أدهش المصريون العالم بإقبالهم غير المسبوق على الاقتراع في اليوم الأول من المرحلة الأولى لانتخابات مجلس الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان)، وبذلك يبدءون عهداً جديداً للسياسية في البلاد استردوا فيه قيمة أصواتهم الانتخابية. وبالرغم من رصد منظمات حقوقية عدة ومراقبين "تجاوزات" داخل بعض اللجان وخارجها، أجمعت الآراء على أن تأثيرها محدود على نزاهة العملية الانتخابية. وكان لافتاً مرور اليوم الأول من التصويت في الانتخابات من دون مشاكل أمنية كبيرة اعتاد عليها المصريون في الانتخابات السابقة، إذ لم يتم رصد أي اشتباكات دامية من شأنها تعطيل عملية التصويت التي استمرت على مدار ساعات وسط هدوء أمني طالما افتقدته أي انتخابات سابقة.
وقال قائد الشرطة العسكرية اللواء حمدي بدين، إن القوات المسلحة ستتولى تأمين صناديق الاقتراع ليلاً، مؤكداً أن العملية الانتخابية سارت في شكل منتظم ولم توجد أي أعمال شغب أو عنف أمام لجان الاقتراع. معربًا عن سعادته بالإقبال الشعبي والجماهيري على انتخابات أمس الاثنين.
ولفت بدين، في مداخلة هاتفية مع برنامج "الحياة اليوم" على تلفزيون الحياة، إلى أن مشكلة وحيدة حصلت في دائرة عين شمس (شرق القاهرة) وهي تأخر وصول الأوراق، إلا أنه تم تخطي هذه المشكلة وساهمت القوات المسلحة في سرعة نقل الورق بكل سياراتها من أجل سرعة سير العملية الانتخابية.
كما أشار إلى أن هذا الإقبال يمثل أول عنصر لنجاح ثورة 25 يناير، كم أوضح أن الدعاية الانتخابية كانت في الشارع وليست في اللجان كما يدعي البعض. وأضاف بدين، أن المطلب الوحيد في اليوم الثاني للانتخابات هو وصول الأوراق في ميعادها، لتلافي ما حدث في أول يوم، وما عدا ذلك فإن كل شيء يسير بخطى حضارية للغاية -على حد قوله.
من جانبه، فقد صرح اللواء منصور العيسوي- وزير الداخلية، بأن الحالة الأمنية مستقرة تمامًا في جميع دوائر المحافظات التسعة التي تجرى بها انتخابات المرحلة الأولى.
وأكد على عدم وجود أي تجاوزات خلال سير العملية الانتخابية أمس الاثنين، مشيرًا إلى وجود بعض المشاكل الإدارية فقط بسبب تغيب بعض المندوبين عن الانتخابات، ولكن سرعان ما عادت سير الإجراءات الانتخابية إلى نصابها الصحيح مرة أخرى.
وأضاف العيسوي، بأن هذه الانتخابات هي بمثابة صورة مشرفة للشعب المصري، حيث توجه عدد كبير جدًا للمشاركة فيها وهو عدد غير مسبوق في تاريخ مصر، كما قال أيضًا أن المشكلة التي حدثت في قسم "عين شمس" أمس، كانت تتمثل في تأخر تسليم الأوراق، وقام على الفور باتخاذ قراره بإيقاف مأمور القسم، وإجراء التحقيق معه.
كما أعلن عن أن الاستعدادات الأمنية ليوم الثلاثاء على أهبة الاستعداد، مشيرًا إلى مشاركة القوات المسلحة والشرطة في هذه التأمينات، مؤكدًا أن هذه السياسة في التأمين ستكون متوافرة في المراحل المقبلة أيضًا، وأعرب عن تفاؤله بانتهاء الانتخابات على خير ما يرام.
جدير بالذكر، أن منظمات حقوقية عدة رصدت تجاوزات في سير العملية الانتخابية تمثلت في تأخر أوراق التصويت أو وصول القضاة المشرفين على اللجان الانتخابية، وهو ما تم تعويضه بمد التصويت ساعتين، ولوحظ تداول بعض بطاقات الاقتراع خارج اللجان الانتخابية، فضلاً عن عدم ختم البطاقات في بعض الدوائر بختم اللجنة القضائية العليا، ما سبب ارتباكاً في عملية التصويت، واستمرار بعض الكتل والأحزاب في الدعاية أمام مقار اللجان الانتخابية ومحاولة البعض التأثير في الناخبين من خلال المال. لكن اللافت أن السلطة لم تكن طرفاً في هذه التجاوزات، إلا من بعض السلبيات الإدارية.
وذكر "المجلس القومي لحقوق الإنسان" أن مراقبيه رصدوا أنصار مرشحين تابعين لبعض الأحزاب وبعض المرشحين المستقلين يقومون بتوزيع أموال على الناخبين. وأشار في بيان له إلى أنه "تلقى ما يناهز 391 شكوى منذ بداية الاقتراع، تتركز في استمرار الدعاية الانتخابية خارج اللجان والتأخر في فتح اللجان وعدم وجود بطاقات إبداء الرأي أو عدم ختم البطاقات واستخدام الشعارات الدينية".
وذكر تقرير صادر عن "الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي" أن "الساعات الأولى لعملية التصويت شابها العديد من الأخطاء الإدارية والمخالفات". وأوضح أن "التصويت تعطل في بعض اللجان بسبب عدم وجود القضاة، إضافة إلى استمرار الدعاية الانتخابية خارج اللجان بالمخالفة لتعليمات اللجنة العليا وعدم فتح بعض اللجان نظراً لعدم وجود بطاقات التصويت وعدم توافر الحبر الفسفوري، ومنع مراقبي الجمعية".
وحمّل مدير "مركز سواسية لدراسات حقوق الإنسان" التابع لجماعة "الإخوان المسلمون"، عبد المنعم عبد المقصود، اللجنة العليا للانتخابات مسؤولية الأخطاء التي وقعت في أول أيام الاقتراع، وإن رأى أن تلك الانتهاكات "لا تؤثر في سير العملية الانتخابية"، مرجعاً حصولها إلى أنها "التجربة الأولى التي تمر على مصر".
وعلى النهج نفسه، سار المدير التنفيذي ل"المنظمة المصرية لحقوق الإنسان" طارق زغلول، الذي أكد أن "هناك فارقاً كبيراً بين ما حصل أمس وما كان يحدث في انتخابات العهد السابق"، موضحاً أن "ما حصل من تجاوزات هو أخطاء إدارية ولوجيستية"، كما أنه حمل على المرشحين "ارتكاب الكثير من التجاوزات"، لكنه أشار إلى أن تلك الانتهاكات "غير ممنهجة".