1 لن يستطيع المعتصمون والمحتجون فى التحرير وميادين مصر الأخرى، وهم حملة مطالب توافقية وعادلة يراد منها استكمال أهداف الثورة ويتفاوضون حولها مع السلطات موظفين للشارع كمساحة الضغط الشعبى الرئيسية، مواصلة الموجة الثانية للثورة كما يسميها الصديقان العزيزان سمير مرقس وعمار على حسن ما لم يلتزموا بالكامل بسلمية الاعتصام والاحتجاج وبالامتناع عن تعويق سير الحياة الاعتيادى أو إغلاق المنشآت العامة والخاصة. وقد شاهدت مساء الثلاثاء كيف تفاوض بعض المعتصمين مع المجموعات التى أغلقت مجمع التحرير وأقنعوهم بفتح المجمع والتوقف عن أية ممارسات مشابهة. والهدف هنا ليس فقط الحفاظ على الطابع السلمى، بل أيضا الحيلولة دون أن يتحول الرأى العام وجموع المواطنين إلى مكون ضاغط على المعتصمين ورافض لهم بسبب تعويق اعتيادية الحياة والإضرار بمصالح البلاد. 2 نحتاج أيضا للتمسك بالمطالب التوافقية التى رفعت فى التحرير والميادين الأخرى والابتعاد عن الوقوع فى فخ أسقف المطالب المتضاربة والخطاب غير الموحد فى الميدان. لن يفيدنا كثيرا تصعيد الخطاب باتجاه المجلس الأعلى للقوات المسلحة ويضر بمصداقية الاعتصام التشكيك بلغة غير مقبولة فى وطنية المجلس. نحن فى مرحلة خلاف وتفاوض على الأرض مع المجلس الأعلى حول المطالب التوافقية واستكمال أهداف الثورة التى نرى أنها لم تتحقق بعد، والأفضل لإدارة الخلاف والتفاوض هو أن نتمسك بطابعه السياسى وأن نعبر عن موقفنا الناقد لبعض توجهات وسياسات المجلس الأعلى بوضوح وجرأة فى الحق دون تشكيك أو تخوين. على سبيل المثال، حمل البيان الأخير للمجلس استجابة للمطلب المتعلق بالمبادئ الحاكمة للدستور، إلا أنه لم يتضمن استجابة لبقية المطالب وصيغ بلغة تهديد ووعيد غير مقبولة وتجاوزت الإشارة المشروعة لضرورة عدم الإضرار بالمصلحة الوطنية والتعامل الحازم مع المتجاوزين لشرط سلمية الاعتصام والاحتجاج. 3 نحتاج أيضا كى ينجح التفاوض بين المعتصمين والسلطات ودون أن يستمر توجس الرأى العام من موجة الثورة الثانية لأن نربط بين المطالب التوافقية وبين المشهد الكبير لترتيبات المرحلة الانتقالية والتحول الديمقراطى المنشود. لابد أن نبين للرأى العام لماذا يشكل التمسك بمطلب عدم إحالة المدنيين للقضاء العسكرى محطة مركزية على مسار بناء دولة القانون وضمانات الحقوق والحريات لكل المواطنات والمواطنين. علينا أن نشرح بوضوح العلاقة الارتباطية بين إلغاء قانون تجريم الإضرابات والاعتصامات وبين الانتصار لحرية التعبير عن الرأى فى إطار القانون. صياغة هذه الروابط أمر شديد الجوهرية لإقناع السلطات بجدية ما نطرح، والرأى العام بأهميته. 4 هذه مرحلة جسارة فى التعبير عن مطالب الاعتصام والبحث عن حلول تفاوضية، وهنا جوهر الصعوبة التى نواجهها جميعا ونحن نجتهد فى النجاح على المستويين. حتما ستتفاوت التقديرات حول كيفية التفاوض ومحاوره وحول إمكانية الابتعاد عن التفاوض إن استمرت لغة التهديد والوعيد، المهم ألا نسمح للتفاوت هذا بأن يفرق صفوف مؤيدى المطالب التوافقية أو أن تحدث صراعات بينية والمهم أن يذكر بعضنا بعضا بأهمية الحفاظ على الجسارة فى الطرح وبالطابع السياسى والتفاوضى لما يحدث اليوم فى مصر.