تستعد الفنانة الفلسطينية دلال ابو امنة لمشروع فني خاص ليشكل لها الخطوه الاولى في عالم الموسيقى الفلسطينيه الحديثه التي تحلم بتطويرها. "عن بلدي احكيلي"، مشروع غنائي يجمع بين نخبة من المبدعين الفلسطينيين من مراحل زمنية مختلفة..من ملحنين وشعراء لمعوا في الستينات وشباب في أول طريقهم الإبداعي.
ودلال فنانة تؤمن بالفن الانساني الملتزم المبني على الطرب الرفيع وتغني لله، للوطن وللانسان. شاركت في مهرجانات عالمية وعربية عديدة اهمها مهرجانات تآخي الشعوب في اسبانيا، والمانيا واليونان ومهرجان المدينة في تونس، ودار الاوبرا في مصر وقطر...وتحرص على ان تقدم سنويا للجمهور المحب لها عرضا موسيقيا بعنوان "كونسيرت طرب" تقدم فيه باقه من اجمل الاغاني العربية الكلاسيكية.
وتحكي دلال عن انطلاقتها الفنية "بدأت الغناء من جيل 13 عامًا، ثم احترفت الفن منذ جيل 16 عامًا، وتحديدًا في الصف العاشر، إذ بدأت العروض تنهال عليّ، شاركتُ في مهرجاناتٍ وطنية و دولية".
وتضيف الفنانة الفلسطينية "لم أكن يومًا أطمح أن أكون مطربة، كنت طوال فترة طفولتي طالبة مجتهدة، وأحصل على علاماتٍ ممتازة، فكان من المنطقي أن أختارَ موضوعًا جيدًا يستغل طاقاتي، هذا الاهتمام تحوّل إلى عشقٍ للعلوم، هو رسالتي وغايتي، من خلال أن أساهم في اكتشاف وسيلة علاجية مختلفة، تغيّر للأفضل حياة كثيرين، بينما لا يعرف كثيرون أنّ الفن شيءٌ مكمّل في حياتي، لا يقف على رأس أجندتي".
وتقول عن نفسها "انني أولاً إنسانة تعيش أدوارًا أخرى في الحياة، ويقف على رأس سلم أولوياتي دوري كأمٍ وكزوجة، ثم كباحثة، وبعد يأتي الفن..هذا لا يعني أنني لا استمتع في عالمي الفني، بل على العكس، أولوياتي لا تأتي من باب المقارنة بين المجالين، فلكل مجالٍ أهميته ورسالته، لكن برأيي الشخصي فإنّنا كمجتمع عربي وعالمٌ عربي ينقصنا الطاقات العلمية، ونحنُ بحاجة لتنمية هذا المجال".
وتتحدث دلال عن مجال تخصصها العلمي في علم الدماغ بحبٍ وشغفٍ كبيرين: "تخصصت في دراسة علم الدماغ منذ اللقب الأول وكنت أولُ فتاةٍ عربية أدرس هذا الموضوع في الجامعة العبرية، ثم تابعت اللقب الثاني في كلية الطب في معهد التخنيون، والآن أنا في المراحل الأولى للقب الثالث في نفس المجال، واخترتُ الموضوع البحثي الذي أحاول من خلاله إيجاد علاج لأمراض عصبية مزمنة كالزهايمر، وتصلب الشرايين اللويحي وللباركينسون، عن طريق وسيلة علمية ابتُكرت حديثًا يتم من خلالها السيطرة وراثيًا على الخلايا الدماغية من خلال الضوء".
وتضيف ان " عامل الصدفة الذي فرض وجودي في عالم الفن، وكأن الأمور تسيرُ مع التيار، بشكلٍ سلسٍ، دون أن أسعى إليه، فشاءت الظروف أن تدفعني إلى هذا العالم الجميل، الغناء، وهو مجالٌ مختلف، عاطفي، فني، خيالي وإبداعي مثلما الأبحاث هي أيضًا إبداع، ثم تكونت الأسرة وصارت الأمومة بالنسبة لي أهم رسالة يؤديها الإنسان، والمرأة على الأخص، فدورها في تربية الأجيال لتخرج سليمة من أجل أن يكون لنا استمرارية، وهي رسالة ليست سهلة، بل تتطلب الاهتمام الكبير بالتربية والعطاء، إنها حياتي التي أحبها".
وعن نشاطها الموسيقي وعروضها الفنية تقول دلال "في الحقيقة، أنا مقلة، وهذا أمر أنتقَد عليه، أنني لا أشارك بحفلاتٍ كثيرة، في فترةٍ ماضية كنت أشارك في الكثير من الحفلات. عندما كنتُ صغيرة، لكنني بعد فترةٍ من حياتي قررت أن أجلس مع نفسي وأخطّط لحياتي القادمة، خاصةً أنّ لدي أدوارٌ أخرى في الحياة لا تقل أهمية، ولا أريد أن أخسرها، فقررتُ أن أضع لنفسي مخططا ليتوازن في النهاية المسار الصحيح".
وتجيب عن بداية مشروعها الفني "يعاتبني كثيرون لماذا لا أغني لهم أغنياتي الخاصة، كثيرون قالوا لا نريد دلال التي تغني لأم كلثوم، نريد دلال التي تغني عن نفسها وعن بلدها".
وتضيف "وكنت قد وعدت نفسي ووعدتهم أن أكون أنا، 'عن بلدي احكيلي' بنفسي، وهي أغانٍ جزء منها عمره 10 سنوات من التلحين، حضرتها منذ مدة، لكنّ نجاحي في تأدية أغاني أم كلثوم والطرب، وفوق ذلك تعليمي وزواجي والإنجاب، جعلني أتأخر، وها هو الوقت الحاسم".
وتقول "قررت أن أقول'ستوب'، يكفي، وضعت نقطة في أول السطر، بعد ولادة ابنتي أخذت الوقت الكافي لأستريح وأفكر في المراحل القادمة من حياتي، أيام معدودة، ويأتي المولود الجديد، هذا المولود الذي أعتز به، وهو مِن اختياري، ولا أحملُ في نفسي أيُ حسرةٍ أو أسف إذا ما رفضتُ عروضًا مغرية مالية لا تُضيف لمسيرتي الفنية جديدًا، وفضلت الانتظار مِن أجلِ قادمٍ أفضل، وفي كلِ مرةٍ حاول البعض إغرائي بالمال الكثير والاسم الساطع والنجومية، فضلتُ أن أكون دلال التي يحبها الآخرون".
وتتحدث عن تحضيرات عرضها الغنائي "عن بلدي احكيلي""أستعد، بكل شغفٍ واهتمامٍ، لعرض 'عن بلدي احكيلي' واخترت أغنية فيروز لتتوج ولادة هذا العرض، تأكيدًا على انبثاقنا من زمن العمالقة، وتأكيدًا أنني لم آتِ مِن لا شيء، بل من مدرسة عظيمة، وما عرضي سوى استمرارية لرسالتي، وتأكيدًا على نفس الطرح من خلاله نحافظ على الأصالة ونجسد فنًا جميلاً يتبناه الجميع، هذه المدارس التي لا بد لنا جميعًا أن نمر بها ونتعلم منها، حتى يظهر أسلوبي الغنائي الجديد، مستندًا إلى فنٍ له تاريخ وركائز".
وتعد الفنانة الفلسطينية قائلة "أحاول في عرضي أن أُظهر أسلوبًا خاصًا وفكرًا موسيقيًا يخصني، ويميزني، من خلال أغانٍ لحنت لي، لصوتي وقدراتي، جزءٌ من الأغاني لُحن في الستينات ولكنه خُبأ لم يظهر للناس وظُلم فقررت أن انفض عنه الغبار وأعيده لأصالته للناس".
وتضيف "هناك أغانٍ لحنت خصيصًا لي عن طريق ملحنين شباب وشعراء كلهم يتحدثون عن البلد بالمفهوم الاجتماعي الإنساني الوطني، أغانٍ تتحدث عن العذراء في الناصرة، المبنى القديم يستحق مكانة خاصة، بما يحمله من تاريخٍ ورمزٍ دينيٍ كبير، ولدي أغنية عن المَعلم التاريخي الذي لم يُغنَّ له، وهناك أغنية عن الناصرة، ناصرتي، بلدي، وأغنية عن ربى الكرمل عن حيفا، عن القدس، وهناك أغانٍ ذات علاقة وتحكي عن العودة للطبيعة والابتعاد عن الآفات الاجتماعية المختلفة لدينا، اسمها "يلا معي"، أغاني أخرى مثل "رغم اللي صار"، تتحدث عن شيء مفهوم البلد الأشمل، الوطن، من خلال الوحدة الاجتماعية بين أطياف الشعب الفلسطيني، وهناك أغنية تتحدث عن قرية مهجرة، وأغانٍ أخرى أتركها مفاجئها، بعضها باللهجة العامية، وأغانٍ أخرى بالفصحى".
وعن المشاركين في مشروعها تقول دلال "سترافقني فرقة موسيقية بقيادة المايسترو والموسيقي كميل شجراوي، ولأول مرة تشاركني الحفل الفنانة الرائعة الحان أشقر حلو، ابنة الموسيقار مارون أشقر وسأغني بعضًا من أغاني والدها خلال العرض، وألحان عازفة بيانو ماهرة جدًا".
ويشاركها لؤي خليف عازف العود والبزق، وغسان زيتون عازف الغيتار التي كانت دلال تعتبرها غريبة عنها...كما يشاركها أيضًا العازف والملحن والشاعر بطرس خوري الذي سيشارك على آلة الرِق، وستغني دلال من أغانيه خلال العرض. كما يشاركها الفنان وسام عرام على الايقاع.
وتجيب الفنانة الفلسطينية حول ما اذا كانت فنانة ملتزمة فتقول "لكلمة ملتزم مفهوم واسع بالنسبة لي، ليس فقط على المستوى الغنائي، بل على مستوى اللحن الموسيقي، يهمني الحفاظ على الرقي في الاختيار، والالتزام بالمستوى الفني الموسيقي، الالتزام هو تقديم فنٍ محترم يعكس وجه المجتمع، يضيف له، لكنني لستُ مع أغنية الموسم، التي ترتبط بمناسباتٍ ثم تختفي بسرعة البرق".
وتقول "في عرض 'عن بلدي احكي لي'، مفهومٌ أوسع للالتزام، نتحدث عن جميع المشاعر الإنسانية والاجتماعية وليس بالضرورة السياسية والوطنية فقط".
وتجيب دلال تعن تاخرها في في التحرر من أم كلثوم قائلة "أنا التي حصرت نفسي، لا يضايقني، لكن برأيي هي عتبة لا بُد منها لكل مطربٍ أو فنان، إنها مدرسة كبيرة، ولا بد للفنان أن يطرق جميع المدارس التي من خلالها يكتسب الأدوات التي تناسبه، فمثلما هناك مدارس أم كلثوم وفيروز ووجدتُ فيهما ما يلائمني، هناك عمالقة آخرون، بينهم سيد درويش.
وتضيف ان "الذكاء ألا تترفع عن هذه المدارس، بل يمكن الاستفادة من فنانين حديثي العهد، فقد يستفيد البعض من نانسي عجرم، ما المشكلة؟! أنا شخصيًا تعجبني جوليا بطرس، وأفتخر بأغانيها وبفنها، ولا يكتمل الحديث إلا بالعودة إلى الجذور".
وترى ان "الاستناد إلى المدارس أمر طبيعي، وهو جواز دخولي إلى الجمهور، ولا يبتعد هذا الأمر عن فكرة الطالب الذي يتعلم كافة العلوم، وفي مرحلةٍ معينة، يبدأ بإظهار إبداعه من خلال رسالة الدكتوراة مثلاً، حيثُ يضع هو سؤال البحث الذي يهمه. أنا شخصيًا التقت عندي مرحلتا الفن والعلم معًا بنفس الوقت... صدفة لم أكن قد خططتُ لها، لكنها فعلاً تلخّص مقصدي".