وصف المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، الحكم الذى أصدرته المحكمة الإدارية العليا بإحالة 3 نصوص من قانون مجلس الشعب إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل فى مدى دستورية منح الأحزاب حق منافسة المستقلين على ثلث المقاعد المنتخبة بالنظام الفردى فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وصفه ب«الخطير» و«الذى يكشف كم الأخطاء القانونية التى ارتكبت فى حق مصر خلال العام المنصرم». وأكد الجمل أن المحكمة الدستورية إذا أبطلت هذه النصوص، سيكون لزاما على رئيس الجمهورية أو من يحل محله إصدار مرسوم بحل البرلمان بالكامل، لأن إسقاط عضوية ثلث الأعضاء المنتخبين بالنظام الفردى فقط لن يحل الأزمة، كما أنهم يمثلون جزءا من الأغلبية البرلمانية التى انتخبت بنصوص معيبة دستوريا. من جهته قال المستشار كمال اللمعى، الرئيس السابق لمحاكم القضاء الإدارى، إنه «إذا حكمت الدستورية العليا ببطلان هذه النصوص فسيعنى ذلك تلقائيا سقوط عضوية ثلث أعضاء مجلس الشعب المنتخبين بالنظام الفردى، لكن انتخاب المجلس كله سيكون مصابا بالعوار، وسيصبح من المستحيل استمرار المجلس، خاصة أن بعض القرارات داخل المجلس تتخذ بأغلبية الثلثين». وأوضح اللمعى أن المحكمة الدستورية ستصدر حكمها وتفسر الطريقة السليمة لتنفيذه، وأن القرارات والقوانين التى قد تصدر عن مجلس الشعب فى الفترة القادمة، بما فيها تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، محصنة وغير قابلة للإلغاء، تنفيذا لحكم سابق أصدرته المحكمة الدستورية عام 1990 بشأن التشريعات التى صدرت عن مجلسى الشعب المنحلين عامى 1984 و1987.
وأشاد اللمعى بجرأة المحكمة التى أصدرت الحكم، وشدد على أن جميع المراسيم التى صدرت من المجلس العسكرى بعد استفتاء التعديلات الدستورية لم يتم إعدادها بصورة جيدة، وأن المجتمع يدفع ثمن إهمال قسم التشريع بمجلس الدولة المختص بمراجعة التشريعات قبل إصدارها، وعدم إحالة أى قانون له فى عهد المجلس العسكرى.
وحصلت «الشروق» على حيثيات الحكم، حيث قالت المحكمة برئاسة المستشار مجدى العجاتى، وعضوية المستشارين محمد ضيف ومنير عبدالقدوس، نواب رئيس مجلس الدولة، إن «المادة الثالثة من القانون رقم 123 لسنة 2011 اختصت مرشحى القوائم الحزبية المغلقة بثلثى مقاعد مجلس الشعب، وجعلت الثلث المتبقى مشاعا بين المنتمين لأحزاب والمستقلين، وهو أمر مشوب بشبهة عدم الدستورية، بسبب القسمة التى عمد إليها القانون».
وأضافت المحكمة أن هذه المادة والفقرة الأولى من المادة السادسة والمادة التاسعة مكررا «أ» من القانون تمثل انتقاصا من إطلاق حق الترشح المنصوص عليه فى الدستور، ويمثل اعتداء على مبدأى المساواة والتكافؤ بين مرشحى الأحزاب وغيرهم، بما لا يتحقق معه تعادل فرص الفوز والتمثيل النيابى، وفرضا للأفضلية لبعض المواطنين دون البعض الآخر، وبما يعقد السيادة الشعبية على نحو غير متكافئ لفئة دون أخرى.
وأكدت المحكمة أن هذه النصوص تمثل توجيها وإجبارا للمواطنين على إبداء آرائهم على نحو لا يحقق التعادل المنشود بين الحزبيين والمستقلين، خاصة أن الانتماء للأحزاب السياسية هو حق أصيل للمواطنين وليس واجبا مفروضا عليهم، أو مزية تجعل لأحدهم فضلا على الآخر، كما ترسخ واقعا ينتقص من فرص فوز المستقلين بمقاعد الثلث الفردى، فضلا عن استبعادهم من المزاحمة والتنافس على الثلثين المخصصين للقوائم الحزبية.