المقصود هنا هو كتلة فكرية وسياسية وحزبية تضم أطيافا ليبرالية ويسارية وإسلامية تدافع عن مشروع الدولة المدنية الديمقراطية ومواطنة الحقوق المتساوية وتتبنى المطالبة بنقل السلطة من المجلس الاعلى للقوات المسلحة إلى هيئات تشريعية وتنفيذية منتخبة. هذه الكتلة لم تتشكل بعد، بعيدا عن مسميات بعض الاحزاب والتحالفات، ولا سبيل لتشكيلها الا بتحالف انتخابى وسياسى يسعى للحصول على اغلبية فى الانتخابات البرلمانية القادمة ويستطيع القيام بالعمل التشريعى والتنفيذى اللازم لضمان قيام الدولة المدنية.
السؤال الجوهرى هنا، واكتب هذا بشفافية بعد سلسلة من الاجتماعات المكثفة التى شاركت بها بهدف الوصول إلى قائمة وطنية موحدة، هو هل نحن كليبراليين ويسار وإسلاميين قادرون على النهوض بأعباء الكتلة الوسطية واستحقاقات القائمة الموحدة أم لا. الشكوك والمخاوف كثيرة للغاية، وكذلك المبالغة فى تقييم مصادر القوة الذاتية وتصور أن طيفا واحدا فى السياسة المصرية يستطيع تحقيق هدف الدولة المدنية بمفرده.
بشفافية أيضا أؤكد ان بعض مخاوف الليبراليين واليسار من عدم التزام الإسلاميين المبدئى بالدولة المدنية مشروعة. إلا أن السبيل الوحيد للتعامل معها بفاعلية لا يتمثل فى مواجهة الاسلاميين جميعا انتخابيا وسياسيا، بل فى التحالف مع المعتدلين بينهم والرهان على أن المشاركة السياسية فى بيئة تنافسية سترفع من أسهم الاعتدال بين الإسلاميين وتزيد تدريجيا من أهمية القوى التى تنظر للسياسة كبرنامج للديمقراطية والتنمية والعدالة الاجتماعية وليس للطرح الايديولوجى. هذا هو ما حدث مع العدد الاكبر من احزاب وتيارات الاسلام السياسى خارج مصر، من ماليزيا لإندونيسيا لتركيا.
أزمات مصر الحقيقية لن تحل بالمتاجرة بالدين ولا بالحديث عن تطبيق الحدود والسياحة الشرعية، بل ببرامج تشريعية وتنفيذية محددة. للإسلاميين أقول أرجوكم لا تبالغوا فى الخطاب الدينى الآن ولا تطلقوا على الرأى العام فى مصر الأفواه التى تلوك حديث السياسة فى المساجد. فأنتم تحتاجون للتوافق الوطنى والكتلة الوسطية كغيركم.
بشفافية أؤكد كذلك على أن مخاوف الإسلاميين من بعض الليبراليين واليسار بسبب نزوعهم لتهميش الإسلاميين والرغبة فى إخراجهم من الساحة السياسية مشروعة. والسبيل لتجاوز ذلك هو ان يطمئن الليبراليون واليسار الإسلاميون إلى قبولهم الحقيقى للتعددية ولتداول السلطة فى حدود شروط الدولة المدنية والمساواة بين جميع المواطنات والمواطنين وإن جاء صندوق الانتخابات بالاسلاميين والتزم هؤلاء بالشروط هذه فلا اعتراض.
لا يملك أى فصيل بمفرده حلولا لأزمات مصر ولا أغلبية واضحة لأى فصيل.
الكتلة الوسطية أولوية حقيقية، دعونا نعمل على تشكيلها.