إلى عهد قريب كان تعبير كسل الكبد أو دهون على الكبد لا يخيف أحدا ولا يسترعى الانتباه الذى يوجب العلاج لكن الأمر فيما يبدو يختلف الآن. أذاعت محطة CNN هذا الأسبوع تقريرا طبيا عن حالة مواطن أمريكى Wilson Alvarado يبلغ الثانية والستين من العمر بصحة جيدة ولا يعانى إلا من وزن زائد إذ يبلغ وزنه 185 رطلا فى مقابل ست أقدام وثمانى بوصات. بدأت قصة السيد ويلسون بأحداث صغيرة لها دلالتها كما تروى زوجته: «اعتاد زوجى أن يترك سيارته فى موقف عام للسيارات بجوار المنزل لم يغيره خلال الثلاثين عاما التى سكنا فيها هذا الحى. بعد أن خرج فى الصباح فوجئت به يعود بعد أن تاه عن مكان السيارة. أما ما جعلنى أرتعد فزعا حينما طلبنى من السوبر ماركت القريب ليسألنى لماذا هو فى هذا المكان؟ الواقع أننى تخيلت أنها علامات الألزهايمر التى أعرفها جيدا من معاناتى المؤلمة وأنا أرى أمى تبتعد عن عالمى بالتدريج بينما هى مازالت هنا!». بعد فحص السيد ويلسون طبيا وعصبيا تبين أنه يعانى من تراكم الشحوم فى خلايا كبده الأمر الذى أدى إلى تليفه فى ظاهرة بدأ الأطباء فى الولاياتالمتحدة يرصدونها بكثافة لم تكن معروفة من قبل. تليف الكبد نتيجة إدمان الكحوليات كان السبب المعروف جيدا إلى عهد قريب الأمر الذى كان يستدعى عملية زرع كبد بعد تدهور وظائف الكبد المتليف لكن التصريح الصادر من المؤسسة الطبية فى كليفلاند أوهايو على لسان أحد أطباء الكبد المعروفين Dr. William Cary يدعو بالفعل للتأمل إذ يقرر أن ذلك المرض لم يكن معروفا منذ ثلاثين عاما لكنه الآن أكثر أمراض الكبد انتشارا فى الولاياتالمتحدة ويشار إليه بأنه التهاب الكبد غير الكحولى Non Alcoholic Steatohepatitis NASH يؤكد الأطباء أن السمنة وراء تشحم الكبد الذى يمكن أن يفاجئ الإنسان بدون أعراض تشير إليه وربما كان الأمر مجرد ألم محتمل فى الجانب الأيمن تحت الحجاب الحاجز حيث يحتل الكبد مكانه. قد يصيب الإنسان خلل فى وظائف الكبد نتيجة اندثار خلاياه تحت وطأة الدهون التى تملؤها فيعجز الكبد عن أداء عمله الأساسى فى تخليص الجسم من السموم الأمر الذى يتيح لها أن تدور مع الدم حتى تصل إلى المخ لتصيب خلاياه فيما ينعكس على الإنسان بأعراض تشبه كثيرا أعراض الألزهايمر أو خرف الشيخوخة. هذا ما يفسر به الأطباء علاقة تشحم خلايا الكبد وأثرها على المخ. وقد شهد عدد منهم بأن المرضى ظاهريا لا يختلفون كثيرا عن مرضى الألزهايمر وأن من مرضاهم من حاول بيع منزله الذى يقدر بنصف مليون دولار مقابل مائة دولار وأن منهم من يتجرد فجأة من ملابسه ليتجول عاريا فى الجوار غير مدرك لما يفعل. الواقع أن هذا ليس مصير كل من تشحم كبده إنما النسبة تظل أيضا مخيفة إذ تصل إلى 20٪ ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد إنما يتطور إلى خلل وفشل كبدى كامل يتطلب زراعة الكبد لإنقاذ حياة المريض إذا حالفه الحظ. يؤكد أطباء وحدة أمراض الكبد فى كليفلاند أن الوقاية تبدأ بالحفاظ دائما على وزن صحى والحياة بصورة إيجابية دائمة الحركة مع مراعاة استباق الخطر قبل وقوعه بالحرص على الكشوف الدورية التى تتيح معرفة أى خلل فى عمل الكبد قبل أن يصبح خللا مزمنا لا يقبل التراجع. أما السيد ويلسون فقد خضع لجراحة زراعة الكبد يتعافى الآن منها وإلى جواره زوجته التى عاد إليها أمانها واتسعت ابتسامتها تعلن عن سعادتها بعودة صفاء الذهن لزوجها مرة أخرى الأمر الذى يؤكد نجاح العملية التى يتعافى منها الآن.