لا أدرى لماذا قفزت أمام عينى عدة مشاهد من أفلامنا الكلاسيكية وأنا أتابع قضية الفنان عادل إمام واتهامه بازدراء الإسلام، قفز أمام عينى واحد من أهم المشاهد فى تاريخ السينما والذى سجل حوارا فى منتهى البلاغة بين الفنانة الكبيرة فاتن حمامة والفنان الكبير محمود ياسين فى فيلم الخيط الرفيع حينما ثار بينهما جدل وطالبته بالزواج منها فرفض ودار بينهما هذا الحوار الذى بدأه محمود ياسين متوسلا: «انتِ اللى عملتينى.. انت اللى خلقتِ الإنسان الناجح دا.. وعلشان خاطر الإنسان اللى خلقتيه حفظى عليه وصونيه» فردت فاتن حمامة قائلة «وانا ايه نصيبى» فسارع ياسين ليقول لها «الخالق بيدى مابيخدش.. يكفيه عبادة خلقه وانا بعبدك» فما كان منها الا وقالت له «الخالق بيطلب من الناس انهم يعبدوه فى الجهر.. انت بتعبدنى فى السر»، فرد «العبادة فى السر أخلص العبادات» لتقول له «العبادة مش خطيئة.. انت بتعتبر حبك ليا خطيئة» ثم تأتى ذروة الحوار فيقول لها ياسين «مش أنا دا المجتمع.. مجتمع من الكافرين.. محدش فيه مؤمن بيك إلا أنا» وبهدوء قالت له «خليك نبى وانشر دعوتك» فرد مسرعا «مقدرش أكون نبى» لتسأله مستنكرة «ومين قالك إنى ممكن أكون إله ؟» تخيلت هذا الحوار الراقى الممتع وتخيلت معه أوراق قضية متجهة إلى حيث تسكن فاتن حمامة ويسكن محمود ياسين بتهمة ازدراء الأديان والتعدى على الذات الإلهية، تخيلت سيلا من القضايا تلاحق أبطال الخيط الرفيع ومن بعدهم نور الشريف مثلا الذى ادى اكثر من مرة شخصية ملحد لا يؤمن بشىء كما فى افلام «لقاء هناك» والإخوة الأعداء والأمثلة كثيرة وأخشى بعد ذلك أيضا أن يخرج محام مسيحى ويرفع قضية ضد محمود حميدة لازدراء الدين المسيحى فى فيلم جنة الشياطين او بحب السيما، أخشى حتى أن يخرج علينا أحد من أصحاب المهن فيتهم محمد هنيدى بازدراء البحارة فى امير البحار او حتى يتهم أحد أحمد السقا بازدراء البلطجية فى إبراهيم الأبيض أو يخرج علينا طبيب ما ليؤكد ان آسر ياسين أهان الأطباء فى رسائل البحر وقام بازدراء مهنة الطب. ويبدو أن البعض لا يعى حتى الآن أن السينما ذلك الحلم لا يمكن ايقافه ولا يمكن عرقلة مسيرته بحكم، أنها السينما التى من مهامها كسر التابوهات والغوص فى الثوابت وتحطيم القيود، أنها السينما التى ربما لم يدخل من يحاول قتلها أى من صالتها، انها السينما التى ستعيش وسوف يعيش أهلها حتى لو أراد البعض لها الموت.