وزير العمل ومحافظ القاهرة يسلمان 100 عقد عمل لذوي الهمم في القطاع الخاص    "الأزهري": على القادة الدينيين توعية الشعوب لمواجهة الإبادة الجماعية ضد فلسطين    "الطفولة والأمومة" يطلق حملة "واعي وغالي" لحماية الأطفال من العنف    مفتى كازاخستان يستقبل وزير الأوقاف على هامش قمة زعماء الأديان    النقل تناشد المواطنين الالتزام بعدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه    تحالف الأحزاب المصرية يدشن الاتحاد الاقتصادي لدعم التنمية والاستقرار    ارتفاع أسعار 6 عملات عربية مقابل الجنيه خلال تعاملات اليوم    هيئة الاستثمار تستقبل سفير سريلانكا لبحث فرص التعاون الاستثماري بين البلدين    استقرار أسعار الأسماك اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    الجريدة الرسمية تنشر 3 قرارات جديدة للرئيس السيسي    الإنتاج الحربي: تعاون مع "ميزوها اليابانية" لتصنيع محطات توليد المياه من الهواء    وزير الخارجية يستعرض مع وزير الصناعة السعودى الفرص الاستثمارية المتاحة بمصر    مشتريات أجنبية تقود صعود مؤشرات البورصة بمنتصف تعاملات الخميس    إعلام إسرائيلي: مقتل 4 جنود وإصابة 3 آخرين جراء انفجار لغم جنوب قطاع غزة    وزير الخارجية السوري يصل واشنطن في زيارة هي الأولى منذ 25 عامًا    لواء صلاح المعداوي يكتب : هل سيقترب ترامب من جائزة نوبل للسلام ؟    ديستيني كوسيسو خليفة ميسي ويامال يتألق فى أكاديمية لا ماسيا    بعد تحطيمه رقمين جديدين.. ماذا قدم محمد صلاح مع ليفربول منذ 2017؟    ألم الركبة وراء استبعاد رمضان صبحى من مواجهة بيراميدز وزد    "فيريرا ثابت على موقفه".. التشكيل المتوقع للزمالك أمام الإسماعيلي    رئيس المقاولون ل في الجول: محرم سيقود الفريق لحين التعاقد مع مدرب جديد    دماء في حاجر دنفيق.. رصاص ولاد العم يقتل شابًا ويصيب آخر بقنا    النقل تناشد المواطنين الالتزام بقواعد عبور المزلقانات حفاظًا على الأرواح    آثار تحت قصر ثقافة ومستوصف.. سر اللقية المستخبية فى الأقصر وقنا -فيديو وصور    كشف ملابسات مشاجرة بالشرقية وضبط المتهم    وفاة الإعلامية اللبنانية يمنى شري بعد صراع مع المرض    مهرجان VS-FILM للأفلام القصيرة يكرم أشرف عبد الباقي في دورته الثانية    أفلاج عمان وعالم السحر والحسد فى «تغريبة القافر»    اليوم.. افتتاح الدورة الأولى من مهرجان بورسعيد السينمائي    «نعتز برسالتنا في نشر مذهب أهل السنة والجماعة».. شيخ الأزهر يُكرِّم الأوائل في حفظ «الخريدة البهية»    جولة مفاجئة لنائب الوزير.. استبعاد مدير مناوب بمستشفى قطور المركزي    التأمين الصحي الشامل: 495 جهة حاصلة على الاعتماد متعاقدة مع المنظومة حتى أغسطس 2025    الصحة تشارك في مؤتمر إيجي هيلث لدعم الخطط الاستراتيجية لتطوير القطاع الصحي    "الألفي": الزيادة السكانية تمثل تحديًا رئيسيًا يؤثر على جودة الخدمات    10 ورش تدريبية وماستر كلاس في الدورة العاشرة لمهرجان شرم الشيخ الدولي لمسرح الشباب    ضبط المتهم بإنهاء حياة زوجته بمساكن الأمل في بورسعيد    جبران: تحرير 3676 محضرًا خاصًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 5 أيام فقط    دراسة: كيم جونج أون غير راض عن مستوى التعويضات التي حصلت عليها بلاده من روسيا مقابل نشر قواتها    مورينيو يرحب بالعودة لتدريب بنفيكا بعد رحيل لاجي    مفاجأة، إمام عاشور يستعد للرحيل عن الأهلي في يناير    مصر وروسيا تبحثان سبل التعاون بمجالات التعليم الطبي والسياحة العلاجية    رئيس اتحاد الصناعات: العمالة المصرية المعتمدة تجذب الشركات الأجنبية    مصرع شخصين وإصابة 3 آخرين فى حادث تصادم أتوبيس مع سيارة نقل بطريق مرسى علم    ترامب يهاجم الأمير هاري.. ويؤكد: أمريكا وبريطانيا نغمتين للحن واحد    ملك إسبانيا: المتحف الكبير أيقونة مصر السياحية والثقافية الجديدة    وزير الري يلتقي الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية لبحث مجالات التعاون المشترك    الهلال الأحمر يدفع بأكثر من 80 ألف سلة غذائية للأشقاء الفلسطينيين عبر قافلة «زاد العزة» ال 40    التحفظ على أكثر من 1400 كتاب دراسى خارجى مقلد داخل مكتبتين    حكم تعديل صور المتوفين باستخدام الذكاء الاصطناعي.. دار الإفتاء توضح    خواكين فينيكس وخافير بارديم وإيليش يدعمون الحفل الخيرى لدعم فلسطين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18سبتمبر2025 في المنيا    شديد الحرارة.. حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    بيان ناري من غزل المحلة ضد حكم مباراة المصري    الشرع: أمريكا لم تمارس الضغط على سوريا.. والمحادثات مع إسرائيل قد تؤدي لنتائج الأيام المقبلة    هنيئًا لقلوب سجدت لربها فجرًا    "سندي وأمان أولادي".. أول تعليق من زوجة إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    "معندهمش دم".. هجوم حاد من هاني رمزي ضد لاعبي الأهلي    احتفظ بانجازاتك لنفسك.. حظ برج الدلو اليوم 18 سبتمبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التوافق السياسى ننتزعه من قلب المعركة
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 08 - 2011

بناء التوافق الشعبى لا يمكن أن يتم إلا عبر الاختلاف والصراع. فعبر الأحزاب التى تغرس نفسها فى قواعدها الاجتماعية وبناء على مصالحها، تتبلور الرؤى السياسية المختلفة لمستقبل البلاد.
ظهر هؤلاء فى مظاهرة 27 مايو بالتحرير التى سميت ب«جمعة الغضب الثانية». مجموعة من الشباب طافت الميدان بحثا عن أى لافتات حزبية لإنزالها بالقوة، «لأن الثورة فوق الأحزاب التى تولد الاختلاف وتقوم على المصالح الخاصة». هذا العداء للحزبية، الذى يتسع للتوجس من الاختلاف السياسى عموما، لدى قطاعات من السياسيين والكتاب، وليس فقط بعض الشباب حديث العهد بالسياسة، هو امتداد لثقافة سنوات من القمع السياسى والتحريض الإعلامى على الحزبية والاختلاف، الذى لابد وأن يكون مأجورا ومعبرا عن مصالح سياسية أنانية وربما مؤامرة دولية.
ولا يمكن الفصل بين النزعة المتطرفة فى البحث عن توافق سياسى عام، يكاد يصل لضرورة التوصل لإجماع، فى كل القضايا الرئيسية والتحديات المطروحة على أجندة الثورة، وبين العداء للاختلاف. هذه النزعة، التى ترتدى ثياب العقلانية، تواجه معضلات عملية حقيقية تجعلها هى نفسها خطرا على الثورة.
●●●
مثلا، تقوم نزعة ضرورة بناء التوافق العام على عمل فوقى نخبوى. انظر إلى الأغلبية الكاسحة من المبادرات المتعلقة بالدستور المقبل مثلا. إذ يجتمع عدد من خبراء القانون الدستورى والسياسيين لمناقشة وصياغة ما يعتقدون أنه الدستور الأمثل. أو حتى يدعونا البعض لخلق ما يسمى بالتيار الرئيسى الذى يعلنه ويصيغه مجموعة من الأكاديميين. وتصبح العملية هنا معكوسة. إذ عوضا عن خلق التوافق على مبادئ عامة تشكل أساسا للدستور أو أفكارا يمكن اعتبارها تيارا رئيسيا، على الأرض فى خضم الصراع السياسى والاجتماعى بين الملايين، تصبح العملية فى يد القلة العالمة. وهو مجهود مشكور لكنه سيواجه تحدى إقناع الجماهير، وهو مالا يحدث بسبب أن من يقومون بذلك لديهم فى الغالب مشكلة تمثيل واضحة. فهم فى نقاشهم هذا لا يعبرون عن اتجاهات محددة بين المصريين، ولا يمتلكون صيغة تنظيمية وسياسية تصلهم بهم لإقناعهم بما يتوصلون إليه من نتائج قد تكون عظيمة. وهكذا يصبح من الطبيعى أن تتعدد المبادرات بتعدد التوجهات بل أحيانا بحسب الميول الفكرية الفردية.
وتقوم نزعة بناء هذا النوع من التوافق على وهم أن مسار ما بعد الإطاحة بمبارك يجب ان يستند على ما يشبه الاجماع، وهو أمر ينفيه واقع الأمر فى المجتمعات الديمقراطية (هل حدث أبدا أن انتهى استفتاء أو عملية انتخابية فى أوروبا وفى قضايا كبرى مؤسسة كالانضمام للاتحاد الأوروبى بنسب التسعين فى المائة ولا حتى الثمانين؟) بل وينفيه تطور ثورتنا. فلم يكن هناك فى أية لحظة إجماع كامل فى أى مرحلة منها. انقسم المجتمع فى موقفه منها فى كل منعطف وإن بنسب تغيرت مع مرور الوقت لصالح تأييد من الأغلبية، عكس نفسه فى ملايين المتظاهرين والمعتصمين وراء مطلب تنحى مبارك. لم نر إجماعا فى أى وقت من الأوقات. أما توافق الأغلبية فقد تمت صياغته فى الشارع ووراء المتاريس وفى مواجهة قوات الأمن المركزى وبدماء مئات الشهداء. تم إرساؤه على الأرض واستنادا على مصالح وقوى اتصلت فى رغبتها فى الإطاحة بهذا النظام الفاسد. وكانت القوة الدافعة لهذا التوافق هى الفعل الجماهيرى العفوى البطولى.
وتكشف بعض مبادرات التوافق الفوقية تلك وهم بناء الإجماع من أعلى لأسفل، إذ تتأسس سرا أو جهارا على اقصاء بعض التيارات المختلفة معها أو حتى لمواجهتها. (توافق على دستور مدنى فى مواجهة الإسلاميين مثلا).
والحقيقة أن بناء التوافق الشعبى الحقيقى لا يمكن أن يتم فى هذه المرحلة إلا عبر الاختلاف والصراع. فعبر الأحزاب التى تغرس نفسها فى قواعدها الاجتماعية وبناء على مصالحها، تتبلور الرؤى السياسية المختلفة لمستقبل البلاد. ليس فى المعمل وإنما فى صلة هذه الرؤى بحياتها الحقيقية فى الأحياء والقرى. وعبر النقابات التى تمثل العاملين والاتحادات التى تعبر عن أصحاب العمل، تبلور المصالح المختلفة نفسها اجتماعيا وسياسيا وتقاتل على خطوات عملية ملموسة. هكذا فقط تظهر الرؤى، بشكل واضح وغير مجرد، لتمثل قطاعا من المصريين يمكن قياسه، فيصبح التوافق والتحالفات إمكانية عملية حقيقية.
●●●
الاختلاف والتحزب وبناء التحالفات والجبهات، بناء على الوجود الفعلى فى الشارع، هو طريقنا لبناء المجتمع الجديد. ففى قلب الصراع الاجتماعى وفى خضم معارك المصريين المستمرة من أجل الحرية ولقمة العيش يتخلَّق التوافق فى بلادنا.. توافق حقيقى يستند على تأييد أغلبية المصريين. وهو توافق لا ينبع من عقل المثقف مهما كان ثوريا أو عبقريا، وإنما يتم انتزاعه فى اختبار المعركة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.