هل الاقتصاد وسيلة أم غاية فى حد ذاته؟ بهذا السؤال بدأت رباب المهدى، أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية وعضو فى رابطة الاشتراكيين الثوريين، كلامها، فهى ترى إن الناس لديها خلطا فيما يتعلق بهذا الأمر، فإذا استطاعوا أن يفهموا أن الاقتصاد وسيلة لتحقيق رخاء يعود على المواطنين ويشعرون به، وليس هدفا فى حد ذاته، فلن يتخوفوا من الخسائر الاقتصادية المتوقعة من الإضراب العام. فبحسب المهدى، نحن فى مصر وصلنا لمرحلة أننا «نعبد عجلة الإنتاج. الناس اللى بتنتج مش ماكينات لكنهم أشخاص لديهم اختيارات، وعندما يختارون أن يتوقفوا عن الإنتاج ليضربوا، فهذا لأنهم متأكدون من أن أهدافهم لن تتحقق إلا بالإضراب، والخسائر التى ستنجم عن توقف عجلة الإنتاج أقل من الخسائر اليومية التى يتحملونها فى ظل استمرار الوضع القائم».
وترى المهدى أن هناك عملية من التخويف والتهويل للخسائر الاقتصادية المتوقعة من الإضراب، فنحن لا نتمتع بشفافية كاملة فى الاقتصاد المحلى تمكننا من توقع حجم الخسائر التى قد تحدث.
وفى النهاية لا يستطيع أحد أن ينفى وجود خسائر من العصيان المدنى، لكنها «تضحية مقبولة يمكن تحملها الآن، كونها وسيلة ضغط قوية لتحقيق مكاسب سياسية ستؤدى بدورها لتحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة على المدى الطويل».
إلا أن مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة وأحد قيادات حزب التحالف الشعبى الاشتراكى، يرى أن الخسائر الاقتصادية من الإضراب مؤكدة، ولكن المكاسب السياسية منه غير مؤكدة، مرجعا ذلك إلى عدم وجود توافق بين القوى السياسية المختلفة على الإضراب، فالأحزاب الرئيسية مثل «الحرية والعدالة»، و«الوفد»، و«النور السلفى» أعلنوا عدم مشاركتهم فيه.
وتبعا للسيد، هناك آثار اقتصادية مباشرة وغير مباشرة للإضراب، المباشرة تتمثل فى توقف عجلة الإنتاج الأمر الذى سيعود بالخسارة على العاملين وعلى الاقتصاد الوطنى. والآثار غير المباشرة نفسية والتى ستنعكس على المستثمرين، الذى يريدون الاستقرار، كما يقول السيد.
وتوقع السيد عدم مشاركة نسبة كبيرة من العمال فى الإضراب لأنهم سيكونون خائفين من فقدان أجرهم اليومى، خاصة أن مجتمعنا لا يتمتع بالرقى الذى يجعلنا نفكر بأن المكاسب السياسية والاقتصادية التى سنجنيها من الإضراب أكبر بكثير من الخسائر اليومية قصيرة الأجل التى يمكن تحملها.