منذ أيام كتبت هنا عن حصانة نواب مجلس الشعب، وطالبت بإلغاء هذه الحصانة خارج البرلمان، تحت قبة المجلس وداخل لجانه يقول النائب ما يحلو له في حدود الآداب العامة والقانون، وخارجها هو مواطن مثل سائر المواطنين له ما لهم وعليه ما عليهم، لا تمييز ولا تفضيل ولا حصانة، وواقعة سب النائب الشاب زياد العليمى للمشير طنطاوى فى مؤتمر بمدينة بورسعيد، تدفعنا لإعادة الحديث مرة أخرى في مسألة الحصانة. استمعت أول أمس لكلمة النائب الشاب، والثابت فى التسجيلات قيامه بسب المشير عدة مرات، قال بالحرف: مافيش في مصر خروج آمن لمجرم ... وقال: المجرم اللي قتل الناس في الاستاد هو نفس المجرم اللى طلع بعدها(يقصد المشير عند استقباله فريق الأهلى بالمطار) وقال أنا مش عارف الناس ساكتة ليه ... وقال العليمى: إحنا مش هنسيب الحمار ونمسك في البردعة، إحنا عارفين إن المجرم هو الحمار ... وهتف الشباب : الشعب يريد إعدام الحمار ... ورداً على أحد الأشخاص بالمؤتمر سأل هو مين الحمار قال العليمى: الحمار المشير طنطاوي، وقد علق أحد الشباب في القاعة لزميله قائلا: ما هو معاه حصانة يا عم ... رد عليه زميله : مش هتعدى... وفى مداخلة للنائب الشاب مع الإعلامي معتز مطر ببرنامج «محطة مصر» أنكر العليمى توجيهه أية شتائم للمشير، وقال إنه استخدم مثل شعبي عن الحمار والبردعة، وأنه شبه الوضع في إطار هذا المثل الشعبي. قبل الحديث عن الواقعة نؤكد بداية أننا ضد الحكم العسكري، وضد فكرة تولى عسكري الحكم كان بالانتخاب أو بالانقلاب أو بالتوافق أو بالاستفتاء أو بوضع اليد، ونؤكد أيضا أننا مع التعجيل بنقل السلطة من العسكريين إلى رئيس مدني منتخب، ونؤكد كذلك أن العسكري وقع في أخطاء فادحة وكبيرة لقلة الخبرة ولسوء التدبير أو لغيرها، وأن العسكري يتحمل في رقبته دماء الشباب التي سفكت في ماسبيرو، ومحمد محمود، ومجلس الوزراء، وفى سائر المدن. هذا أولا: وثانيا إن واقعة النائب العليمى هذه تشير إلى أمرين، الأول: القاموس المستخدم على لسان بعض من يصفون أنفسهم بالقيادات الثورية، نظن أن بعض المفردات تحتاج إلى الحذف، كما تحتاج إلى ضبط وإلى العقاب، لأن الثورة التي تنتج هذه المفردات ليست ثورة ولا نريدها لأنها تهدم الأخلاقيات، وتقدم مثالاً سيئاً للثورات وللثوريين نحن في غنى عنه. الأمر الثاني: هو حذف كل المواد والفقرات التي تمنح نواب البرلمان في الدستور الجديد حصانة ضد تنفيذ القانون، فهو مثله مثل أي مواطن، لا حصانة له تميزه عن غيره، ولا سلطة لمجلس الشعب تتجاوز السلطة القضائية أو التنفيذية، من هنا يجب أن يخلوا الدستور القادم من أية حصانة تمنح للنائب أو للمجلس، على سبيل المثال المادة (99) من الدستور الدائم، والمادة (359) من لائحة مجلس الشعب: «لا يجوز في غير حالة التلبس بالجريمة اتخاذ أية إجراءات جنائية ضد عضو مجلس الشعب إلا بإذن سابق من المجلس. وفى غير دور انعقاد المجلس يتعين أخذ إذن رئيس المجلس. ويخطر المجلس عند أول انعقاد له بما اتخذ من إجراء»، نعتقد أن هذه المادة شاذة ويجب عدم إدراجها بالدستور الجديد، كما يجب إسقاطها من لائحة مجلس الشعب هي والمادة (360)، لأنها تحصن النائب ضد المساءلة القانونية وتعطل القانون وترهنه بموافقة رئيس المجلس في حالات عدم التلبس، لذا يجب أن تتخذ ضد النائب في حالة تجاوزه جميع الإجراءات المتبعة قانوناً مثل غيره من المواطنين، كان في حالة تلبس أو غيرها، وفى الحالتين يخطر المجلس ويحضر التحقيقات أحد الأعضاء والمستشار القانوني للمجلس. على أية حال واقعة النائب الشاب زياد العليمى يجب أن تكون بداية لتصحيح المسار، في الدستور القادم, وكذلك في لغة الحوار المسفة التي يستخدمها البعض هذه الأيام ممن ينسبون أنفسهم إلى الثوريين أو الائتلافيين أو غيرها من المسميات التي أفرزتها اعتصامات التحرير.