اللجنة العامة للبرلمان توافق على موازنة المجلس للعام المالي 25/ 26    عقوبة تقاضي مبالغ دون وجه حق من أجر العامل في قانون العمل الجديد    اعتماد أول 3 معامل لاختبارات اللغات دوليًا بجامعة شرق بورسعيد التكنولوجية    رئيس النواب يوجه انتقادات حادة لتغيب وزيري المالية والتخطيط عن مناقشة الموازنة    السيسي يتفقد عددا من سيارات "سيتروين C4X" المصنعة محليا بنسبة مكون 45%    رئيس غرفة التطوير العقاري: قانون الرقم القومي للعقار يقضي على مشكلات الملكية    وزير البترول يبحث مع السويدي إليكتريك تعزيز التعاون فى البترول والتعدين    توجيهات رئاسية بالتعاون مع القطاع الخاص دعمًا لاستراتيجية توطين صناعة السيارات    مدبولي يتابع تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية في قطاعي البترول والأعمال العام    «النواب» يناقش مشروع قانون الموازنة العامة للدولة وخطة التنمية    صافرات الإنذار تدوي في النقب بعد رصد إطلاق صاروخ من اليمن    تصعيد جديد في الحرب، حاملة الطائرات الأمريكية يو إس إس نيميتز تتجه نحو الشرق الأوسط    قناة عبرية: تسلمنا 9900 طلب تعويض خسائر من سقوط الصواريخ الإيرانية    الاتحاد الأوروبى يحث ترامب على التخلى عن الحرب التجارية قبل انطلاق قمة السبع    مستشار الأمن القومي الإسرائيلي: تل أبيب لا تحتاج أمريكا لتحقيق أهدافها في إيران    بنفيكا يصطدم بطموحات بوكا جونيورز في مونديال الأندية 2025    موعد إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 في الدقهلية    المرور: تحرير 879 مخالفة للملصق الإلكتروني، ورفع 41 سيارة ودراجة نارية متروكة    المتهم بقتل حلاق في حفل زفاف بالنزهة يدلي باعترافات تفصيلية أمام النيابة    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بأطفيح    طقس الساعات المقبلة.. انخفاض حرارة ونشاط رياح    قرار عاجل من محافظ الدقهلية عقب انهيار منزل بدكرنس    إخماد حريق داخل منزل فى البدرشين دون إصابات    من قرارات قيس سعيد إلى قافلة الصمود، هند صبري المثيرة للجدل دائمًا    أكرم القصاص: المعارضة الإسرائيلية تحمّل حكومة نتنياهو مسئولية الحرب الفاشلة    الصحة: إصدار 19.9 مليون قرار علاج مميكن من خلال الهيئة العامة للتأمين الصحي خلال عام    وزير التعليم العالى: بنك المعرفة المصري تحول إلى منصة إقليمية رائدة    صباحك أوروبي.. صدام في مدريد.. إنجلترا المحبطة.. وتعليق كومباني    مباريات اليوم.. تشيلسي يبدأ مشوار المونديال.. والترجي يلعب فجرا    رد فعل تريزيجيه على تغريمه من الأهلي (تفاصيل)    مستقبل صناعة العقار في فيلم تسجيلي بمؤتمر أخبار اليوم    سعر اليورو اليوم الأثنين 16 يونيو 2025 أمام الجنيه بالبنوك المصرية    لغز كليوباترا.. معرض بباريس يكشف عن تاريخ وأسطورة أشهر ملكات مصر    أحمد السقا يرد برسالة مؤثرة على تهنئة نجله ياسين بعيد الأب    شام الذهبي تطمئن الجمهور على نجل تامر حسني: «عريس بنتي المستقبلي وربنا يشفيه»    خلافات زوجية في الحلقة الثالثة من «فات الميعاد»    حكم الصرف من أموال الزكاة والصدقات على مرضى الجذام؟.. دار الإفتاء تجيب    "علوم جنوب الوادي" تنظم ندوة عن مكافحة الفساد    صيف 2025 .. علامات تدل على إصابتك بالجفاف في الطقس الحار    محافظ أسوان: 14 ألف حالة من المترددين على الخدمات الطبية بوحدة صحة العوضلاب    تفاصيل إنقاذ مريض كاد أن يفقد حياته بسبب خراج ضرس في مستشفي شربين بالدقهلية    تنسيق الجامعات.. اكتشف برنامج فن الموسيقى (Music Art) بكلية التربية الموسيقية بالزمالك    مستشار الرئيس للصحة: مصر سوق كبيرة للاستثمار في الصحة مع وجود 110 ملايين مواطن وسياحة علاجية    الزمالك يُخطر نجمه بالرحيل والبحث عن عروض (تفاصيل)    أحمد فؤاد هنو: عرض «كارمن» يُجسّد حيوية المسرح المصري ويُبرز الطاقات الإبداعية للشباب    الحرس الثوري الإيراني: عملياتنا ستستمر حتى زوال إسرائيل بالكامل    انتصار تاريخي.. السعودية تهزم هايتي في افتتاحية مشوارها بالكأس الذهبية    إيران: مقتل 224 مواطنا على الأقل منذ بدء هجمات إسرائيل يوم الجمعة    بعد تعرضها لوعكة صحية.. كريم الحسيني يطلب الدعاء لزوجته    فيديو.. الأمن الإيراني يطارد شاحنة تابعة للموساد    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    مجموعة الأهلي| شوط أول سلبي بين بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    إمام عاشور: أشكر الخطيب.. ما فعله ليس غريبا على الأهلي    ليلى عز العرب: كل عائلتى وأصحابهم واللى بعرفهم أشادوا بحلقات "نوستالجيا"    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    أسماء ضحايا ومصابي حادث مصنع الطوب بالصف.. 4 وفيات و2 مصابين من قرى العياط والبدرشين    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(الشروق) مع المصريين الناجين من جحيم سجن بو سليم الليبى
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 09 - 2011

التقت «الشروق» مع المعتقلين المصريين المفرج عنهم من سجن بوسليم، الذى سبق أن قتل فيه نظام معمر القذافى نحو 1300 سجين سياسى بالرصاص خلال ساعات فى تسعينيات القرن الماضى.
عددهم 38 مصريا كان قد تم اعتقالهم خلال أحداث ثورة 17 فبراير. وجرى اللقاء عقب قيام المجلس الوطنى الانتقالى، الحاكم فى ليبيا حاليا إثر إسقاط نظام القذافى، بنقلهم من العاصمة طرابلس، حيث يوجد السجن سيئ السمعة، بإحدى الطائرات العسكرية إلى مدينة بنغازى فى الشرق.
المعتقلون المصريون كشفوا عن تعرضهم خلال فترة اعتقالهم للتعذيب الممنهج من قبل كتائب القذافى الأمنية داخل الزنازين، وسردوا روايات متعددة عن مقتل عدد كبير من المصريين أثناء الثورة، التى أنهت 42 عاما من حكم القذافى. وذكر أحدهم معلومة «خطيرة» تتعلق بقيام كتائب القذافى بارتكاب «إبادة جماعية» لعدد كبير من الليبيين والمصريين فى منطقة قريبة من مدينة مصراتة بجوار سوق التوانسة.
وأكد المعتقلون المصريون المفرج عنهم اعتزامهم مقاضاة القذافى (69 عاما)، بتهمة اعتقالهم خلال تلك الفترة الماضية دون وجه حق، واشترطوا على المجلس الوطنى الانتقالى عدم خروجهم من الأراضى الليبية إلا بعد أن يحصلوا على ما يثبت أنهم كانوا معتقلين فى سجن بوسليم، ليتسنى لهم رفع دعوى قضائية، وهو ما استجاب له رئيس المجلس الانتقالى المستشار مصطفى عبدالجليل.
وبينما أعرب المعتقلون المفرج عنهم عن امتنانهم للمجلس الانتقالى، الذى تحمل نفقات نقلهم ووفر فندقا لهم، ومنحهم مصروفا يوميا طيلة فترة إقامتهم، كما أصدر تعليمات بالتصريح لهم بالعمل، شنوا هجوما ضاريا على السفارة والقنصلية المصرية، قائلين إنهم لم يتلقوا منها أى اتصال أو اهتمام منذ اعتقالهم وحتى بعد الإفراج عنهم.
أحمد محمد جمعة، شاب من مواليد 1978، جاء من محافظة القليوبية إلى العاصمة الليبية عام 1998، وتم اعتقاله خلال الثورة والزج به فى سجن بوسليم، ويروى قصته قائلا: «هربت من مصر إلى ليبيا بحثا عن فرصة عمل، وفى طرابلس بدأت فى بيع الملابس حتى أكرمنا الله وأصبح لدينا محلات ملابس فى مدينة مصراتة، ومع بداية الاحتجاجات الشعبية خرجت الأمور فى مصراتة عن السيطرة لتأييد أهل المدينة الحاشد لثوار 17 فبراير».
وعن كيفية اعتقاله يوضح: «بعد قيام كتائب القذافى بدخول المدينة كان الموت هو أسهل شىء لو عرفت الكتائب هويتك المصرية، فكنا نهرب إلى ميناء مصراتة، وقد مكثنا داخله لمدة 10 أيام.. ولم يسأل عنا أحد من السفارة والقنصلية المصرية، وفى يوم 17 مارس قبضت علينا الكتائب وضربونا بشكل وحشى، وبالطبع كان علينا الاعتراف فى بداية الأمر بأننا نعمل مع الثوار ضد نظام القذافى، وقد أدخلونا داخل دباباتهم، وقاموا بترحيلنا إلى سجن بوسليم».
وعما تعرض له داخل سجن بوسليم يقول أحمد: «بمجرد دخولك إلى السجن يقوم ضباط السجن بعمل ما يسمى بالتشريفة لكل معتقل، حيث يتم صعقنا بالكهرباء، وضربنا بكل أنواع العصى والأسلاك الكهربائية».
ويضيف: «كانوا يقومون بترحيلنا من سجن إلى سجن، وكان المصريون جميعا فى عنبر واحد، إلا أننا كنا نسمع بوجود مصريين داخل عدد آخر من العنابر تحت الأرض، لاسيما من السجناء السياسيين، وسمعنا من أحد الحراس الليبيين بتصويرهم لعملية قتل جماعى لما يقرب من 150 مصريا».
وعن أشكال الانتهاكات التى تعرض لها مع زملائه المصريين، يقول: «كنا 40 مصريا داخل زنزانة الحجز، وكنا نتبول داخل زجاجة فارغة، وكانوا يمنعوننا من قضاء حاجتنا، بحجة أننا مصريون.. أما طعامنا فكان عبارة عن بيضة واحدة لكل أربعة أشخاص، وأحيانا كانوا يقذفوننا بسلاطة خضراء على الأرض لنتناولها جميعا من شدة الجوع».
عزيز البطل محمد، 41 عاما يعمل فى مجال المقاولات وتم اعتقاله من مدينة الزاوية يوم 20 مارس، يقول «حاولت الهروب من المدينة، لاسيما بعد هروب آلاف المصريين ومعهم أقربائى عبر المعبر التونسى، ولكنى لم أتخيل أن يزداد الوضع سوءا بهذه السرعة، حيث أصيبت الكتائب بحالة صرع ضد المصريين، فوجدتهم يستولون على أموالى وجواز السفر، وقاموا بإرسالى إلى سجن بوسليم».
وعما تعرض له داخل السجن يوضح: «كانوا يخلعون عنا ملابسنا، ويقومون بتعليقنا من أرجلنا، ثم يصعقوننا بالكهرباء، وكانوا يعطوننا شاشة بها مطهر لعلاج جروحنا، وكان زملائى فى الزنزانة يقومون بتطهير جروحى وهكذا.. وقد ازداد الأمر سوءا بسبب عدم النظافة وعدم الاستحمام لفترة طويلة».
وعن أعداد القتلى من المصريين، أجمع كل المعتقلين المصريين المفرج عنهم على أنه لا أحد يعرف العدد الحقيقى، مشيرين إلى أن العديد من عناصر كتائب القذافى أكدوا لهم أن ثمة فتوى تبيح قتلهم، ولاسيما أنهم كانوا يعتبرون مصر والمصريين وراء ما يحدث فى ليبيا.
أما محمود محمد، أحد المفرج عنهم، فأورد معلومة خطيرة بقوله: «أثناء ترحيلنا من مصراتة إلى سجن بوسليم قامت الكتائب بتجميع كل المعتقلين فى منطقة تسمى سوق التوانسة، وهناك جرى أمام أعيننا إبادة جماعية لمواطنين مصريين وليبيين.. ربطت الكتائب أيديهم وأرجلهم وغطت أعينهم وأدخلتهم فى حاوية كبيرة حيث أطلق ضابط الرصاص عليهم».
ويضيف محمد: «أجبرونا على دفن القتلى بعد وضع بطانية عليهم، وخلال اليوم الذى مكثنا فيه تم إعدام 20 شخصا، وقد أخبرنا أحد كبار المسئولين فى قوات الثورة الليبية بما حدث من إبادة جماعية».
تامر عيد مصطفى أحمد، 27 عاما كان قبل اعتقاله يعمل فى محل دواجن بمدينة مصراتة، يروى قصة خاصة عن انتهاكات حدثت له داخل سجن بوسليم فى حجرة للتعذيب تسمى «الهوندا»، قائلا: «تم إجبارى على شرب بول أحد الضباط الذى كان يقوم بتعذيبه بعد أن جرى وضعه فى زجاجة.. كما وضع أحد الضباط عصا غليظة بمؤخرته حتى سالت الدماء منه».
عبدالعال محمد عبدالعال، 31 عاما، يقول: «أعمل مزارعا، ولم أفعل شيئا فى حياتى أعاقب عليه، إلا أننى فوجئت فى يوم 20 مارس باقتحام الكتائب المزرعة التى أعمل فيها، وأخذوا أوراقى الشخصية، وضربونى حتى سالت الدماء منى ثم اقتادونى إلى سجن بوسليم».
مجدى عبدالفتاح، جاء من مدينة الفيوم ليعمل فى ليبيا بمجال المقاولات، إلا أنه وجد فى انتظاره «كتيبة الرعب»، وهى كتيبة خميس القذافى، التى قامت باعتقاله والزج به فى السجن بعد أن أخذت جميع ممتلكاته.
عبدالرحمن رمضان، 27 عاما، تم اعتقاله من مصراتة، وعن قصته يقول: « كنت أعمل بإحدى الورش وفجأة وجدت الأعيرة النارية تطلق حولى وكأن الحرب بدأت ثم دخلت الكتائب واتهمتنى بقتل ضابط ليبى واستخراج قلبه ثم اقتادونى إلى التليفزيون الليبى للاعتراف بما لم أفعله.. بعدها أدخلونى الزنزانة السياسية بسجن بوسليم، حيث عذبونى حتى سالت الدماء من جميع أجزاء جسدى».
أسامة عبدالمحسن، 22 عاما، تم اعتقاله أيضا من مصراتة، يقول «كان الوضع فى المدينة مخيفا بسبب تأييدها للثوار، وهو الأمر الذى جعل المصرى بالنسبة للكتائب بمثابة ثأر حتى قامت الكتائب باعتقالى والحمد لله أنها لم تقتلنى».
أحمد محمود حمدى، من مدينة الفيوم وجرى اعتقاله فى مصراتة، تحدث عن نقطة مغايرة، قائلا: «زملائى جميعا تحدثوا عن التعذيب أما أنا فأريد أن أتحدث عن تقصير السفارة المصرية منذ اندلاع الثورة فى 17 فبراير وحتى الآن.. مشهد المصريين فى ميناء مصراتة كان جريمة لابد أن يعاقب عليها هؤلاء الدبلوماسيون».
ويضيف حمدى: «مازلت أتذكر مشهد عدد كبير من المصريين وهم يموتون أمامى بعد أن ظل آلاف المصريين فى العراء لمدة 15 يوما على أمل أن تنقلهم أى سفينة إلى مصر، ولكن خاب أملهم جميعا فى الوقت الذى كانت تقوم فيه دولة مثل فرنسا بنقل رعاياها دون أن يشعر بها أحد».
أما أحمد عونى، 25 عاما، فيوضح أنه تم اعتقاله فى مدينة أجدابيا، وأثناء فترة اعتقاله فى سجن بوسليم كانوا يسكبون الماء داخل الزنزانة، وعلى جسده حتى لا ينام، وذلك لإجباره على القول بأنه ينتمى لثوار 17 فبراير.
سلامة على عبدالغنى، 34 عاما ويعمل فى مجال المقاولات وجرى اعتقاله من مدينة مصراتة، يقول: «أشعر بالمرارة والألم الشديد من الدبلوماسية المصرية التى تفتقد للنخوة، فقد أغلق السفير المصرى فى طرابلس هواتفه المحمولة، واكتفى قنصلنا فى بنغازى بإرسال أحد المندوبين الذين لا حول لهم ولا قوة مما أشعرنا بالإهانة».
ويختم سلامة روايته بالتشديد على ضرورة أن تقوم السفارات والقنصليات المصرية بدورها فى رعاية المصريين فى الخارج، مقترحا: «عمل تقييم شهرى من قبل المصريين فى الخارج للسفراء وبقية الدبلوماسيين فى دولهم»، مضيفا «لم نر السفير والقنصل المصرى فى ليبيا منذ الثورة وحتى بعد الإفراج عنا، ولولا المجلس الانتقالى لكان وضعنا فى غاية الصعوبة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.