تمر لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة بمأزق خطير بعد انسحاب 9 من أعضائها عقب انعقاد جلستها الأولى بتشكيلها الجديد، وكان عضوان اعتذرا أصلا عن عدم الانضمام اليها، وبالتالي باتت اللجنة تعمل بنصف أعضائها فقط. وكانت اللجنة قد عقدت جلسة لانتخاب مقررها أسفرت عن فوز الشاعر ماجد يوسف بمنصب المقرر، وبعدها وجه 9 أعضاء فيها رسالة إلى الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة الدكتورة كاميليا صبحي أعلنوا فيها انسحابهم من اللجنة، ورد عليهم الباقون بتعقيب يستنكر تلك الخطوة ويعتبرها انقلابا على الديمقراطية.
والتسعة المنسحبون هم أحمد عبد المعطي حجازي وحسن طلب وفاروق شوشة ومحمد عبد المطلب ونصار عبدالله ومحمد ابراهيم أبو سنة ومحمد سليمان وسيد حجاب وأحمد سويلم، أما المعتذران من البداية فهما بهاء جاهين وفاطمة قنديل.
وقال حجازي الذي كان يشغل منصب المقرر في اللجنة بتشكيلها القديم، ومعه المنسحبون الآخرون، في رسالتهم إلى كاميليا صبحي: "إننا نعتذر آسفين عن المشاركة في عضوية لجنة الشعر بالمجلس بتشكيلها الجديد الذي نرى أنه لا يحقق الانسجام المطلوب بين الأعضاء، ولا يتيح فرصة حقيقية لعمل أصيل من أجل رفعة فن الشعر وازدهاره".
ونشر عضو اللجنة الشاعر عاطف عبد العزيز على صفحته على "فايسبوك" تعقيبا على "الاستقالة الجماعية" لحجازي ورفاقه، فند السبب المعلن لتلك "الاستقالة"، واعتبر أن السبب الحقيقي لها ربما يكون هو انتخاب ماجد يوسف مقررا للجنة، "بما يعني الانقلاب على الديمقراطية، وهو تفسير نأبى أن نصدقه في شعراء ومثقفين كبار، عرفنا عنهم مناهضتهم لقيم الاستبداد والتعصب واحتكار الحقيقة".
وأضاف التعقيب :"نحن لا نعرف على وجه الدقة، ما هو الانسجام المفقود الذي ينشده أساتذتنا، فإن كان يعني تطابق الرؤى أو تقاربها، فهذا أمر يكاد يكون مستحيلا لأن الواقع الشعري -كما نراه- فوار ومتعدد، فضلاً عن أن الظروف لم تعد تسمح بأن يستأثر فصيل واحد بإدارة الشأن الشعري في مصر". وأعرب عن الأمل في أن "يتراجع شعراؤنا الكبار عن هذه الاستقالة، وأن يقبلوا الاحتكام لآليات الحوار الديمقراطي من أجل حل أي تناقضات أو خلاف في الرأي"، مؤكدا أن "الجميع يحملون لهم كل الود والاحترام، وينتظرون منهم الكثير".
وضمت اللجنة في تشكيلها الجديد 22 عضوا، بينهم ابراهيم داود وفريد أبو سعدة ومحمد بدوي وشعبان يوسف وماجد يوسف وعاطف عبدالعزيز وعماد الغزالي وفريد أبو سعدة ومحمد فكري الجزار وأحمد بخيت وجاد زكي سليمان، إضافة إلى من اعتذروا عن الانضمام اليها سواء قبل أن تعقد جلستها الأولى أو بعده.
ويلاحظ أن التشكيل الجديد للجنة أفسح المجال لوجوه نجحت في اقصاء أحمد عبد المعطي حجازي عن منصب المقرر الذي كان يرغب في الحصول عليه بالتزكية.
ومن المتوقع أن يتم اختيار أسماء بديلة في حال إصرار المعتذرين على موقفهم. وكان التشكيل الجديد للجان المجلس الأعلى للثقافة وعددها 26 لجنة، أثار جدلاً في الوسط الثقافي المصري لتضمنه وجوهاً متهمة بالضلوع في إفساد الواقع الثقافي قبل ثورة 25 يناير، وبادر عدد ممن وقع عليهم الاختيار ليكونوا أعضاء في تلك اللجان إلى الاعتذار عن عدم قبولهم العضوية.
وقال عضو لجنة الشعر شعبان يوسف: أتصور أن اللجنة لابد أن تكون كيانا خادما للشعراء جميعا فى مصر ومن جميع الأجيال وسأسعى نحو أن ينأى أعضاء اللجنة عن المصالح الضيقة والتى كانوا يتمتعون بها من قبل، مثل التمثيل فى المهرجانات خارج وداخل مصر، والذى كان مقصورا على الأعضاء فقط ومن يحبونهم، بالإضافة الى امتيازات أخرى مثل تدبيج مختارات شعرية لهذا وذاك، وأتصور أن اللجنة لا بد أن تسعى من أجل إقامة مهرجانات تليق بمصر، وتغير من خريطة الشعراء الذين هيمنوا لسنوات طويلة، ليس لكونهم شعراء مهمين، ولكن لأنهم يتمتعون بحصانة العضوية، وهذا بعيدا عن فئة المبتزين الذين يلقون بحجارتهم الاتتهازية في كل اتجاه.
وأضاف الشاعر شعبان يوسف أن الشعر فى حاجة الى قيادات نزيهة ومتجردة عن الأغراض الرخيصة، وهذا ينطبق على من هم فى اللجنة ومن هم خارجها، وأتمنى أن تشرف اللجنة على سلسلة إصدارات شعرية مصرية وعربية تكتشف الطاقات الشعرية الجديدة، وتعيد للشعر دولته التى تفرق دمها بين (القبائل والأقرباء) وفى النهاية لجنة الشعر وغيرها من اللجان ليست غنيمة يستفيد منها الأعضاء بقدر ما هي مسئولية وتكليف ومهمة أمام الضمير.
ومن جانبه، رأى الشاعر فريد أبو سعدة انسحاب حجازي ورفاقه يعد محاولة انقلاب دستوري على غرار ما كانت مراكز القوى ترتب له لإقصاء السادات فور توليه الحكم خلفا لعبد الناصر. وقال أن الامين العام للمجلس الأعلى للثقافة وكذلك وزير الثقافة مازالوا يحاولون دفع المنسحبين إلى الرجوع عن انسحابهم.
وأضاف :"اعتقد أن حجازي لن يقبل سوى بأن يكون مقررا للجنة بالتزكية فهو يرى نفسه وريث العقاد والغريب أنه شارك في جلسة انتخاب المقرر ولم ينسحب بمجرد إعلان أسماء أعضاء اللجنة مع أنه يقول إنه ليس بينهم انسجام، مشيرا إلى أن ذلك جعل الاستقالة الجماعية بلا قيمة.
وقال ابو سعدة إنه يتوقع أن يتراجع كل من نصار عبدالله ومحمد إبراهيم أبو سنة وأحمد سويلم استقالاتهم على أن يستبدل المنسحبون الآخرون بأعضاء جدد،مؤكدا أنه يتمنى أن تنتقل المعركة لاحقا إلى بيت الشعر لاستعادته هو الآخر وتخليصه من هيمنة حجازي ورفاقه.
أما الشاعر حلمي سالم، والذي يتم اختياره ضمن أعضاء اللجنة فقال إنه لا يريد الدخول في تفاصيل ويكتفي بالتأكيد على أنه مع مبدأ التجديد شبه الكلي إذا كان التجديد الشامل متعذرا. وأضاف أن من يرفضون التجديد يدفعون الناس إلى عدم تصديق دعاواهم المؤيدة للثورة والتغيير.
وقال الشاعر عبده الزراع: إن المنسحبين من لجنة الشعر ظلوا لسنوات طويلة مهيمنين ومسيطرين على كل ما يخص الشعر فى مصر، مضيفا أنه من هذا المنطلق يرحب بانسحابهم لأنهم كانوا ينحازون بشكل واضح لكل ما هو تقليدي ولا يعبر تعبيرا حقيقيا عن الواقع الشعري في مصر.
وأكد عبد الزراع ترحيبه بانتخاب الشاعر ماجد يوسف مقررا للجنة، موضحا أن ذلك يمثل دفعة معنوية لشعراء العامية الذين تعرضوا دائما للتهميش.