نظم المكتب الإعلامي المصري في بكين ندوة فكرية، لبحث إمكانية التعاون "المصري- الصيني والعربي- الصيني" في مجالات النشر والترجمة، ودراسة أبعاد وتطورات التجربة الصينية لبحث كيفية تطبيقها، والاستفادة منها في مصر في كافة المجالات، كالتعليم والاقتصاد والتنمية البشرية والثقافة وغيرها، وذلك على هامش أعمال المنتدى "العربى - الصيني" بمنطقة نينغشيا. وقد شارك في الندوة عدد كبير من الدبلوماسيين المصريين والعرب، وحوالي 25 شخصا من أعضاء اتحاد الناشرين العرب يمثلون اتحادات ودور النشر المصرية والعربية، وأدار الندوة المستشار الإعلامي المصري ببكين أحمد سلام، وقال في بداية الندوة: إن "كل من يأتي الى الصين يشهد تطورا كبيرا وسريعا فى معدلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ونهضة حقيقية مدروسة فى كافة المجالات، وهو الامر الذي يجب علينا كمصريين وعرب التنبه له والاستفادة منه، وتطبيق ما يصلح منه ويتفق معنا لنهضتنا فى دولنا العربية، وعلى سبيل المثال فمصر تحتاج فى وقتنا الحالى خطوات حقيقية لبناء تنمية حقيقية ونهضة فى مجالات التعليم والاقتصاد والثقافة والزراعة والصناعة، وهنا يجب الوقوف على التجربة الرائدة والمميزة للصين ومحاولة فهم ابعادها لتطبيقها أن امكن كدليل نحو نهضة مستقبلية فى مصر وعالمنا العربي.
وفى مداخلته قال الدكتور ناصر عبد العال المستشار السياحي المصري بالصين، إن التجربة الصينية تجربة قيمة وثرية فى كافة المجالات، ولا تقتصر على مجال بعينة، خاصة وانها نتيجة جهود ودراسات وأفكار وتبادل لخبرات بين الاجيال، فالاستفادة تاتي من خبرات الاجيال الكبيرة، وعلم وتعلم الشباب، وابتكارات وأدوات التكنولوجيا الحديثة، لتصنع جميعها مزيج من النهضة والتقدم والرفاهية الاقتصادية والثقافة والاجتماعية للدولة الصينية والمواطن الصيني بشكل خاص .
وأشار إلى تجربة الصين فى الانفتاح على الغرب، وثقل العقول الصينية الشابة فى الخارج، من خلال الدراسة والتعلم بالجامعات العالمية واكتساب الخبرات الدولية فى هذه المجالات، والتسلح بالعلم والمعرفة، كونه أقوى سلاح لنجاح أي مجتمع، عندما تعود هذه العقول الى وطنها الام وتحقق من خلاله نهضته وتقدمه بناء على ما اكتسبته من خبرات وتعلم لتطبيقها وتطويرها لصنع مستقبل أفضل ونهضة شاملة .
وأضح الدكتور ناصر أن زيادة البعثات العلمية للخارج هو حجر الأساس والقوة الدافعة للنهضة الحقيقية، فالعائد من الخارج فى الصين ينضم فورا لمنظومة البحث العلمي ويتوفر له كافة الادوات بمدينة أبحاث على أعلى مستوى، ويتم توظيف تخصصة فى شركات معينية طبقا لكل تخصص لتطبيق خبراته ودراسته والاستفادة منها، وهنا يكون الفرق وتحدث النهضة والتنمية بناء على أساس علمي مدروس .
من جانبه قال المهندس خالد البلبيسي عضو إتحاد الناشرين العرب ورئيس لجنة حماية الملكية الفكرية "عند زيارة وفد اتحاد الناشرين العرب للصين للمشاركة فى أعمال المنتدي العربي الصيني مؤخرا بمنطقة نينغشيا، لم يتوقع الجانبان هذه النتائج الايجابية للزيارة، خاصة مع وجود رؤية واضحة لدى الجانب الصيني تجاه ما يطمحون له من تعاون مع العالم العربي، وعلى جانب آخر أصرار عربي على الاستفادة من هذه التجربة المحترمة".
وأضاف أن الجانب العربي بحث مع نظيره الصيني التبادل الثقافي وفى مجال النشر والترجمة على أسس تبادلية وتكاملية، مع الوضع فى الاعتبار عدم تكرار التجربة العربية مع الغرب التي خاصها الناشرون فى العالم العربي على مدى 50 عاما مضت، والتى أقتصرت على اقتحام الثقافة الغربية للعالم العربي وعدم السماح للمجتمعات الغربية بالتعرف على الثقافة العربية.
وأشار البلبيسي أن الجانبين الصيني والعربي اتفقا على الالتقاء سنويا فى مثل هذا المحفل الكبير بنينغشيا لتفعيل ومتابعة التعاون والتبادل الثقافي المشترك، موضحا أن الجانب العربي يفكر حاليا فى إعداد دراسة علمية حول صناعة النشر فى جمهورية الصين، واعداد توصيات تقدم لاجتماع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الألكسو"، ليتم تعميمها على الناشرين العرب.
كما أشار أن ذلك على أمل ان تكون هذه الدراسات والتجربة مثالا يحتذى به لتجارب مستقبلية منفتحة على الثقافات والحضارات العالمية الأخرى والتى تسهم فى تطوير وصناعة النشر فى العالم العربي وتكون مدخلا الى التقدم والتطور فى مجالات اخرى ثقافية واقتصادية وعلمية وغيرها، وتكون بمثابة "خارطة طريق" للعلاقة الثقافية مع الصين.
من جانبه وصف نائب رئيس اتحاد الناشرين العرب ورئيس اتحاد الناشرين السوريين على ديب مستو، زيارة وفد الناشرين العرب لمنطقة نينغشيا الصينية بالناجحة والتى جاءت تلببة لدعوة من مجموعة "النهر الأصفر" للنشر والاعلام فى الصين والتى تعد اهم واكبر مؤسسات النشر الحكومية الصينية وتضم 17 دار نشر وتعد بوابة لتبادل الكتب الصينية مع الدول العربية والاسلامية .. مشيرا إلى أنه تم توقيع اتفاقية للتعاون بين اتحاد الناشرين العرب والجانب الصيني لنشر وترجمة 200 كتاب من العربية للصينية، وأيضا من الصينية الى اللغة العربية.
وأضاف مستو أن الوطن العربي بحاجة حاليا إلى الاطلاع على ثقافة وحضارة بلدان العالم لاسيما القوية والمتقدمة، ودولة الصين، ثاني اكبر قوة أقتصادية فى العالم، تملك من المقومات الكثير لانشاء بيننا جسرا من التعاون والتواصل فى كافة المجالات ، وهو الدور الذى يلعبه اتحاد الناشرين العرب الذى يقدم رسالة يحاول من خلالها نقل حضارة وثقافة امتنا العربية الى العالم.
وقال عاصم شلبى أمين عاما مساعد اتحاد الناشرين العرب إن التحربة الصينية تستحق فعلا الدراسة ومحاولة معرفة أبعادها خاصة لما شهدناه بالمنتدي الصيني العربي من تنظيم على اعلى مستوى والأفكار المرتبه والطموحات الواسعة للتعاون مع العالم العربى فى كافة المجالات ، وأتفق معه فى الرأي عبد الرؤوف اليمامى، الذى أكد ضرورة العمل المشترك على بحث هذه التجربة بكافة أبعادها والاستفادة منها، منوها بالدراسة التى سيتم اعدادها لعرضها على "الألكسو" والتوافق عليها من مختلف دور النشر العربية بشأن مجالات الترجمة والنشر.
وفي مداخلتهم أتفق كل من عبد الوهاب رشاد، ومحمد حامد راضى عضوا اتحاد الناشرين العرب، على الدور الذي يقوم به الأتحاد بهذه القضية الهامة التى لا تهم مصر فقط، لكنها تهم العالم العربي كله خاصة وأن النهضة العربية هي شكل متكامل تبنى دعائمة نهضة الدول العربية، خاصة وان التنمية والنهضة السليمة فى مصر تنعكس على باقى البلدان العربية والعكس صحيح، وجميعها تشكل جسرا للتعاون مع الجانب الصيني الذى يمد يده للتعاون والمشاركة مع العالم العربي .
يذكر أن الجانب الصيني كان قد عقد إتفاقا للتعاون مع عدد من الدول العربية يتم بمقتضاة إطلاق مشروعين للنشر والترجمة الأول يتضمن، ترجمة ونشر ألف مؤلف كلاسيكي باللغة العربية في غضون عشر سنوات، والمشروع الثاني يتضمن الترجمة المتبادلة والنشر للمؤلفات الكلاسيكية الصينية والعربية.