فى كتاب يضم آراء نجيب محفوظ وطرفا من سيرته يقول نجيب محفوظ إن الرئيس المصرى الأسبق جمال عبدالناصر «أكثر من أنصف الفقراء، وما لم يستطع تحقيقه أعطاه لهم أملا لذلك فالناس لا تنساه أبدا لأن الأمل لا يموت وربما كان هذا هو السبب الذى يجعل اسم عبدالناصر وصوره ترتفع فى كل مظاهرة شعبية». وظل محفوظ منتميا إلى المرحلة الليبرالية التى انتهت بصعود تنظيم الضباط الأحرار إلى السلطة حين قاموا بثورة يوليو 1952 وأنهوا النظام الملكى فى البلاد. وانحاز محفوظ فى بعض أعماله إلى حزب الوفد وزعيمه سعد زغلول فى حين وجه انتقادات كثيرة إلى أخطاء التجربة الناصرية، بحسب وكالة رويترز.
ولكن محفوظ، فى كتاب جديد عنوانه (فى حضرة نجيب محفوظ) يقدم تفسيرا لارتباط الجماهير فى مصر بعبدالناصر قائلا إن «لعبدالناصر حساب آخر مع الجماهير لا يعتمد على المعارك السياسية أو العسكرية التى خاضها وما كسبه فيها أو ما خسره».
والكتاب الذى ألفه رئيس اتحاد كتاب مصر محمد سلماوى، صدر هذا الأسبوع عن «الدار المصرية اللبنانية» فى القاهرة ويقع فى 399 صفحة متوسطة القطع تشمل ملحقا بالصور لمحفوظ منها أول عيد ميلاد حين بلغ الخمسين بحضور أم كلثوم وتوفيق الحكيم ومحمد حسنين هيكل، وآخر عيد ميلاد عام 2005، إضافة إلى صور له مع بعض الحاصلين على جائزة نوبل مثل نادين جورديمر وأحمد زويل، وصورة من حفل تسلمه الدكتوراه الفخرية من جامعة القاهرة، التى تخرج فيها من قسم الفلسفة بكلية الآداب.
وقال المؤلف إن محفوظ منذ تعرض لمحاولة اغتيال فى أكتوبر 1994 وعلى مدى 12 عاما ظل يجرى معه حوارا أسبوعيا ينشر فى صحيفة الأهرام نظرا لعجزه عن الكتابة.
ومحفوظ الذى نال جائزة نوبل فى الآداب عام 1988 اختص سلماوى بأن يكون ممثله الشخصى فى احتفالات تسلم الجائزة حيث ألقى كلمته فى الأكاديمية السويدية.
وسجل سلماوى أن عضو اللجنة الاستشارية لجائزة نوبل لارس ريدكويست مدير مكتبة نوبل بالاكاديمية السويدية فى ستوكهولم زار محفوظ ووجه اليه خمسة أسئلة بهدف وضع إجاباته عنها فى الموقع الالكترونى الخاص بجائزة نوبل، وان أحد هذه الأسئلة عما حدث له منذ فوزه بالجائزة فقال محفوظ إن أبرز ما حدث له بسبب الجائزة هو محاولة اغتياله «ثم أشار إلى رقبته».
وأجرى سلماوى حوارا مع الشاب محمد ناجى الذى غرس السكين فى رقبة محفوظ بهدف قتله وسأله عما إذا كان قرأ شيئا لمحفوظ فأجاب «استغفر الله» مشددا على أنه لا يحتاج إلى قراءة أعماله وأنه ينفذ «أوامر أمير الجماعة والتى صدرت بناء على فتاوى الشيخ عمر عبدالرحمن».
وفى فصل عنوانه «هل هادن محفوظ السلطة؟» يقول المؤلف إن المشير عبدالحكيم عامر وزير الحربية اتصل عام 1966 بعبدالناصر وحثه على اتخاذ إجراء عقابى ضد محفوظ بسبب روايته «ثرثرة فوق النيل» التى تناولت الأوضاع البوليسية فى مصر آنذاك ولكن عبدالناصر رفض قائلا «إحنا عندنا كام نجيب محفوظ».
ويعلق سلماوى «لولا تدخل عبدالناصر شخصيا لكانت قد اتخذت بعض الإجراءات العقابية ضد نجيب محفوظ على الموقف الجرىء الذى اتخذه فى نقد دولة المخابرات»، مرجحا أن أمرا باعتقال محفوظ صدر بالفعل وأن اتصال عامر بعبدالناصر تم «بغرض إخطاره بالقرار وليس استئذانه قبل التنفيذ، إلا أن رفض عبدالناصر كان صريحا.
ويروى أيضا أن عبدالناصر قام بحماية محفوظ من تشدد «بعض شيوخ الأزهر» بعد نشر رواية،أولاد حارتنا، مسلسلة فى صحيفة الأهرام عام 1959 وقال عبدالناصر «لن أتخذ أى إجراء ضد نجيب محفوظ».