حلم تنمية سيناء عبر مد مياه ترعة السلام إلى أراضيها، كان المشروع القومى الذى تحدثت عنه الحكومات المتعاقبة بداية من الجنزورى حتى الآن، لكن ما جرى على الأرض كان بعيدا تماما، لتبقى تنمية سيناء كلاما على الورق ومداولات فى الغرف المغلقة، وتصريحات فى وسائل الإعلام وأمام كاميرات الفضائيات. لافتات على طول الطريق الدولى الموازى لترعة السلام توضح مراحل المشروع المختلفة.. بقايا الكلمات الممحوة عليها تشير إلى أنها نفذت عبر الشركة العقارية المصرية بتوكيل من وزارة الموارد المائية والرى، والتى تؤكد أن الحكومة مرت بهذه المنطقة لتنفذ مشروعا بمليارات الجنيهات ثم تناسته. مبانى محطات المراقبة والتوزيع للمياه فى ترعة السلام والتى كانت تحتوى محطات للرفع وضخ المياه أصبحت مهجورة تماما، بعد أن اختفى ما بداخلها نتيجة السرقة التى طالت كابلات ومحولات الكهرباء والأبواب الحديدية لهذه المبانى والماكينات وخراطيم المياه والمواتير.
ولم يكن مجرى الترعة بعيدا عن آثار الخراب.. فما يقرب من مسافة 75 كيلو مترا من مجرى الترعة، أصبح مردوما برمال الصحراء، كما تآكلت الخرسانة (الطبقات الأسمنتية) التى بطنت بها الترعة.
رئيس قطاع الموارد المائية والبنية القومية بشمال سيناء، المهندس على المهر أكد ل«الشروق» أن جهاز وزارة الرى فى شمال سيناء يحاول باستمرار دفع العمل فى مشروع تنمية وتعمير سيناء عبر ترعة السلام بهدف تواصل منظومة التنمية فى شمال سيناء، مؤكدا أن الوزارة انتهت بالفعل من تنفيذ وتخطيط شبكات الرى العامة لعدد 25 مأخذا على ترعة الشيخ جابر الصباح لرى الأراضى الواقعة فى منطقة رابعة وبئر العبد بما فى ذلك مواسير ضخ المياه من الترعة إلى الأراضى ولا تزال الأعمال الانشائية مستمرة فى تنفيذ البنية الأساسية لعدد 4 مآخذ أخرى من مجرى الترعة لرى زمام 30 ألف فدان.
ونفى المهر أن تكون آثار الخراب التى حلت على الترعة الآن مسئولية وزارة الرى، مؤكدا أن ادارة الرى فى شمال سيناء لا يمكنها أخذ قرار منفرد بإعادة ضخ المياه فى الترعة وأنها لا تزال فى انتظار قرارات من اللجنة الخاصة بوضع إجراءات تخصيص الأراضى على الترعة بوزارة الزراعة لحماية الأراضى الواقعة على الترعة من التعديات.
وأكد المهر فتح المياه فى السنوات الماضية فى ترعة السلام فى المنطقة الممتدة من بئر العبد ورابعة داخل محافظة شمال سيناء كان مجرد إطلاق تجريبى للمياه، استغل وقتها المزارعون الموقف وزرعوا آلاف الأفدنة حول الترعة، لكن قرار وقف مدهم بالمياه هو للحفاظ على حقوق الدولة ومنع التعدى على المصادر المائية لحين تخصيص الأراضى.
ونفى المهر أن يكون جسم الترعة قد تأثر سلبا بسبب وقف ضخ المياه، مؤكدا أن أجهزة الوزارة تقوم بضخ المياه من حين لآخر بالترعة لاختبار مدى صلاحيتها ومنع حدوث أى تشققات بها منذ قرار وقف المياه فى الترعة على حد تأكيده. لكن المزارعون أكدوا عكس ذلك بزيادة عدد التشققات فى جسم الترعة وتراكم كميات كبيرة من رمال الصحراء بها والتى تكون بحاجة إلى تطهير وإعادة تبطين وهو ما يتكلف المزيد من الاعتمادات المالية التى كانت الحكومة بغنى عنها فى حالة ضخ المياه فى الترعة.