نجيب ساويرس: لا أكون سعيدا وهناك فقراء.. و15 ألف جنيه شهريا حد أدنى لحياة كريمة    تراجع الأسهم الأمريكية مع اقتراب 2025 من نهايته    القناة 12 العبرية: اتفاق نتنياهو وترامب على بدء ثاني مراحل اتفاق غزة    الأهلي يفوز على مصر للتأمين في دوري سوبر السلة للسيدات    الأرصاد: غدا طقس مائل للدفء نهارا شديد البرودة ليلا.. والصغرى بالقاهرة 13    الرعاية الصحية: التأمين الصحي الشامل نقلة نوعية في الخدمات الطبية بمحافظات الصعيد    د هاني أبو العلا يكتب: .. وهل المرجو من البعثات العلمية هو تعلم التوقيع بالانجليزية    قناة إسرائيلية: ترامب يتفق مع نتنياهو على الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة    غدًا.. محاكمة 3 طالبات في الاعتداء على الطالبة كارما داخل مدرسة    ضبط شخص بالجيزة لترويجه بيع سلاح ناري عبر مواقع التواصل الاجتماعي    للمرة الثانية.. أحمد العوضي يثير الجدل بهذا المنشور    الحسن عادل يطرح كليب "كل سنة" بمشاركة طفلة من متلازمة داون    رئيس الوزراء يستعرض مستجدات إعادة إحياء نزلة السمان كمقصد سياحي عالمي متكامل    بالمر يقود هجوم تشيلسي أمام بورنموث في مواجهة الدوري الإنجليزي    حلويات منزلية بسيطة بدون مجهود تناسب احتفالات رأس السنة    الحالة «ج» للتأمين توفيق: تواجد ميدانى للقيادات ومتابعة تنفيذ الخطط الأمنية    النصر يتأخر أمام الاتفاق في الشوط الأول    أمم أفريقيا 2025| انطلاق مباراة الكونغو الديمقراطية وبوتسوانا    تشكيل السنغال لمواجهة بنين في أمم أفريقيا 2025    أمين البحوث الإسلامية يلتقي نائب محافظ المنوفية لبحث تعزيز التعاون الدعوي والمجتمعي    الفضاء والفلك.. الكون أكثر اقترابا من أى وقت مضى    استقرار سعر الريال السعودي في ختام تعاملات اليوم 30 ديسمبر 2025    هل تبطل الصلاة بسبب خطأ فى تشكيل القرآن؟ الشيخ عويضة عثمان يجيب    هل يجب خلع الساعة والخاتم أثناء الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    وزارة «العمل» تصدر قواعد وإجراءات تفتيش أماكن العمل ليلًا    القاهرة الإخبارية تكشف أسباب فرض حظر التجوال في اللاذقية بسوريا    طلاب جامعة العاصمة يشاركون في قمة المرأة المصرية لتعزيز STEM والابتكار وريادة الأعمال    وزير الثقافة يتابع تنفيذ توصيات لجنة الدراما بشأن أعمال موسم رمضان 2026    خالد الجندى: القبر محطة من محطات ما بعد الحياة الدنيا    خالد الجندي: القبر مرحلة في الطريق لا نهاية الرحلة    نهاية تاجر السموم بقليوب.. المؤبد وغرامة وحيازة سلاح أبيض    الداخلية تضبط أكثر من 95 ألف مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    الجيش اللبناني يتسلم سلاحًا وذخائر من مخيم عين الحلوة    جيش الاحتلال يقتل طفلة فلسطينية شرقي مدينة غزة    21 يناير.. افتتاح الدورة ال16 لمهرجان المسرح العربي    كشف ملابسات مشاجرة بالجيزة وضبط طرفيها    بث مباشر مباراة الأهلي والمقاولون العرب في كأس عاصمة مصر    خبر في الجول - ناصر ماهر ضمن أولويات بيراميدز لتدعيم صفوفه في يناير    حبس رمضان صبحي سنة مع الشغل    منتخب مصر يحدد برنامج ودياته استعدادًا لمونديال 2026 بمواجهات أمام السعودية وإسبانيا والبرازيل والنرويج    رئيس جامعة قناة السويس يهنئ السيسي بالعام الميلادي الجديد    السيطرة على انفجار خط المياه بطريق النصر بمدينة الشهداء فى المنوفية    الأمانة العامة لمجلس النواب تبدأ في استقبال النواب الجدد اعتبارا من 4 يناير    «الزراعة»: تحصين أكثر من 1.35 مليون طائر خلال نوفمبر 2025    مهرجان المنصورة الدولي لسينما الأطفال يكشف عن بوستر دورته الأولى    ضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة قيمتها 7 ملايين جنيه    الصحة: تقديم 22.8 مليون خدمة طبية بالشرقية وإقامة وتطوير المنشآت بأكثر من ملياري جنيه خلال 2025    إصابة شخصين فى حادث تصادم سيارتين بقنا    الجامعة الأمريكية بالقاهرة في 2025، عام من الابتكارات والتأثير على المستوى العالمي    وزارة العدل تقرر نقل مقرات 7 لجان لتوفيق المنازعات في 6 محافظات    معهد الأورام يستقبل وفدا من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي لدعم المرضى    محافظ المنوفية يضع حجر الأساس لإنشاء دار المناسبات الجديدة بحي شرق شبين الكوم    جهاز القاهرة الجديدة: كسر بخط مياه فى شارع التسعين وجارى إصلاحه    بنك مصر يخفض أسعار الفائدة على عدد من شهاداته الادخارية    رئيس جامعة الجيزة الجديدة: تكلفة مستشفى الجامعة تقدر بنحو 414 مليون دولار    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    الشرطة الأسترالية: منفذا هجوم بوندي عملا بمفردهما    إصابة منصور هندى عضو نقابة المهن الموسيقية فى حادث تصادم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(الشروق) مع المصريين الناجين من جحيم سجن بو سليم الليبى
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 09 - 2011

التقت «الشروق» مع المعتقلين المصريين المفرج عنهم من سجن بوسليم، الذى سبق أن قتل فيه نظام معمر القذافى نحو 1300 سجين سياسى بالرصاص خلال ساعات فى تسعينيات القرن الماضى.
عددهم 38 مصريا كان قد تم اعتقالهم خلال أحداث ثورة 17 فبراير. وجرى اللقاء عقب قيام المجلس الوطنى الانتقالى، الحاكم فى ليبيا حاليا إثر إسقاط نظام القذافى، بنقلهم من العاصمة طرابلس، حيث يوجد السجن سيئ السمعة، بإحدى الطائرات العسكرية إلى مدينة بنغازى فى الشرق.
المعتقلون المصريون كشفوا عن تعرضهم خلال فترة اعتقالهم للتعذيب الممنهج من قبل كتائب القذافى الأمنية داخل الزنازين، وسردوا روايات متعددة عن مقتل عدد كبير من المصريين أثناء الثورة، التى أنهت 42 عاما من حكم القذافى. وذكر أحدهم معلومة «خطيرة» تتعلق بقيام كتائب القذافى بارتكاب «إبادة جماعية» لعدد كبير من الليبيين والمصريين فى منطقة قريبة من مدينة مصراتة بجوار سوق التوانسة.
وأكد المعتقلون المصريون المفرج عنهم اعتزامهم مقاضاة القذافى (69 عاما)، بتهمة اعتقالهم خلال تلك الفترة الماضية دون وجه حق، واشترطوا على المجلس الوطنى الانتقالى عدم خروجهم من الأراضى الليبية إلا بعد أن يحصلوا على ما يثبت أنهم كانوا معتقلين فى سجن بوسليم، ليتسنى لهم رفع دعوى قضائية، وهو ما استجاب له رئيس المجلس الانتقالى المستشار مصطفى عبدالجليل.
وبينما أعرب المعتقلون المفرج عنهم عن امتنانهم للمجلس الانتقالى، الذى تحمل نفقات نقلهم ووفر فندقا لهم، ومنحهم مصروفا يوميا طيلة فترة إقامتهم، كما أصدر تعليمات بالتصريح لهم بالعمل، شنوا هجوما ضاريا على السفارة والقنصلية المصرية، قائلين إنهم لم يتلقوا منها أى اتصال أو اهتمام منذ اعتقالهم وحتى بعد الإفراج عنهم.
أحمد محمد جمعة، شاب من مواليد 1978، جاء من محافظة القليوبية إلى العاصمة الليبية عام 1998، وتم اعتقاله خلال الثورة والزج به فى سجن بوسليم، ويروى قصته قائلا: «هربت من مصر إلى ليبيا بحثا عن فرصة عمل، وفى طرابلس بدأت فى بيع الملابس حتى أكرمنا الله وأصبح لدينا محلات ملابس فى مدينة مصراتة، ومع بداية الاحتجاجات الشعبية خرجت الأمور فى مصراتة عن السيطرة لتأييد أهل المدينة الحاشد لثوار 17 فبراير».
وعن كيفية اعتقاله يوضح: «بعد قيام كتائب القذافى بدخول المدينة كان الموت هو أسهل شىء لو عرفت الكتائب هويتك المصرية، فكنا نهرب إلى ميناء مصراتة، وقد مكثنا داخله لمدة 10 أيام.. ولم يسأل عنا أحد من السفارة والقنصلية المصرية، وفى يوم 17 مارس قبضت علينا الكتائب وضربونا بشكل وحشى، وبالطبع كان علينا الاعتراف فى بداية الأمر بأننا نعمل مع الثوار ضد نظام القذافى، وقد أدخلونا داخل دباباتهم، وقاموا بترحيلنا إلى سجن بوسليم».
وعما تعرض له داخل سجن بوسليم يقول أحمد: «بمجرد دخولك إلى السجن يقوم ضباط السجن بعمل ما يسمى بالتشريفة لكل معتقل، حيث يتم صعقنا بالكهرباء، وضربنا بكل أنواع العصى والأسلاك الكهربائية».
ويضيف: «كانوا يقومون بترحيلنا من سجن إلى سجن، وكان المصريون جميعا فى عنبر واحد، إلا أننا كنا نسمع بوجود مصريين داخل عدد آخر من العنابر تحت الأرض، لاسيما من السجناء السياسيين، وسمعنا من أحد الحراس الليبيين بتصويرهم لعملية قتل جماعى لما يقرب من 150 مصريا».
وعن أشكال الانتهاكات التى تعرض لها مع زملائه المصريين، يقول: «كنا 40 مصريا داخل زنزانة الحجز، وكنا نتبول داخل زجاجة فارغة، وكانوا يمنعوننا من قضاء حاجتنا، بحجة أننا مصريون.. أما طعامنا فكان عبارة عن بيضة واحدة لكل أربعة أشخاص، وأحيانا كانوا يقذفوننا بسلاطة خضراء على الأرض لنتناولها جميعا من شدة الجوع».
عزيز البطل محمد، 41 عاما يعمل فى مجال المقاولات وتم اعتقاله من مدينة الزاوية يوم 20 مارس، يقول «حاولت الهروب من المدينة، لاسيما بعد هروب آلاف المصريين ومعهم أقربائى عبر المعبر التونسى، ولكنى لم أتخيل أن يزداد الوضع سوءا بهذه السرعة، حيث أصيبت الكتائب بحالة صرع ضد المصريين، فوجدتهم يستولون على أموالى وجواز السفر، وقاموا بإرسالى إلى سجن بوسليم».
وعما تعرض له داخل السجن يوضح: «كانوا يخلعون عنا ملابسنا، ويقومون بتعليقنا من أرجلنا، ثم يصعقوننا بالكهرباء، وكانوا يعطوننا شاشة بها مطهر لعلاج جروحنا، وكان زملائى فى الزنزانة يقومون بتطهير جروحى وهكذا.. وقد ازداد الأمر سوءا بسبب عدم النظافة وعدم الاستحمام لفترة طويلة».
وعن أعداد القتلى من المصريين، أجمع كل المعتقلين المصريين المفرج عنهم على أنه لا أحد يعرف العدد الحقيقى، مشيرين إلى أن العديد من عناصر كتائب القذافى أكدوا لهم أن ثمة فتوى تبيح قتلهم، ولاسيما أنهم كانوا يعتبرون مصر والمصريين وراء ما يحدث فى ليبيا.
أما محمود محمد، أحد المفرج عنهم، فأورد معلومة خطيرة بقوله: «أثناء ترحيلنا من مصراتة إلى سجن بوسليم قامت الكتائب بتجميع كل المعتقلين فى منطقة تسمى سوق التوانسة، وهناك جرى أمام أعيننا إبادة جماعية لمواطنين مصريين وليبيين.. ربطت الكتائب أيديهم وأرجلهم وغطت أعينهم وأدخلتهم فى حاوية كبيرة حيث أطلق ضابط الرصاص عليهم».
ويضيف محمد: «أجبرونا على دفن القتلى بعد وضع بطانية عليهم، وخلال اليوم الذى مكثنا فيه تم إعدام 20 شخصا، وقد أخبرنا أحد كبار المسئولين فى قوات الثورة الليبية بما حدث من إبادة جماعية».
تامر عيد مصطفى أحمد، 27 عاما كان قبل اعتقاله يعمل فى محل دواجن بمدينة مصراتة، يروى قصة خاصة عن انتهاكات حدثت له داخل سجن بوسليم فى حجرة للتعذيب تسمى «الهوندا»، قائلا: «تم إجبارى على شرب بول أحد الضباط الذى كان يقوم بتعذيبه بعد أن جرى وضعه فى زجاجة.. كما وضع أحد الضباط عصا غليظة بمؤخرته حتى سالت الدماء منه».
عبدالعال محمد عبدالعال، 31 عاما، يقول: «أعمل مزارعا، ولم أفعل شيئا فى حياتى أعاقب عليه، إلا أننى فوجئت فى يوم 20 مارس باقتحام الكتائب المزرعة التى أعمل فيها، وأخذوا أوراقى الشخصية، وضربونى حتى سالت الدماء منى ثم اقتادونى إلى سجن بوسليم».
مجدى عبدالفتاح، جاء من مدينة الفيوم ليعمل فى ليبيا بمجال المقاولات، إلا أنه وجد فى انتظاره «كتيبة الرعب»، وهى كتيبة خميس القذافى، التى قامت باعتقاله والزج به فى السجن بعد أن أخذت جميع ممتلكاته.
عبدالرحمن رمضان، 27 عاما، تم اعتقاله من مصراتة، وعن قصته يقول: « كنت أعمل بإحدى الورش وفجأة وجدت الأعيرة النارية تطلق حولى وكأن الحرب بدأت ثم دخلت الكتائب واتهمتنى بقتل ضابط ليبى واستخراج قلبه ثم اقتادونى إلى التليفزيون الليبى للاعتراف بما لم أفعله.. بعدها أدخلونى الزنزانة السياسية بسجن بوسليم، حيث عذبونى حتى سالت الدماء من جميع أجزاء جسدى».
أسامة عبدالمحسن، 22 عاما، تم اعتقاله أيضا من مصراتة، يقول «كان الوضع فى المدينة مخيفا بسبب تأييدها للثوار، وهو الأمر الذى جعل المصرى بالنسبة للكتائب بمثابة ثأر حتى قامت الكتائب باعتقالى والحمد لله أنها لم تقتلنى».
أحمد محمود حمدى، من مدينة الفيوم وجرى اعتقاله فى مصراتة، تحدث عن نقطة مغايرة، قائلا: «زملائى جميعا تحدثوا عن التعذيب أما أنا فأريد أن أتحدث عن تقصير السفارة المصرية منذ اندلاع الثورة فى 17 فبراير وحتى الآن.. مشهد المصريين فى ميناء مصراتة كان جريمة لابد أن يعاقب عليها هؤلاء الدبلوماسيون».
ويضيف حمدى: «مازلت أتذكر مشهد عدد كبير من المصريين وهم يموتون أمامى بعد أن ظل آلاف المصريين فى العراء لمدة 15 يوما على أمل أن تنقلهم أى سفينة إلى مصر، ولكن خاب أملهم جميعا فى الوقت الذى كانت تقوم فيه دولة مثل فرنسا بنقل رعاياها دون أن يشعر بها أحد».
أما أحمد عونى، 25 عاما، فيوضح أنه تم اعتقاله فى مدينة أجدابيا، وأثناء فترة اعتقاله فى سجن بوسليم كانوا يسكبون الماء داخل الزنزانة، وعلى جسده حتى لا ينام، وذلك لإجباره على القول بأنه ينتمى لثوار 17 فبراير.
سلامة على عبدالغنى، 34 عاما ويعمل فى مجال المقاولات وجرى اعتقاله من مدينة مصراتة، يقول: «أشعر بالمرارة والألم الشديد من الدبلوماسية المصرية التى تفتقد للنخوة، فقد أغلق السفير المصرى فى طرابلس هواتفه المحمولة، واكتفى قنصلنا فى بنغازى بإرسال أحد المندوبين الذين لا حول لهم ولا قوة مما أشعرنا بالإهانة».
ويختم سلامة روايته بالتشديد على ضرورة أن تقوم السفارات والقنصليات المصرية بدورها فى رعاية المصريين فى الخارج، مقترحا: «عمل تقييم شهرى من قبل المصريين فى الخارج للسفراء وبقية الدبلوماسيين فى دولهم»، مضيفا «لم نر السفير والقنصل المصرى فى ليبيا منذ الثورة وحتى بعد الإفراج عنا، ولولا المجلس الانتقالى لكان وضعنا فى غاية الصعوبة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.