تسود الآن حالة من الغضب بين القضاة بعد استدعاء 3 رؤساء محاكم للتحقيق معهم أمام التفتيش القضائى بوزارة العدل بتهمة الإساءة للقضاء العسكرى والحديث فى الإعلام دون إذن من مجلس القضاء الأعلى. القضاة الثلاثة الذين تم استدعاؤهم للتحقيق هم المستشار حسن النجار رئيس نادى قضاة الزقازيق، والمستشار علاء شوقى، رئيس محكمة جنايات الجيزة، بسبب حديثهما لقناة الجزيرة مباشر مصر والمستشار أشرف ندا، رئيس محكمة استئناف بنى سويف، بسبب حديث له مع إذاعة صوت العرب، هاجموا خلالها فكرة إحالة المدنيين للقضاء العسكرى وأكدوا أن هذا لا يكفل للمدنيين الضمانات التى يكفلها لهم القانون أمام القضاء الطبيعى. وبالفعل خضع النجار وشوقى للتحقيق بينما نفى أشرف ندا أن يكون تم التحقيق معه حتى الآن رغم تأكيد مصادر بوزارة العدل ل«الشروق» أن ندا خضع للتحقيق منذ يومين. ومن جانبه، قال المستشار حسن النجار، رئيس نادى قضاة الزقازيق ل«الشروق» إنه ذهب للتحقيق معه فى التفتيش القضائى بقرار من وزير العدل، وهناك تمت مواجهته بمذكرة من القضاء العسكرى تتهمه والمستشار علاء شوقى، رئيس محكمة جنايات الجيزة بالإساءة للقضاء العسكرى من خلال حديثهما لقناة الجزيرة مباشر مصر، مضيفا أن المذكرة مدون فيها أن المستشار أحمد الزند رئيس نادى القضاة اتصل برئيس هيئة القضاء العسكرى واعتذر عما بدر من القضاة الثلاثة، واتهام آخر من وزير العدل بأنهما لم يحصلا على تصريح من مجلس القضاء الأعلى بالحديث للإعلام. وأضاف النجار أنه رد على تلك الاتهامات بأن وزير العدل باستدعائه القضاة للتحقيق يعمل ضد القضاء الطبيعى، وأن الكلام فى الإعلام وفى أى مكان حق دستورى مستمد من الدستور وليس من حق جهة أن تمنع أى شخص من التعبير عن رأيه، وان هذا يعتبر أول حدث فى تاريخ القضاء أن يتم استدعاء قاضٍ من على المنصة للتحقيق معه بتهمة الدفاع عن استقلال القضاء. وأوضح النجار أن التفتيش القضائى ليس من حقه التحقيق مع المستشارين ولا المصادرة على حريتهم فى التعبير، مضيفا: ونحن نرد على المستشار الزند اعتذاره لأنه ليس منوطا به أن يعتذر بالنيابة عنا كما أنه لا مجال للاعتذار هنا لأننا لم نخطئ كى نعتذر، بل رددنا على الاتهامات التى تقول إن القضاء العادى بطىء وأحكامه ضعيفة بينما القضاء العسكرى سريع وأحكامه رادعة، وأوضحنا أن القضاء العادى بطىء لأنه يكفل الضمانات للمتهمين بحكم القانون ويسعى لتحقيق العدالة وليس لإصدار أحكام سريعة ورادعة، وأنه لا بد من الالتزام بالدستور بعدم إحالة المدنيين للقضاء العسكرى لأن هذا لا يكفل لهم الضمانات اللازمة للتقاضى، ولا بد من محاكمتهم أمام القضاء العادى. ووصف النجار التحقيق معه وزميله بأنه «إهانة لن نسكت عليها»، موضحا أن هناك جمعية عمومية طارئة لنادى قضاة الزقازيق لبحث الإجراءات التى سيتم اتخاذها فى هذا الشأن، ومبدئيا تم الاستقرار على تحريك دعوى قضائية ضد وزير العدل أمام دائرة رجال القضاء فى محكمة النقض نتهم فيها الوزير بإهانة القضاة والمصادرة على حقوقهم والعودة لعصر مبارك فى المصادرة على الحريات. ومن جانبه قال المستشار علاء شوقى رئيس محكمة جنايات الجيزة ل«الشروق» إنه قال نفس ما قاله المستشار النجار فى التحقيقات وأنه متفق معه فى مقاضاة وزير العدل لإهانته رجال القضاء وأنه من غير المقبول أن يخضع قاضٍ للتحقيق أمام التفتيش القضائى بعد هذا العمر الذى يستوجب تكريمه على عطائه لا التحقيق معه. وقالت مصادر فى وزارة العدل إن المستشار أشرف ندا، رئيس محكمة استئناف ببنى سويف، قال فى التحقيقات إنه لم يسئ للقضاء العسكرى كما أنه لا توجد جهة من حقها المصادرة على حق القضاة فى الحديث لوسائل الإعلام، وإذا كان القضاء العسكرى قام بواجبه فى هذه المرحلة فلا شكر على واجب ولا بد من إعادة الأمور لنصابها وأن يحاكم المدنيون أمام المحاكم المدنية. ولكن المستشار أشرف ندا أكد ل«الشروق» أنه حتى الآن لم يطلب للتحقيق وإذا طلب فلن يذهب للتحقيق لأن وزير العدل ليس له صفة لطلبه للتحقيق كما أن التفتيش القضائى ليس منوطا به التحقيق مع المستشارين، كما أن الوزير ومجلس القضاء ليس له الحق فى مصادرة حقوق القضاة فى الحديث بوسائل الإعلام، وأن الأمر مجرد توصية من وزير العدل السابق بمنع القضاة من الحديث فى الإعلام إلا بإذن وتوصيات وزير العدل وقراراته ليست ملزمة للقضاة، كما أنه من غير المنطقى الانتقاء فى محاسبة قضاة على أحاديثهم بالإعلام بينما يترك آخرون يتحدثون ليل نهار فى وسائل الإعلام، وأشار إلى أن الغرض من هذا النيل من تيار استقلال القضاء، وترك المساحة للتيار الآخر ليلعب فى الساحة من أجل الفوز بالانتخابات، وخلق قضية جديدة تلهى الناس عن محاكمة مبارك ومطالب إحضاره للقاهرة، «كما أننا نقول للزند رد عليك اعتذارك لأننا لم نخطئ كى تعتذر بالنيابة عنا». وقال المستشار أحمد مكى، عضو مجلس القضاء الأعلى، إنه ليس شرطا على القضاة حصولهم على إذن من مجلس القضاء الأعلى للحديث فى وسائل الإعلام، لأن هذا مساس بحرية المواطن فى التعبير، والتى هى حق دستورى، مؤكدا أنه ليس من حق التفتيش القضائى التحقيق مع المستشارين. وأوضح مكى أن ما طالب به القضاة الثلاثة هو أمر معلوم لدى جموع القضاة ومنصوص عليه فى توصيات مؤتمر العدالة الأول بأنه لا يجوز محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى، وأنه يجب أن يختص القضاء العسكرى بمحاكمة العسكريين فيما يتعلق بالانضباط العسكرى فقط، وإن مطالبة القضاة بهذا المطلب لا تعتبر إساءة أبدا للقضاء العسكرى. وعن رأيه الشخصى قال إنه لا يرى غضاضة فى إسناد بعض المهام ومحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى فى المرحلة الحساسة الراهنة التى تعيشها مصر، ولكن هذا محظور تبيحه الضرورة لأنه بدل الفوضى، ويجب إلغاؤه فور انتهاء تلك المرحلة كما يجب مراجعة الأحكام التى صدرت من القضاء العسكرى بعد انتهاء تلك المرحلة التى يغلب عليها الانفلات الأمنى. ومن جانبه، قال المستشار هشام جنينة، سكرتير عام نادى القضاة السابق، إنه متفق تماما مع أنه ليس من حق مجلس القضاء الأعلى ولا وزارة العدل إعطاء إذن للقضاة بالحديث ولا يعلم سر تصعيد الأمر بهذا الشكل، وأنه مع خالص التقدير للقضاء العسكرى إلا أن الجميع يعلم أن هذا أمر مؤقت ويجب انتهاؤه بأسرع وقت ومحاكمة المدنيين أمام القضاء الطبيعى.