأ بنهاية الإمبراطورية الأمريكية، ويقع في 429 صفحة للمؤلف البروفيسور تشالمرز جونسون. ويرى المؤلف أن فرض الهيمنة الأمريكية على العالم، هو شكل جديد لإمبراطورية كونية تحيط العالم بنظام واسع النطاق من القواعد العسكرية المزودة بأحدث ما أنتجته آّلة الحرب الأمريكية، حيث إن اعتماد واشنطن على الحلول العسكرية للمشكلات السياسية والاقتصادية، أدى إلى سيطرة النزعة الإمبراطورية على سلوك الولاياتالمتحدة.
ويدلل على هذا السلوك الإمبراطوري بدلائل، مثل خوض واشنطن للحروب الانتقائية والتدخل في الشئون الدولية وإنتهاك الشرعية الدولية دون العودة إلى الأممالمتحدة، وحتى إنتهاك الدستور الأمريكي في الشئون الداخلية وفرض عمليات التجسس والتنصت على المواطنين الأمريكيين، وغير ذلك.
ويحذر المؤلف من أن استمرار الولاياتالمتحدة في توجهاتها، سوف يعرضها لمخاطر تهاوي الجمهورية والإفلاس وازدياد كراهية العالم لها والتورط في حروب لا تتوقف وخسارة الديمقراطية والحقوق الدستورية، وهذا ما يسميها المؤلف جميعها ب "أحزان الإمبراطورية".
وبحسب المؤلف، فإن النزعة الإمبراطورية في السياسة الأمريكية، هي شكل من أشكال النظام الاستبدادي ،حيث إن أمريكا تنشر الديمقراطية على فوهة مدفع، و أي شخص فرضت عليه الديمقراطية بهذه الطريقة سوف يسعى حتما للانتقام.
ويؤكد المؤلف، أن شعور الأمريكيين بالتميز يجعلهم لا يدركون أن الولاياتالمتحدة تهيمن على العالم من خلال قوتها العسكرية ، حيث إنهم غالبًا ما يجهلون حقيقة أن حكومتهم تنشر شبكة واسعة من القواعد العسكرية على أرض كل قارة، وهذا ما يؤسس شكلا جديدا للإمبراطورية.
ويقول البروفيسور تشالمرز جونسون، إنه بعد هجمات 11 سبتمبر أعلن بوش ووزير دفاعه "محور الشر" الذي يضم أكثر من 60 دولة تؤوي خلايا القاعدة، وبهذا أصبحت هذه الدول أهدافًا مفتوحة للتدخل الأمريكي من جانب واحد، وقد سمحت وسائل الإعلام لنفسها بترويج عبارات معقمة مثل "الدمار غير المباشر" و"تغيير النظام" و"المقاتلون غير الشرعيين" و"الحرب الوقائية"، وكأن هذه العبارات كانت كافية لتبرير وإيضاح أفعال البنتاجون، وفي نفس الوقت كانت الحكومة تبذل جهودًا مضنية لحرمان المحكمة الجنائية الدولية من خيار النظر في أية اتهامات بإرتكاب جرائم حرب توجه إلى مسؤولين أمريكيين.
ويرى جونسون أن الولاياتالمتحدة وضعت على مسار لا يختلف عن مسار الاتحاد السوفيتي السابق في ثمانينات القرن العشرين، فقد انهار الاتحاد السوفيتي لثلاثة أسباب رئيسية هي، المتناقضات الاقتصادية الداخلية بدافع من الجمود الأيدولوجي، والتمدد الإمبراطوري، والعجز عن الإصلاح.
و لما كانت الولاياتالمتحدة أكثر ثراء فقد تستغرق وقتا أطول حتى تفعل الأمراض المماثلة فعلها.
وأضاف قائلا، ولكن أوجه التشابه واضحة، و يرى أيضًا أن هناك تطورًا واحدًا يمكن تصور أنه يستطيع إيقاف عملية التوسع هذه، وهو أن يستطيع الشعب السيطرة على الكونجرس وإصلاحه مع إصلاح قوانين الانتخاب الفاسدة التي جعلت منه منتدى للمصالح الخاصة، وتطهيره من فساده المتوطن، و يرى المؤلف أنه إذا لم يحدث هذا الإصلاح فإن القصاص والانتقام قادم لا محالة.
المؤلف تشالمرز جونسون، أستاذ غير متفرغ للعلاقات الدولية في جامعة كاليفورنيا في سان دبيجو، وكان مستشارًا لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية من عام (1967-1973)، وهو رئيس معهد بحوث السياسة اليابانية في جامعة سان فرانسيسكو، ألف عدة كتب أحدثها ثلاثية يتناول فيها الإمبراطورية الأمريكية.
أما المترجم فهو صلاح عويس ،عمل بإذاعة القاهرة كمذيع، ثم كبيرًا للمذيعين في إذاعة صوت العرب، كما ترجم وألف وأخرج عددًا كبيرًا من الأعمال الدرامية والبرامج الثقافية لمعظم الإذاعات العربية، وترجم أيضًا عددًا كبيرًا من الكتب السياسية والأدبية في الصحف العربية، ويعمل الآن محاضرًا بكلية الإعلام في جامعة مصر الدولية.