تحت رعاية وزارتي: الثقافة المصرية والصينية، والمركز القومي للترجمة، والمركز الثقافي الصيني بالقاهرة، عقدت مؤخراً ندوة بعنوان "المنتدي الصيني المصري للترجمة" وذلك من منطلق أن الترجمة من الصينية إلي اللسان العربي هي الولوج إلي كنز غني يضم فرائد متنوعة من الفن واللغة والثقافة والعمق التاريخي والأدبي. وقد كان من المفترض أن يصبح هذا المنتدي جزءً من فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب- الذي ألغي بسبب قيام ثورة 25 يناير- فقد كان مقرراً للصين أن تحل كضيف شرف علي المعرض هذا العام. حضر المنتدي عدد من الشخصيات الصينية: ليو بينجيه، رئيس الهيئة العامة للكتاب بالصين الذي قال في كلمته إن إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية تهدف إلي تحقيق التعاون الشامل، وستؤدي بدورها إلي تنمية مشتركة في إطار منتدي التعاون العربي الصيني، في حين أشار البرفيسور جي باو تشن، رئيس جامعة الشعب، وعالم الاقتصاد المرموق، أشار إلي الدور الإيجابي لتعزيز التفاهم بين البلدين الذي يعد مقدمة للتنمية ولازدهار الأدب وحركة النشر في الوقت الحاضر، مثلما هو انعكاس وتجسيد لأجواء التفاهم الثقافي، بل واستجابة لمتطلبات العصر. وأعرب عن ثقته في أن يلعب هذا المنتدي دوراً رئيساً في دفع النشاط الثقافي الصيني والعربي قدماً في إطار من الود والتفاهم. أما يو هوا، طبيب الأسنان الصيني الذي احترف الكتابة فطغت موهبته حتي فاز بالعديد من الجوائز داخل الصين، فقال في كلمته إن الخيال يمكنه أن يوصل الإنسان للطيران الفعلي فقد تأثر بكتابات »مركيز" وغيره من الكتاب، وأكد أنه لولا الترجمة التي تعد قراءة أو كتابة أخري للنصوص لما استلهم الكثير من الكتاب مصادر إبداعاتهم. وقد حظي المنتدي بحضور قامة عربية ومصرية كبيرة متمثلة في شخص المفكر الكبير الدكتور ثروت عكاشة الذي كرمته الصين باعتباره من أهم الشخصيات العربية المؤثرة علي مدي قرن. ثم تحدث الروائي جمال الغيطاني مشيرا إلي أن التراث الذي سيظل ملكً للبشرية سواء كان في مصر أو الصين أو غيرهما هو مصدر تجدد وإلهام يشعر الإنسان برقيه وسموه الروحي والاخلاقي. وكان من أهم المكرّمين في المنتدي عدد من أساتذة اللغة الصينية بكلية الألسن ومنهم الدكاترة: مجدي مصطفي، ونينت نعيم، ووحيد السعيد، وأميمة غانم. وقد تحدث المكرم الدكتور محسن فرجاني، عن تجربته في ترجمة العديد من كتب التراث الصيني، وكيف تعرف علي الثقافة الصينية، وتطرق إلي معلميه وأساتذته من الصينين، مشيراً إلي أنه تعلم من الثقافة الصينية الإحساس الجمعي الذي يمكّن من تأسيس مشروعات ثقافية عملاقة. موضحاً كيف أنه يعشق الترجمة كهواية، ويتمني أن يتواصل العالم العربي بالدنيا كلها عن طريق الترجمة، معرباً عن شكره لكل من ساعده في ذلك من زملاء وأساتذة من العرب والصينيين. كما تحدث المترجم الكبير شوقي جلال الذي ظهر اهتمامه بالصين وثقافتها وتفوقها في مجالات كثيرة. وكانت مفاجأة الاحتفالية كلمة الدكتور »صاعد قلب الكون" أو تشونغ جيكون، أستاذ اللغة العربية وآدابها بجامعة بكين، صاحب الترجمات العديدة والمؤلفات المتنوعة، التي ألقها بالعربية واحتوت علي مقتطفات من شعر المتنبي، والمعري، والشابي، والبارودي، ومحمود درويش، والفيتوري وغيرهم من الشعراء العظام، كما وصفهم هو نفسه، وقد أكد صاعد علي عظمة وخلود الأعمال التي ترجمت باللسانين الصيني والعربي لأن من المسلّم به أن اللغتين من أصعب اللغات في العالم وأقدمها، كما تتحلي الحضارتان العريقتان بتاريخ قديم وطويل غني بالشعر والنثر »الثري والبهي" علي حد تعبيره. وألقي الدكتور بسام "شيو تشينغ قو" أحد أشهر المترجمين من العربية إلي الصينية كلمة ختام المنتدي. وفي نهاية المنتدي أكد الجميع علي أنه لابد من التوصل إلي استراتيجية مدروسة ومدعومة من البلدين لتحقيق آفاق أرحب لعملية الترجمة، باعتبارها الجسر الذي يحمل الثقافات.