«المجرم بالنسبة لنا معروف.. المجرم مش المحافظ، المجرم مش وزير الداخلية، ومش حنقعد كل مرة نسيب الحمار ونتشطر عالبردعة. إحنا عارفين إن المجرم هو الحمار». الجملة الشهيرة لنائب مجلس الشعب المستقل أثارت التصفيق والتشجيع حين قالها فى مؤتمر جماهيرى ببورسعيد عقب مجزرة مباراة النادى الأهلى والنادى المصرى التى راح ضحيتها أكثر من 70 ضحية.
هتف الحضور فى المؤتمر عقب جملة زياد «دى مش فتنة كروية، دى مذبحة عسكرية».
لكن التشجيع والتهليل من أهل بورسعيد قابله استهجان ونفور من زملاء العليمى فى البرلمان، الذين اتهموه بإهانة المشير محمد طنطاوى، خصوصا أن العليمى رد بصراحة وبعبارات لا تحتمل اللبس عن المقصود بالحمار فى الجملة.
زياد دافع عن نفسه أمام هيئة مكتب مجلس الشعب قائلا إن عبارته لا تعتبر إهانة للمشير، بل هى «مجرد وصف للمجاز الوارد فى المثل ليس أكثر»، مطالبا بإحالة مقطع الفيديو الذى يسجل الواقعة إلى المجمع اللغوى لتفسير إن كان ما قاله يقع تحت طائلة السباب.
حتى الآن لم يوافق مجلس الشعب على عرض الفيديو على مجمع اللغة، وهو ما يعتبره زياد العليمى إخلالا بحقه فى الدفاع عن نفسه.
محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، يقول إن العليمى من حقه عرض الفيديو الذى تسبب فى اتهامه، «لكى يتم النقاش معه والتحقيق معه وليس على أساس افتراضى وظنى».
يشرح الجمل حق الدفاع قائلا إنه «حق مقدس نصت عليه كل الدساتير، وأيضا فى الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية التى وقعت عليها مصر».
المقصود بحق الدفاع كما يشرح الجمل هو حق المتهم أن يدلى بأسانيده وأدلة براءته من أى تهمة موجهة له، ويؤكد الجمل أن مكتب هيئة مجلس الشعب عليه الالتزام التام بسماع كل الأدلة الشفهية التى يقدمها العليمى للدفاع عن نفسه.
«وإن حدث إخلال من اللجنة بحق الدفاع عن النفس، فهذا معناه بطلان قرار اللجنة وإمكانية الطعن فيه»، كما يؤكد الجمل.
يقول الجمل إن الطعن فى قرار مكتب مجلس الشعب يمكن أن يتم من خلال محكمة عادية لأن التحقيق يتعلق بإبداء الرأى خارج المجلس، أو من خلال القضاء الإدارى بمجلس الدولة لأن يتعلق بإجراءات داخلية لمجلس الشعب.
ولكن إن وافق مجلس الشعب على عرض الفيديو، فإنه سيجد أمامه تفسيرات لغوية مختلفة لما قاله زياد قد تنفى التهمة من أساسها. «المجاز يعنى كل شىء مش حقيقى»، والحديث لمحمد الجوادى، عضو مجمع اللغة العربية. الخبير اللغوى يقول إن التعريف الأبسط للمجاز هو أنه خيال، «ومادام الكلام بدأ بالمجاز، فكل ما هو بعده يندرج تحت بند الخيال»، كما يوضح الجوادى.
يستشهد الجوادى بالقرآن الكريم ليشرح طبيعة المجاز والتشبيه، فالقرآن ينص على «إن اللهَ لَا يَسْتَحيى أن يَضَربَ مَثلا مَا بَعُوضَة فَمَا فَوقَهَا»، ليدلل على أن طبيعة المجاز تسمح باستخدام كل الوسائل الممكنة لتقريب المعنى للجمهور المستهدف.
ويرى الجوادى أن استخدام المثل الشعبى «الحمار والبردعة»، هو وسيلة لتقريب المعنى المقصود للحضور، وهو مجاز ليس من المقصود به الإهانة.
يقول الجوادى إن المجاز يمكن فهمه بأساليب مختلفة، وأن استخدام العليمى لمثال الحمار والبردعة ممكن تفسيره بأنه فى الحقيقة «تعبير عن الاحترام الكبير والتعظيم والتبجيل للمشير، فالمثال يقصد به تحميل المشير مسئوليات الوطن الكبرى، ويدلل على مدى الثقة فى استطاعته تحمل كل هذه المسئوليات».
فى كل الأحوال، يؤكد الجوادى أن المجاز والخيال فى اللغة والأدب لا يترتب عليهما آثارا قانونية، «لو ظهرت ممثل فى فيلم على أنه مجنون، لا يعنى ذلك أنه مجنون فى الواقع»، وكذلك فإن الحديث إن بدأ بالأمثال الشعبية والتشبيهات والمجازات، فما يأتى بعده هو تفسير للمجاز وليس سبابا بالضرورة.
إن استطاع العليمى أن يقنع مجلس الشعب بعرض الفيديو على مجمع اللغة العربية، فإن المجمع سيقترح خبيرا يكون شاهدا فى التحقيق، ويقول فيها رأيه تحت القسم مثل أى شاهد.
«لكن رأى الخبير ليس ملزما للقاضى، بل هو مجرد استرشاد، وللقاضى أن يرفض رأى الخبير إن لم يقتنع به»، كما يؤكد الجوادى.