على هامش فعاليات المؤتمر العام لأدباء مصر الذي عقد في 28 ديسمبر الماضي، اجتمع رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة سعد عبد الرحمن وأمين عام النشر محمد أبو المجد مع رؤساء التحرير الجدد للسلاسل الثقافية والإبداعية التي تصدرها الهيئة، وكان على مائدتهم تقرير عن حركة توزيع هذه السلاسل طيلة عام مضى، ليصل توزيع إحداها إلى 12 في المائة وأقل، بينما توزع أخرى أكثر من 80 في المائة ، بما يعني أن هناك قراء لكنهم ينتقون الإصدار. القائمة صدمت الكثير من رؤساء التحرير المدعوين لأنها حملت إحصائيات كارثية، فهناك إصدارات توزيعها متدن جدا، مثل جريدة "مسرحنا" التي توزع ما بين 5 إلى 12 في المائة ، ومجلة "أبيض وأسود" توزع ما بين 11 إلى 24 في المائة ، ومجلة "الخيال" ما بين 10 إلى 30 في المائة ، وسلسة "نصوص مسرحية" 40 في المائة.
لكن هناك إصدارات تحقق نسبا عالية في التوزيع مثل سلسلة "الذخائر" توزع 95 في المائة ، وسلسلة "آفاق عالمية" توزع 75 في المائة ، وسلسة "ذاكرة الكتابة" توزع 85 في المائة ، وسلسة "هوية المكان" توزع 85 في المائة.
وقال الكاتب سيد الوكيل رئيس تحرير سلسلة "أصوات أدبية" : الهيئة تقدم خدمة ثقافية مدعومة للقراء، فإذا كان الدعم لا يصل لمستحقيه وكانت هناك قنوات مغلقة بين المنتج والمستهلك فعلينا البحث عن سبل لفتح هذه القنوات أو إغلاق هذه السلاسل طالما أنها لا تحقق أهدافها.
وأضاف: معيار تداول الكتب هو المقروءية، أي ما يريده القراء، فإذا كان هذا المعيار غائبا يصبح النشر تبديدا لأموال الدولة، مشيرا إلى أن مشكلات النشر بقصور الثقافة تتعدد ويجب أن تفهم الهيئة أن المسألة لا تقف عند إنتاج الكتاب وإنما هناك خدمات ما بعد البيع كما أن هناك علما يسمى بالتسويق وله دراسات مهمة في هذا الشأن.
ويتابع قائلا: كما ينبغي أن يتطور شكل الكتاب من حيث الغلاف وورق الطباعة وغيرها، كما يتعين الاهتمام بالموضوعات المطلوبة حاليا، لكن تنبع أيضا مشكلة أن القائمين على السلاسل يعملون بشكل تقليدي ويكون المعيار لديهم إنتاج كتاب وحسب.
وأشار الوكيل إلى أن هناك لجنة من 10 نقاد شباب سيكونون مسئولين عن سلسلة "أصوات" التي يترأس تحريرها حاليا وسيقومون بالدعاية لها في المحافل ويرفعون تقارير عن أخطائها ومشاكلها، فإذا أجاز ناقدان نصا ضعيفا للنشر لن يتم التعامل معهم مرة أخرى، فهناك نقاد ليس لهم علاقة بالحياة الثقافية يجيزون أعمالا تناسب ذائقتهم الماضية.
وقال رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة سعد عبد الرحمن : لقد أنهينا موضوع تطوير السلاسل الأدبية، ونعمل الآن على تطوير الدوريات، مضيفا : بالفعل صحيفة "مسرحنا" لا توزع على جمهور واسع لكنها جزء من دعم الحركة المسرحية فنحن لدينا أكبر عدد من الفرق المسرحية، وهذه الصحيفة تخدم هذه الحركة من حيث متابعة ما تنتجه هذه الفرق وتعد فرصة للإشارة والتنبيه للمسالب وطرح تصورات المسرحيين.
وأضاف: المسألة الأخرى أننا لو قيمنا الدورية أو الإصدار بمسألة التوزيع سنكون مجحفين، وأحيانا تكون الكتب الأكثر مبيعاً هي الأقل قيمة، ولو طبعت لنجيب محفوظ الآن 5 آلاف نسخة ستنفد في سنتين أو ثلاث، مشيرا إلى أننا نعاني من أمية أبجدية وثقافية ونعمل في مشروع النشر على مساعدة هؤلاء.
وأوضح أن هناك محددات لشراء الكتب منها شهرة المؤلف، ولذلك توزع بعض السلاسل نسبا كبيرة كالذخائر وذاكرة الكتابة لأن لها قيمة مخزونة عند القارئ وهي أعمال متميزة طبعت في الماضي.
وقال عبد الرحمن : نحن لم نبدأ بعد في تطوير الدوريات، لكن ليس هناك اتجاه لتقليص أو دمج إحداها مع الأخرى، فإذا دمجت الإبداع الأدبي على سبيل المثال في صحيفة "مسرحنا" نكون قد فقدنا تميزنا بأننا الصحيفة الوحيدة المتخصصة في المسرح على مستوى الوطن العربي كله، وسنتحول مثلا لصحيفة "القاهرة".
وأقر رئيس الهيئة بأن هناك مشكلات تعاني منها هذه الدوريات منها أنها تشبه غيرها من الدوريات المطروحة، فعلى مجلة "خيال" مثلا أن تهتم بحركة الفن التشكيلي في الأقاليم وأن تتماس مع القضايا المجتمعية.
وقال :"سنعمل على رفع كفاءة هذه الدوريات، كما سنعمل على تسويقها من خلال بروتوكولات التعاون التي أبرمناها مؤخرا مع وزارة التربية والتعليم التي ستحصل على 2500 نسخة من مجلة قطر الندى، كما ندعم ونلبي المؤسسات التي تحتاج إلى إهداءات من الكتب ونحن في النهاية لسنا مشروعا ربحيا.
وتساءل :"لماذا يهاجمنا الإعلام رغم أن المشروع القومي للترجمة يعاني من مشكلة التوزيع ومخازنه ممتلئة بالمرتجعات مقارنة بميزانية النشر بهيئة قصور الثقافة ؟" .
من جانبه، قال مدير النشر بالهيئة العامة لقصور الثقافة صبحي موسى إن الهيئة جهة داعمة لنشر الثقافة والإبداع وغير هادفة للربح، وليس من منطقها الوقوف بجانب الأعمال التي تحقق الأرباح .
وأضاف أننا نعاني بالفعل من مشكلة التوزيع فنحن نطبع بعض السلاسل لألف نسخة أو ألفين وهو ما تجد معه شركة التوزيع صعوبة في التعامل مع هذا المحدود ولا تستطيع توزيعه بشكل عادل، إضافة إلى أن القارئ يفضل الشراء لكتاب معروفين، فالأمر يحتاج إلى إعادة النظر وخطة للتوزيع والدعاية والإعلان ورفع مستوى الأعمال المنشورة .
وتابع : أن هناك سلاسل تسبب ضعف مستواها في فترة من الفترات إلى تجاهل القارئ لها.
وحول المجلات، قال موسى إن لديها مشاكل أخرى تتعلق بعزوف القارئ أصلا عن قراءة المجلات بدليل أن المجلات الخليجية ذات التمويل الضخم يسوق مع أعدادها كتب مطبوعة كهدايا مجانية، وهي لا تقوم بالتأسيس الفكري والإبداعي بقدر ما تهتم بالعمل الثقافي الصحفي .
وفيما يخص صحيفة "مسرحنا"، قال موسى : هناك خطأ استراتيجي في نشر هذه المطبوعة من البداية وتوجيهها لفئة نوعية وهم المسرحيون، وأنت لا تستطيع ضمان نجاح مطبوعة توزع لفئة بعينها.
وأضاف: ثم من قال إن المهتمين بالمسرح مقبلون على القراءة فالمسرحي هو ابن الفرجة، وفي تصوري لو تحولت هذه الصحيفة المسرحية إلى صحيفة تتحدث عن الإبداع بشكل عام لصارت أكثر أهمية وتوزيعا، وقدمت تصورات بهذا الشأن وإدارة الهيئة تدرسها .