الخطاب الدينى.. «صناعة الحضارة» «الشيوخ» يفتح ملف التجديد.. والأزهرى: استراتيجية لمواجهة التطرف    مصر أكتوبر يواصل دعم ذوي الهمم عبر ورش عمل لتأهيل المتعاملين    وزارة التموين تناشد المواطنين إبلاغها بالمحطة محل الشكوى من طرمبة البنزين    المغرب وموريتانيا يبحثان ترسيخ أسس التعاون جنوب-جنوب ومواجهة التحديات التنموية    عشرات الطائرات الإسرائيلية تشن 8 موجات قصف على مواقع حوثية بميناء الحديدة    تصعيد عسكري في غزة وسط انهيار إنساني... آخر تطورات الأوضاع في قطاع غزة    أوكرانيا تستهدف وحدة قيادة طائرات مسيرة روسية في كورسك    شولتز: ألمانيا ستواصل دعمها لأوكرانيا بالتنسيق مع شركائها الأوروبيين    أولمو: مواجهة إنتر ميلان فرصة لكتابة التاريخ ولدينا المقومات للفوز بكل شيء    رئيس "السيزم ": بطولة العالم للفروسية بالعاصمة الإدارية ملتقى للثقافات والقيم المشتركة    بعد أزمة رحيله.. ماذا قدم رامي ربيعة مع الأهلي هذا الموسم 2024-2025؟    وزير الرياضة يهنئ المصارعة بعد حصد 62 ميدالية في البطولة الأفريقية    حبس سايس تحرش بسيدة داخل مدخل عقار بالعجوزة    أولى صدمات مُحبي الشتاء.. بيان مهم بشأن حالة الطقس غدا الثلاثاء (تفاصيل)    كشف غموض سقوط عامل بمطعم شهير في باب الشعرية    التصريح بدفن جثتين طفلتين شقيقتين انهار عليهما جدار بقنا    مكتبة الإسكندرية تعرض "أوبريت البروكة" لسيد درويش نهاية مايو الجاري    مي عمر ومحمد سامي في عزاء زوج كارول سماحة    «حتى أفراد عائلته».. 5 أشياء لا يجب على الشخص أن يخبر بها الآخرين عن شريكه    أسرار حب الأبنودى للسوايسة    رئيس تيار الاستقلال الفلسطيني: الاحتلال يسيطر على كل كبيرة وصغيرة في غزة    «القفازات إذا لزم الأمر».. مؤتمر توعوي في الإسكندرية لنظافة اليدين| صور    محافظ سوهاج: مستشفى المراغة المركزي الجديد الأكبر على مستوى المحافظة بتكلفة 1.2 مليار جنيه    جامعة العريش تستقبل وفد الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية    أسعار النفط تتراجع 2.51%.. وبرنت يسجل أقل من 60 دولاراً للبرميل    سفير العراق يشيد بدور مصر فى دعم العراق.. ويؤكد: نسعى لبناء عاصمة إدارية    الرئيس عبد الفتاح السيسي يصل مقر بطولة العالم العسكرية للفروسية رقم 25 بالعاصمة الإدارية "بث مباشر"    الإفتاء توضح الحكم الشرعي في الاقتراض لتأدية فريضة الحج    أمين الفتوى يوضح حكم رفع الأذان قبل دخول الوقت: له شروط وهذا الأمر لا يجوز شرعًا    عاد من الاعتزال ليصنع المعجزات.. كيف انتشل رانييري روما من الهبوط؟    زراعة الشيوخ توصي بسرعة تعديل قانون التعاونيات الزراعية    خوفا من الإلحاد.. ندوة حول «البناء الفكري وتصحيح المفاهيم» بحضور قيادات القليوبية    يديعوت أحرونوت: 4 مليار دولار تكلفة توسيع إسرائيل للحرب في غزة    البابا تواضروس: الأقباط يتمتعون بالمواطنة الكاملة مثل المسلمين    وفاة نجم "طيور الظلام" الفنان نعيم عيسى بعد صراع مع المرض    محافظ القاهرة يعتمد جدول امتحانات الفصل الدراسي الثاني| صور    وزير العمل: وقعنا اتفاقية ب10 ملايين جنيه لتدريب وتأهيل العمال    وضع السم في الكشري.. إحالة متهم بقتل سائق وسرقته في الإسكندرية للمفتي    «هكتبلك كل حاجة عشان الولاد».. السجن 10 سنوات لمتهم بإنهاء حياة زوجته ب22 طعنة    ما حكم نسيان البسملة في قراءة الفاتحة أثناء الصلاة؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    وصلت لحد تضليل الناخبين الأمريكيين باسم مكتب التحقيقات الفيدرالي.. «التصدي للشائعات» تناقش مراجعة وتنفيذ خطط الرصد    سفيرة الاتحاد الأوروبي ومدير مكتب الأمم المتحدة للسكان يشيدا باستراتيجية مصر لدعم الصحة والسكان    الغرف السياحية: التأشيرة الإلكترونية ستؤدى إلى زيادة كبيرة في أعداد السائحين    حقيقة تعثر مفاوضات الزمالك مع كريم البركاوي (خاص)    وزير التعليم العالي يُكرّم سامح حسين: الفن الهادف يصنع جيلًا واعيًا    مستقبل الذكاء الاصطناعي ضمن مناقشات قصور الثقافة بالغربية    «اللعيبة كانت في السجن».. نجم الأهلي السابق يفتح النار على كولر    لمدة 20 يوما.. علق كلي لمنزل كوبرى الأباجية إتجاه صلاح سالم بالقاهرة    العملات المشفرة تتراجع.. و"بيتكوين" تحت مستوى 95 ألف دولار    إعلام إسرائيلى: الحكومة تقرر عدم تشكيل لجنة تحقيق فى أحداث 7 أكتوبر    لمتابعة استعدادات الصيف.. رئيس شركة مياه مطروح يتفقد عددا من المشروعات    وزارة الصحة تعلن نجاح جراحة دقيقة لإزالة ورم من فك مريضة بمستشفى زايد التخصصي    قطاع الرعاية الأساسية يتابع جودة الخدمات الصحية بوحدات طب الأسرة فى أسوان    الدكتور أحمد الرخ: الحج استدعاء إلهي ورحلة قلبية إلى بيت الله    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    جوري بكر في بلاغها ضد طليقها: "نشب بيننا خلاف على مصروفات ابننا"    محمود ناجي حكما لمواجهة الزمالك والبنك الأهلي في الدوري    ارتفعت 3 جنيهات، أسعار الدواجن اليوم الإثنين 5-5-2025 في محافظة الفيوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السؤال الثامن: سؤال النخبة
نشر في الشروق الجديد يوم 22 - 07 - 2011

نحن نثور فنحن إذا موجودون: هذا ما عبّر عنه الثائرون، بصيغهم، فى الميدان. تلقائية الحدث أوجدتهم، فى الميدان، وحدهم، بلا قيادة. نشأ عن هذا موقف «ميدانى» من النخب «الغائبة»، نزع عنها الثورية.
ارتباك هذه النخب دفعها إلى الاعتذار عن عدم الحضور فى الميدان أكثر مما دفعها إلى الإقناع بما كانت فعلت، قبله. هكذا أصبح الاعتراف بتلقائية الثورة تجاهلا أو حيفا فى حق نخب، منها ما هو أقدم ثورية من الميدان، وإن لم تصنع ثوريتهُ ثورة.
صحيح أن ما آلت إليه النخب، إلى حدود الثورة، كان فى الجملة، مفزعا، ومنه ما كان فيه تواطؤ مبتذلٌ مع نظام قمعى، فاسد، ولكنّ تكوين النخب وأطوارها وأدوارها أوسع من ظرفيّاتها. إن ظرفيةَ التقييم ليس لها أن تُهمل ما بذلتِ النخب، عبر العقود، من جهد النضال، فى الفكر والسياسة، وما تراكم من ذلك، عبر العقود. وليس هذا التراكم محصورا فى مجال أو تصنيف: فإذا كانت الحركات والأحزاب والنقابات، مثلا، هى مما يُعلَن نضالهُ فإن الفكر النقدى والإبداع الأدبى والفنى والدرس الجامعى المعمِّق للوعى بالتاريخ والظواهر هى أيضا مما تراكم، ليصبح من جملة العوامل الموضوعيّة للثورة. هذا معطى، وهو مما فعّل «الميدان». اختزاله لا يجرّد الثورة من رصيدها الفكرى فقط، وإنما وهذا أدهى يمرّر إليها، أيضا، أعراض نظامٍ سابق، عادَى الفكرَ وأهله. لن يبقى كثير من ظرفيات النخب، فهى تتوالد، تتجدّد، ويُنسى بعضها بعضا. محصّلة التراكم وحدها تبقى، فى الوعى الجماعى. وإذا كان ذلك، فكيف يمرّ ما يتراكم فى التجربة الثورية إلى هذا الوعى الجماعي؟ بالممارسة وبالتفاعل فيها، أولا. هذا قيل كثيرا ومعروف.
لكن الثورة، خصوصا إذا حدثت فى ظروف الثورات العربيّة وثقافتها، تحتاج إلى خطاب تبنيه، له من التماسك ما يضمن نشره وفاعليته واستمراره. هذا الخطاب جماعيّ وروافده من كل مجال، ولكن صياغته من مهام فئةٍ لها القدرة على تحويل «الخام» إلى منظومة تستوعب عمق التجربة الثورية وتكسبها بعدا فكريا ومعرفيا ييسّر التأمل فيها وتناقلَها ويبنى مرجعيّتها. هذه الفئة فكرية، بالدرجة الأولى، وقد لا يكون لها منزع إلى القيادة، كما أنّ لها أن تسميّ نفسها أو أن تسمَّى بأسماء كثيرة، ولكنّ مكانتها المعروفة هى مكانة ما يسمَّى نخبة.
ما لاح، فى بدء الثورة، من ردِّ فعل رافضٍ أو متحفظ أو مستخفّ بالنخب، كان منتظرا فى حدود ظرفه، وفى سياق عمّت فيه سلبيةُ النظرة إلى النخب الفكرية والسياسيّة و«دُفن» فيه المثقف.
هذا إذا لم نعد إلى قديم التحفّظ والحذر من «بورجوازية صغيرة» مستقطَبة، تميل مع الريح ولا تستقرّ على مبدأ. وإذا كان من مفارقة فى هذا فهى فى أن الموقف من النخبة الفكرية، تحديدا، لا تتخذه الفئات العريضة، فهو ليس من همومها، وإنما تتخذه فئات النخبة، بعضها من بعض. وللمناسبة، فإن التناقد، فى النخبة، لا يُفضى، أبدا، إلى نقد ذاتى.
كلّ هذا لا ينفى أن الثورة، هى أيضا، تفرز نخبتها. ملامح هذه النخبة الجديدة بدأت تظهر بين المنضمِّين إلى الثورة ومسانديها، وكذلك بين الثائرين أنفسهم. ومن أبرز ملامحها الفكريّة ميلٌ عند البعض إلى المفْهمة وإلى البحث عن مرجعيّة وعن سند معرفى يذكرونه. لقد ظهر، فى الانتماء الثورى، تمييز بين «الميدانيين» و«الخطابيين». هذا، على الأقل، قبل أن يتراجع «الميدانيون»، إلى مواقعهم فى الحياة الدنيا.
أما «الخطابيون» فمنهم من لا يحتاج إلى تعريف لدى عموم الناس، ولكن أغلبهم ممّن لم يُعرفوا واتضح، فى وسائل الإعلام، تنوّعهم وكثرتهم. ومهما كانوا، فموقفهم من النخبة، باسم الثائرين، هو مسلك معهود إلى النخبة، ولربما إلى النخبويّة، ولو من دون إحساس منهم بالمشى فى هذا المسلك.
للثورة، إذا، نخبتها، واقعا وإمكانا: نخبةٌ يُنتظر أن تتكوّن حول أهداف ومطالب ومعانٍ جديدة. نخبةٌ، فكرية بالخصوص، تقتنع بأنْ لا ثورة من دون فكر مبدع، وبأنّ الثورة أكبر من أن تُترك للسياسيين يتدبّرون أمرها.
وهى، ككل نخبة، شاءت أم أبت، ستعامَل، وقد تواجَه، على أنها نخبة. لن تخرج، فى هذا، عن مبدأ عامّ تحكّم فى ثورات أخرى. من رأى فى النخبة «شرا»، فسيرى أنه «لا بد منه».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.