هيئة الدواء تبحث مع غرفة صناعة الدواء تعزيز الرقابة على المواد الخام الدوائية    اللجنة المصرية في غزة: الأمطار أصبحت كابوسا يلاحق كل مواطن يعيش في خيمة بالية    ملك المقصيات الذهبية.. الكعبي يواصل الإبهار مع المغرب في أمم أفريقيا    بعد واقعة المريوطية.. صندوق مكافحة الإدمان: نتعامل بحزم مع أي مراكز غير مرخصة    هيفاء وهبي تطرح أغنيتها الجديدة 'أزمة نفسية'    نائب رئيس جامعة بنها يتفقد امتحانات الفصل الدراسي الأول بكلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي    الجيش التايلاندي يتهم كمبوديا بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار    اللجنة الرئيسية لتطوير الإعلام تعقد اجتماعها الختامي.. وتناقش إعداد تقرير نهائي بتوصيات قابلة للتنفيذ| صور    جوهرة فرنسا.. عثمان ديمبيلي ملك الكرة الذهبية في 2025    عودة بيدري وأراوخو لتدريبات برشلونة    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة المصرية في ختام تعاملات اليوم    مركز للتلقيح الاصطناعي وتحصين 1.1 مليون حيوان.. أبرز إنجازات الطب البيطري بسوهاج في 2025| صور    «مشينا» تفتتح الألبوم الجديد لمحمد قماح وسط نشاط فني مكثف وتكريمات    ما أهم موانع الشقاء في حياة الإنسان؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    بالبدلاء.. منتخب مصر المتأهل يكتفي بنقطة أنجولا في كأس أمم أفريقيا    الدكتورة نيرفانا الفيومي للفجر..قصر العيني يؤكد ريادته في دمج مرضى اضطراب كهربية المخ مجتمعيًا    وزارة الشباب والرياضة تُجرى الكشف الطبى الشامل للاعبى منتخب مصر لكرة اليد    أول تعليق ل ترامب بعد محاولة استهداف أوكرانيا ل مقر إقامة بوتين    استعادة ريادة «الوطنية للإعلام» |مدبولى: خريطة طريق لرفع كفاءة الهيئات الاقتصادية    الاستراتيجية الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقة تؤكد: دمج حقيقي وتمكين ل11 مليون معاق    مهرجان غزة الدولي لسينما المرأة ينظم بيت عزاء للفنان الراحل محمد بكري    محمد إمام: أحمد شيبة وعصام صاصا هيغنوا تتر مسلسل الكينج في رمضان 2026    توصيات «تطوير الإعلام» |صياغة التقرير النهائى قبل إحالته إلى رئيس الوزراء    الفقه المصرى والإسرائيلى فى أولويات المشروعية!    الإفتاء توضح مدة المسح على الشراب وكيفية التصرف عند انتهائها    نقابة المهن التمثيلية تنعى والدة الفنان هاني رمزي    شتيجن في أزمة قبل كأس العالم 2026    هدى رمزي: مبقتش أعرف فنانات دلوقتي بسبب عمليات التجميل والبوتوكوس والفيلر    نيافة الأنبا مينا سيّم القس مارك كاهنًا في مسيساجا كندا    «طفولة آمنة».. مجمع إعلام الفيوم ينظم لقاء توعوي لمناهضة التحرش ضد الأطفال    معدل البطالة للسعوديين وغير السعوديين يتراجع إلى 3.4%    وزير الصحة: تعاون مصري تركي لدعم الاستثمارات الصحية وتوطين الصناعات الدوائية    واشنطن بوست: صور أقمار اصطناعية تكشف توسع الصين في تصنيع الرؤوس النووية    هل تجوز الصلاة خلف موقد النار أو المدفأة الكهربائية؟.. الأزهر للفتوى يجيب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : وزارة العدالة الاجتماعية !?    هل حساسية البيض تمنع تطعيم الإنفلونزا الموسمية؟ استشارى يجيب    السيمفونى بين مصر واليونان ورومانيا فى استقبال 2026 بالأوبرا    أسماء المصابين في حادث تصادم أسفر عن إصابة 8 أشخاص بالقناطر الخيرية    تاجيل محاكمه 49 متهم ب " اللجان التخريبيه للاخوان " لحضور المتهمين من محبسهم    مواصفات امتحان الرياضيات للشهادة الإعدادية 2026 وتوزيع الدرجات    آدم وطني ل في الجول: محمد عبد الله قد ينتقل إلى فرنسا أو ألمانيا قريبا    وفاة والدة الفنان هاني رمزى بعد صراع مع المرض    إحالة ربة منزل للمفتي بعد قتلها زوجها وابن شقيقه في كفر شكر    تحقيقات الهروب الجماعي من مصحة البدرشين: المتهمون أعادوا فتحها بعد شهرين من الغلق    "الوزير" يلتقي وزراء الاقتصاد والمالية والصناعة والزراعة والمياه والصيد البحري والتربية الحيوانية والتجارة والسياحة في جيبوتي    وزير الاستثمار يفتتح فعاليات منتدى الأعمال المصري- السوداني    محافظ قنا ينعى المستشارة سهام صبري رئيس لجنة انتخابية توفيت في حادث سير    موسكو: إحباط هجمات أوكرانية في خاركوف وسومي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    وزير الخارجية يؤكد دعم مصر لتعزيز منظومة الصحة والأمن الدوائي في إفريقيا    ارتفاع جماعي في مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة اليوم    «الوطنية للانتخابات» توضح إجراءات التعامل مع الشكاوى خلال جولة الإعادة    برودة وصقيع.. تفاصيل طقس الأقصر اليوم    حمو بيكا ينعي دقدق وتصدر اسمه تريند جوجل... الوسط الفني في صدمة وحزن    الجيش الصينى يعلن عن تدريبات عسكرية حول تايوان فى 30 ديسمبر    بشير التابعى: توروب لا يمتلك فكرا تدريبيا واضحا    عقب انتهاء الفرز.. مصرع مستشارة وإصابة موظفتين في حادث مروري بقنا    مشروبات تهدئ المعدة بعد الإفراط بالأكل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نهاية حلف الأطلسى؟
نشر في الشروق الجديد يوم 26 - 06 - 2011

أعطى قرار مجلس الأمن الدولى الضوء الأخضر لعمل عسكرى فى ليبيا بموجب القرار رقم 1973 بهدف حماية المدنيين الليبيين. ولكن هؤلاء المدنيين لا يزالون يُقتلون حتى اليوم. فقوات القذافى تقتل العشرات منهم يوميا. والقوات المناوئة له تقتل العشرات من أنصاره. وطيران حلف الأطلسى يقتل العشرات من الفريقين.. «عن طريق الخطأ»!
لم يستطع القذافى انقاذ نظامه.
ولم يستطع خصومه إسقاطه. وفشل حلف الأطلسى فى تغيير الوقائع على الأرض. وهذا يعنى أن الترجمة العملية لاستمرار الوضع الراهن تناقض ما قرره مجلس الأمن الدولى وهو وقف قتل المدنيين.
من هنا كان المدخل إلى البحث عن تسوية سياسية. وتحمل لواء العمل على التسوية القوى الأوروبية ذاتها التى تولّت عملية القصف العسكرى. تؤكد هذه التطورات المتلاحقة على المسرح الليبى، أمرين أساسيين. الأمر الأول هو أن القوة العسكرية عاجزة عن حل الصراعات السياسية. أما الأمر الثانى فهو أن المجموعة الأوروبية وخلافا للولايات المتحدة فقدت الشهية لاستخدام القوة العسكرية أداة من أدوات العمل على تغيير النظام، أى نظام معادٍ لها.
وفى ضوء هذين الأمرين فإن السؤال الذى يفرض نفسه هو أى مستقبل ينتظر حلف شمال الأطلسى الذى يشكل العمود الفقرى للتحالف عبر الاطلسى بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى؟ منذ انتهاء الحرب الباردة وسقوط جدار برلين وتمزق الاتحاد السوفييتى السابق، قام الحلف الأطلسى قبل التدخل فى ليبيا بمهمتين فقط. الأولى فى صربيا، والثانية فى أفغانستان. لقد أدت معارضة فرنسا وألمانيا للحرب الأمريكية على العراق إلى عدم تورط الحلف الأطلسى فى تلك الحرب. مما حمل إدارة الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش إلى إيجاد بديل آخر تمثل فى إقامة «تحالف عسكرى خاص» بالحرب على العراق شمل دولا من خارج حلف الأطلسى بما فيها عدد من دول أوروبا الشرقية، وحتى استراليا.
وخلافا لذلك فإن الدول الأوروبية الأعضاء فى الحلف لم تتردد كثيرا فى المشاركة فى مخطط قصف صربيا على خلفية جرائم الحرب التى ارتكبتها قواتها فى البلقان وعمليات التطهير العرقى التى مارستها فى البوسنة الهرسك على نطاق واسع. فقد اعترف الاتحاد الأوروبى أن هذه الجرائم هى الأسوأ منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وأن السكوت عليها وتغطية القائمين بها يشجع على ارتكاب المزيد ربما فى مناطق أخرى من القارة. فكان قرار المشاركة فى استخدام القوة العسكرية فى عام 1999 لحمل بلغراد على الرضوخ للإرادة الدولية بوقف المجازر، والانسحاب من كوسوفا التى أعلنت استقلالها، وبتسليم مجرمى الحرب إلى العدالة الدولية، وكان آخرهم الجنرال مالديتش.
كذلك لم تتردد دول الحلف فى الانضمام إلى الجهد الحربى الذى تبذله الولايات المتحدة فى أفغانستان. ذلك أن الجرائم التى ارتكبها تنظيم القاعدة والذى وفرت له أفغانستان فى ظل حكم طالبان ملاذا آمنا، طالت العديد من الدول الأوروبية الاعضاء فى الحلف (مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا واسبانيا) كما طالت الولايات المتحدة منذ 11 سبتمبر 2001.
أما فى ليبيا فقد كان الأمر مختلفا. صحيح ان العقيد القذافى لا يتمتع باحترام لدى أى من دول الحلف، وصحيح ايضا أنه متهم بالمسئولية عن جرائم إسقاط ثلاث طائرات مدنية واحدة فوق لوكربى باسكوتلندة واثنتان فوق افريقيا، وصحيح كذلك انه متهم بالمسئولية أيضا عن جرائم تفجير وقعت فى ألمانيا، إضافة إلى اتهامه بتصفية خصومه السياسيين داخل ليبيا وخارجها، الا ان ذلك لم يكن يشكل مبررا كافيا بنظر ألمانيا تحديدا لعمل عسكرى مباشر ضده.
ولو لم تشارك الولايات المتحدة فى قصف المواقع التابعة للعقيد القذافى باسم حلف شمال الأطلسى لما استطاعت فرنسا وبريطانيا وايطاليا أن تحقق حتى الحد الأدنى مما تم تحقيقه حتى الآن. وربما يعود ذلك إلى سببين. الأول هو ان الولايات المتحدة تعتبر نفسها قوة عالمية، وبالتالى فانها تعطى نفسها مسئولية التدخل على طريقتها العسكرية فى أى منطقة من العالم. الأمر الثانى هو أن المجموعة الأوروبية تعتبر نفسها قوة اقليمية، وبالتالى فإن تدخلها لا يكون الا عند الضرورة القصوى والاستثنائية كما هو الحال بالنسبة لأفغانستان. وإذا كانت الولايات المتحدة تتمتع بحماية طبيعية لوقوعها بين المحيطين الأطلسى والباسيفيكى، فان أوروبا تعتبر أن الأساس الذى تقوم عليها حمايتها هو أن يكون لها جيران مسالمون ومتعاونون. وهو ما تسعى إلى تحقيقه مع روسيا شرقا، ومع العالم العربى جنوب المتوسط.
ولأنها نجحت فى ذلك إلى حد كبير، فانها لم تعد ترى ضرورة لانفاق المبالغ فيه على التسلح. ذلك ان خمس دول فقط من بين الدول الثمانى والعشرين الذين يتألف منها حلف الأطلسى تنفق نسبة الاثنين بالمائة من دخلها القومى التى قررها الحلف على التسلح.
وهذه الدول الخمس هى فرنسا وبريطانيا واليونان وألبانيا، إلى جانب الولايات المتحدة. ومنذ سقوط جدار برلين فى عام 1989، وخلافا لما كان متوقعا، فان واشنطن رفعت من ميزانيتها العسكرية بنسبة 75 بالمائة، وذلك بالرغم من الصعوبات الاقتصادية التى تواجهها، وبالرغم من أعباء الديون الخارجية التى ترهقها.
هذا التباين الكبير فى تحمل الأعباء المالية، والمسؤوليات العسكرية رسم علامة الاستفهام الكبيرة حول مستقبل الحلف. فالجيل الأمريكى الذى عاش الحرب العالمية الثانية قد زال أو هو فى طريقه للزوال. والأولويات الأمريكية تغيرت، مع تغير الحسابات السياسية ومع تبدل مواقع الصراع.
وهناك توجه أمريكى متنامٍ لتحميل أوروبا مسئولية أمنها المباشر، لاتقاء شرارات الأوضاع غير المستقرة فى العديد من الدول المجاورة لها من جنوب المتوسط (وخاصة دول المغرب العربى) إلى شرق أوروبا (القوقاز وأوكرانيا) إلى شمال أوروبا (روسيا البيضاء) إلى وسط أوروبا (البوسنة ومولدافيا).
لقد كشفت حملة حلف الأطلسى على ليبيا مدى محدودية القدرات العسكرية التى تتمتع بها الدول الأوروبية الأعضاء فى الحلف. حتى إن هذه الدول أعربت عن عدم قدرتها على مواصلة القصف خوفا على مخزونها من الذخيرة !!.. ولولا المشاركة الأمريكية فى هذه العمليات لكان الحلف أقل نجاحا حتى فى المحافظة على التوازن فى الأوضاع بين جناحى بنغازى وطرابلس.
فتح هذا الأمر الباب أمام الدبلوماسية لمعالجة «الأزمة الليبية» بعد أن كانت قد استبعدت كليا لمصلحة الحسم العسكرى. ولكن الحسم الذى فشل فى ليبيا فشل أيضا فى أفغانستان. فالولايات المتحدة التى تقود قوات حلف الأطلسى هناك (140 ألف جندى بينهم 100 الف جندى أمريكى) باتت ميالة إلى الحل الدبلوماسى مع حركة طالبان. وهو ما شجعتها عليه الدول الأوروبية، ليس حبا بطالبان، ولكن رغبة فى الانسحاب من أفغانستان. حتى ان الانسحاب بحد ذاته أصبح الهدف الأسمى وتجسيدا للانتصار.
لقد قام حلف شمال الأطلسى أساسا ليكون الذراع العسكرية للتحالف الغربى (الولايات المتحدة وأوروبا) فى مواجهة الاتحاد السوفييتى وحلف وارسو. أما الآن وقد أصبح الاتحاد السوفييتى من التاريخ.. وانضم عدد من أعضاء حلف وارسو إلى حلف الأطلسى.. فأى معنى يبقى لهذه الذراع العسكرية؟ وضد من توجه هذه الذراع؟.. ضد القذافى فى ليبيا؟.. أو ضد طالبان فى أفغانستان؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.