استكملت النيابة العامة، أمس، مرافعتها لليوم الثانى على التوالى فى قضية قتل المتظاهرين، والمتهم فيها الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك ونجليه علاء وجمال ووزير داخليته الأسبق حبيب العادلى و6 من كبار مساعديه. واتهم المستشار مصطفى سليمان المحامى العام الأول لنيابات استئناف القاهرة، خلال حديثه للمحكمة (بشكل غير رسمى) الجهات الأمنية الرسمية (الأمن القومى ووزارة الداخلية) بعدم مساعدة النيابة العامة فى جمع الأدلة والقرائن الخاصة بقضية قتل المتظاهرين، مشيرا إلى أن النيابة العامة «اعتمدت على نفسها فى جمع الأدلة والبراهين والقرائن، ما ألقى على عاتقها عبئا كبيرا، بالرغم من أننا خاطبنا كافة الجهات المعنية، لتقديم ما لديها من معلومات وتحريات، لكننا فشلنا فى الحصول على أى ادلة أو معلومات، واكتفت تلك الجهات الرسمية بالرد على النيابة العامة بخطاب، يفيد عدم توافر أى أدلة أو معلومات لديها».
بدأت الجلسة فى الساعة الواحدة والنصف ظهرا، عقب وصول مبارك من المركز الطبى العالمى على متن طائرة مروحية، والتى تأخرت عن الموعد المحدد بسبب سوء الأحوال الجوية.
المستشار احمد رفعت رئيس المحكمة افتتح الجلسة بقوله «بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله الحق العدل»، وقام بالنداء على المتهمين، للتأكد من حضورهم جميعا. وأجاب حبيب العادلى عقب النداء عليه: «أفندم يا باشا»، بينما اجاب مبارك ونجليه بكملة «موجود».
وقالت المحكمة لدفاع المتهمين اللواءين أحمد رمزى وعدلى فايد أنها ورد إليها بعض المستندات، التى طلبها الدفاع فى الجلسات السابقة، وطلبت منهم الاطلاع عليها عقب انتهاء الجلسة وتصويرها.
استعرض المستشار مصطفى سليمان المحامى العام الأول، وقائع القضية من حيث الادلة والبراهين وأقوال الشهود والأدلة الفنية، متحدثا عن وقائع قتل المتظاهرين التى حدثت فى 12 محافظة، وقال إنه «كان لدى النيابة العامة عدد كبير من القتلى والمجنى عليهم والمصابين.. والتحقيق فى القضية بدء بعد شهر ونصف نظرا لحالة الانفلات الأمنى، وعدم وجود جهات تساعد النيابة فى عملها»، موضحا أنه «حرصا من النيابة العامة على تعقب المتهمين قبل هروبهم، واتخاذهم إجراءات تتسبب فى ضياع الأدلة، انتهت النيابة العامة من خلال التحقيقات التى أجرتها من توجيه تهم القتل والاشتراك فى قتل المتظاهرين، والتكيف القانونى لتلك التهم هو تهمة الاشتراك بالقتل»، وقال إن النيابة العامة «لم تتوصل إلى دليل مباشر للفاعلين الأصليين لارتكاب تلك التهم».
وأكدت النيابة أن الفاعل هو من يأتى بفعل على ارتكاب الجريمة وله دور على مسرح الجريمة، مشيرا إلى ان هؤلاء المتهمين لم يكن لهم دور فى قتل المتظاهرين ولكن النيابة خلصت باتهامهم بصفتهم مسئولين ولم تتوصل التحقيقات إلى الفاعل الأصلى فى ارتكاب جرائم القتل لعدة أسباب لأنه من الصعب فى تلك الوقائع التوصل إلى مرتكبى تلك الجرائم.
وشددت على انه من حق المجتمع ان يتعرف على الحقائق القانونية وان المتهمين انحسرت أفعالهم فى المداهمة والتحريض والاشتراك على ارتكاب تلك الجرائم وان النيابة اكتفت بالحصول على بعض القرائن والأدلة وأقوال الشهود حتى تكتمل اركان تلك القضية واكتفت بالحد الأدنى من التحقيقات حتى يتم احالتهم.
واستعرضت النيابة ادلة الاثبات وقال ممثل الادعاء ان تلك القضية ليست قضية قتل عادية أو نمطية ولكن هناك عددا كبيرا من القتلى والمجنى عليهم من المصابين من مختلف المحافظات قتلوا غدرا الذين اصيبوا فى الميادين خلال المظاهرات السلمية واختصرت النيابة العامة فى الدعوى المجنى عليهم السلميون.
وقالت النيابة انها قامت بتقديم المتهمين فى قضايا قتل المتظاهرين فى الميادين فقط وليس الذين قتلوا فى الاقسام لان غاية النيابة العامة هى الوصول إلى الحقيقة وأن النيابة هدفها الأول كشف الحق والمحكمة هدفها تحقيق العدل والقانون والهدف النهائى عدم تبرئة مدان أو إدانة برىء لأن كليهما كارثة.
وأشارت النيابة إلى ان قائمة ادلة الثبوت تشمل ادلة قولية وفنية وورقية وقالت النيابة ان البعض اتهم جهات التحقيق بالتقصير وعدم تقديم الادلة الكافية وذلك من بعض غير المتخصصين وبعض المتخصصين المغرضين.
وقال سليمان ان النيابة قدمت الادلة الكافية مؤكدا أن من بين تلك الأدلة هو تزويد الجنود بأسلحة الية وخرطوش والغرض منها قتل وتخويف المتظاهرين وفض تلك التظاهرات ومن بين تلك الأدلة ايضا اقوال بعض الشهود التى أكدت قيام رجال الشرطة بتزويد المجندين بأسلحة الية وخرطوش.
وعقبت المحكمة على اقوال النيابة وسألت ممثل الادعاء هل قامت النيابة العامة بتقديم طلب رسمى للجهات المسئولة حول تقديم بعض الادلة والبراهين فأجاب ان النيابة العامة قدمت طلبا رسميا لوزارة الداخلية واللواء محمود وجدى ولم يكن هناك ملجأ اخر للنيابة العامة لجمع الاستدلالات سوى جهاز الشرطة ولكن لم يرد من وزارة الداخلية أى رد أو معلومات تفيد جهات التحقيق وتم تقديم طلب اخر إلى هيئة الامن القومى بإرسال خطاب رسمى لها يطلب من توفير ما لديها من معلومات وتحريات حول الوقائع فى تلك الأحداث وورد خطاب منها يفيد بعدم توافر أى معلومات أو تحريات فخاضت النيابة العامة بنفسها التحقيقات وجمع الادلة حتى تكتمل اركان تلك القضية.
وأشارت إلى ان كافة اجهزة الدولة لم تقدم يد العون لأجهزة التحقيق وسأل المستشار فعت النيابة العامة مرة اخرى حول امتناع الاجهزة الامنية عن تقديم المعلومات عمدا ام ان هناك ظروفا خارجة عن اراداتها فأجاب انه لم يقم بالتحقيق فى تلك الواقعة ولكن على المستوى الشخصى كان هناك تعمد فى عدم تقديم أى ادلة تساعد النيابة.
واستكمل المستشار مصطفى خاطر المحامى العام الأول لنيابات شرق القاهرة استعراض باقى الادلة وقال «اللهم افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين»، وأشار إلى أن قضية قتل المتظاهرين تنقسم إلى جزءين الأول خصوصية هذه الدعوى وما ارتبط بها من صعوبات وعقبات لدى النيابة العامة والجزء الثانى الأدلة والبراهين ووقائع هذه الجرائم، مؤكدا أن هذه القضية متفردة لأنها ليست قضية قتل عادية لان من فيها يمثلون نظاما اراد لمصر السوء فقسمه الله والمجنى عليه شعب اصيل طيب الاعراق عانى الكثير حتى انفجر مدافعا عن حريته وكرامته ومستقبل ابنائه فأيده الله بنصر من عنده.
وأوضح ان النيابة العامة عانت الكثير فى جمع الادلة نظرا لان المتهم الأول هو الرئيس السابق ورأس النظام وان باقى المتهمين هم جهاز الشرطة المنوط به جمع الادلة.
وأشار إلى انه تم اتهام النيابة العامة بالتقصير فى التحقيقات ولكن النيابة هى الحصن الأمين التى تحقق العدالة فى المجتمع وان المتهمين هم الفاعلين الأساسيين فى الدعوى، مؤكدا انهم استمعوا إلى نحو الفى شاهد وتضمنت أدلة قائمة الثبوت 800 ورقة تتلخص فيها اقوال الشهود.
واستعرضت النيابة اقوال اللواء حسن سعيد موسى مدير ادارة الاتصالات بالامن المركزى الذى جاء فى شهادته انه سمع اشارة واردة من اللواء رمزى لقائد المنطقة بتزويد الجنود بأسلحة آلية والتعامل مع المتظاهرين وفقا للموقف أمامهم وهذا يعنى تفويضا فى التعامل ومنع المتظاهرين من التجمع.