كامل الوزير: المتحف المصري الكبير جسر يربط الماضي العريق بالحاضر المتجدد    لا خلاف بين الحضري وحسام حسن.. المنتخب جاهز لكأس العرب    ما هي القنوات الناقلة لمباراة نيجيريا ضد الكونغو اليوم؟    قبل ودية كاب فيردي.. شوبير يطالب بدعم حسام حسن واستقرار المنتخب    عاجل- نقل الموسيقار عمر خيرت للعناية المركزة وإلغاء حفلاته    هيئة الرقابة المالية تعدل ضوابط مزاولة الشركات لنشاط تمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة    "القاهرة الإخبارية": اشتباكات مشتعلة بين الجيش السوداني والدعم السريع في بابنوسة    نتنياهو يواجه انتقادات عنيفة من اليمين المتطرف بعد بيان أمريكي يدعم إقامة دولة فلسطينية    وزارة التعليم الفلسطينية تشكر مصر على استيعاب عدد كبير من الطلبة الفلسطينيين    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ونظيره الروسي    حزب «حماة الوطن» ينظم لقاءً جماهيريا بالقليوبية دعما لمرشحه في انتخابات النواب    محافظ أسوان يستقبل المشرف العام على المجلس القومي للأشخاص ذوى الإعاقة    جامعة أسيوط تفتتح فعاليات أسبوع الدعوة الإسلامية "مفاهيم حضارية"    نهاية الأزمة.. الأهلي يعلن تعيين حسام عاشور مديرًا لأكاديمية فرع التجمع الخامس    ضبط سائق توك توك تعدى على سيدة بالسنبلاوين بعد انتشار فيديو الواقعة    شبورة مائية صباحا ومعتدل.. الأرصاد تكشف حالة الطقس غدا    الإحصاء: ارتفاع عدد المشتغلين ل32.5 مليون فرد خلال الربع الثالث من العام الحالي    نظام اليوم الواحد (One Day Light)، للتخلص من الانتفاخ واستعادة النشاط    حلا شيحة : دينا الشربينى جدعة ونيتها طيبة ومش خرابة بيوت ولكل من خاض فى عرضها اتقوا الله    بتوجيهات شيخ الأزهر .. دخول قافلة «بيت الزكاة والصدقات» الإغاثية الثانية عشر إلى غزة    جهود صندوق مكافحة الإدمان.. تخريج 100 طالب من دبلوم خفض الطلب على المخدرات بجامعة القاهرة    الطقس: استمرار تأثير المنخفض الجوي وزخات متفرقة من الأمطار في فلسطين    عودة قوية للجولف في 2026.. مصر تستعد لاستضافة 4 بطولات جولف دولية    ترامب يواصل إفيهات للسخرية من منافسيه ويمنح تايلور جرين لقبا جديدا    خالد النبوي: حسين فهمي أستاذ وصديق    وزير الثقافة ومحافظ الإسكندرية يفتتحان فرع أكاديمية الفنون بعد التطوير    دولة التلاوة.. مصر تُعيد تلاوتها من جديد    المدون الموسيقي أحمد الموجي فى قراءة لحفل المتحف الكبير: الاحتفالية رحلة موسيقية من الماضى إلى الحاضر بعين معاصرة    إيطاليا ضد النرويج.. هالاند يطارد المجد فى تصفيات كأس العالم    الأزهر للفتوى: الالتزام بقوانين وقواعد المرور ضرورة دينية وإنسانية وأمانة    أصوات انفجارات لا تتوقف.. قصف مدفعي إسرائيلي على المناطق الشرقية لخان يونس بغزة    وزير الصحة يكشف مفاجأة عن متوسط أعمار المصريين    محافظ الجيزة يثمن إشادة التعليم العالي بالشعار الجديد للجيزة ويؤكد: يجسد الإرث الحضاري    10 محظورات خلال الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب 2025.. تعرف عليها    تشمل إمدادات الغاز.. زيلينسكي يعلن عن اتفاقيات جديدة مع شركاء أوكرانيا    جهاز مستقبل مصر يقود سوق القمح نحو الاكتفاء الذاتى عبر زيادة المساحات الزراعية    مواعيد وضوابط امتحانات شهر نوفمبر لطلاب صفوف النقل    جامعة قناة السويس تُطلق مؤتمر الجودة العالمي تحت شعار «اتحضّر للأخضر»    منتخب مصر يستعيد جهود مرموش أمام كاب فيردي    "الداخلية" تصدر 3 قرارات بإبعاد أجانب خارج البلاد لدواعٍ تتعلق بالصالح العام    هل يتفاوض الأهلي مع ماييلي وينتقل وسام أبوعلي بيراميدز في الصفقات الشتوية ؟ اعرف التفاصيل    مصر وتشاد يبحثان خارطة طريق لتعزيز الاستثمار المشترك في الثروة الحيوانية    عظيم ومبهر.. الفنانة التشيكية كارينا كوتوفا تشيد بالمتحف المصري الكبير    انطلاق أسبوع الصحة النفسية لصقل خبرات الطلاب في التعامل مع ضغوط الحياة    الأوقاف تعلن عن المقابلات الشفوية للراغبين في الحصول على تصريح خطابة بنظام المكافأة    كفاية دهسا للمواطن، خبير غذاء يحذر الحكومة من ارتفاع الأسعار بعد انخفاض استهلاك المصريين للحوم    الإفتاء تواصل مجالسها الإفتائية الأسبوعية وتجيب عن أسئلة الجمهور الشرعية    بمشاركة 46 متدربًا من 22 دولة أفريقية.. اختتام الدورة التدريبية ال6 لمكافحة الجريمة    إخماد حريق نشب داخل شقة سكنية دون إصابات في الهرم    «البيئة» تشن حملة موسعة لحصر وجمع طيور البجع بطريق السخنة    أمين البحوث الإسلامية يبحث مع رئيس جامعة أسيوط تعزيز التعاون لنشر الوعي بين الطلاب    متحدث الصحة: ملف صحى إلكترونى موحد لكل مواطن بحلول 2030    متي ينضم محمد صلاح لمعسكر الفراعنة قبل أمم أفريقيا ؟ ليفربول يحدد الموعد    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي بالذخيرة الحية في المنطقة الغربية    30 دقيقة تأخرًا في حركة قطارات «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 16 نوفمبر    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 16نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا..... اعرف مواقيت صلاتك    محمد فراج يشعل تريند جوجل بعد انفجار أحداث "ورد وشيكولاتة".. وتفاعل واسع مع أدائه المربك للأعصاب    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نفط العراق .. من السيادة الوطنية الكاملة إلى الاحتلال الأمريكي
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 05 - 2009


نشر هذا المقال بتاريخ : 26 أبريل 2009
تم تأميم النفط العراقى عام 1972 وانتفع بما تحقق بفضل انتصار أكتوبر 1973 من رفع السعر من 3 دولارات إلى نحو 12 دولارا «الشروق 15/2/2009»، ومن ثم تراكمت لدى العراق وباقى دول الخليج فوائض نفطية كبيرة كان من الممكن استثمارها اقتصاديا للتحرر من السيطرة الغربية الأمريكية.
غير أن الغرب أفلح فى إفشال المشروع العربى إذ اقتنصت مصارفه تلك الفوائض، وقامت بتجميد بعضها أو تآكلت قيمتها بالتضخم وانخفاض قيمة الدولار الذى يتخذ أساسا لتسعير النفط. كذلك نجح الغرب فى حصار أوبك من نواح عدة أفقدتها الكثير من قوتها التفاوضية التى اكتسبتها فى ظل أكتوبر «الشروق 22/2/2009»، فمن ناحية، استدرجت الدول المصدرة للنفط لإنتاج فائض قامت الدول الغربية بالاحتفاظ به فى صورة مخزون تجارى ومخزون استراتيجى لمواجهة انقطاع الإمدادات ولاستخدامه فى الضغط نزولا على الأسعار، ومن ناحية أخرى، قام الغرب بترشيد استخدام الطاقة عموما والنفط خصوصا بحيث أمكن خفض استهلاكه العالمى بنحو 6 ملايين ب/ى. كذلك قامت الشركات الغربية بتكثيف البحث عن النفط وإنتاجه فى دول خارج أوبك فارتفع إنتاجها بنحو 8 ملايين ب/ى. وكانت المحصلة النهائية تقليص إنتاج أوبك من 31 مليون ب/ى عام 1979 إلى النصف تقريبا وانهيار السعر عام 1986 من 28 دولارا للبرميل إلى 13 دولارا مع استمرار تآكله خلال الفترة 1986 2003 بحيث لم يتجاوز سعره الاسمى 18 دولارا وهو ما يعادل 5 دولارات كسعر حقيقى مقوما بدولار 1973 الذى صححت فيه الأسعار من 3 إلى 12 دولارا.
من ناحية أخرى، ولكى تتبخر مدخرات الدول العربية التى تعتمد عليها فيما لو اضطرت لخفض إنتاجها من النفط مساندة للأسعار، قامت الولايات المتحدة التى تستهلك ربع إنتاج العالم من النفط وتستورد ربع وارداته ببث الوقيعة التى أدت إلى اشتعال الحرب بين العراق وإيران على امتداد الفترة 1980 1988 وتحولت خلالها الدولتان من دول فوائض مالية إلى دول مثقلة بديون باهظة. وبذلك فقدت قدرتها على تحمل انقطاع الإنتاج أو استخدامه كوسيلة لدعم استقلالها والحفاظ على سيادتها الوطنية كما كان الحال فى أعقاب حرب أكتوبر.
ثم جاءت الطامة الكبرى بالتحريض الأمريكى لصدام حسين كى يحتل الكويت، وتتابعت الأحداث التى جرت المنطقة العربية إلى ما تعانيه اليوم من انكسار.
وتقدر الاحتياطات المؤكدة للنفط العراقى فى الوقت الحاضر بنحو 115 مليار برميل، وهو ما يعادل 9% من الاحتياطيات العالمية المقدرة بنحو 1238 مليار برميل. كما تقدر الاحتياطات المحتملة فى العراق بنحو 100 مليار برميل وهو ما يجعل احتياطيات العراق تقارب السعودية.
ويتميز النفط العراقى بضآلة المخاطر نتيجة لاكتشاف عدد كبير من حقوله مما يجعله جاهزا للتنمية والإنتاج بنفقات ضئيلة. وقد بلغ ما تم اكتشافه نحو 78 حقلا الحقت بياناتها بقانون النفط المتعثر فى مجلس النواب العراقى.
وفى ظل الخطة الخمسية الأولى 1976 1980 ارتفعت القدرة الإنتاجية لنفط العراق إلى 3.8 مليون برميل يوميا (ب/ى) عام 1979، كما كانت الخطة الثانية تستهدف بلوغ الإنتاج 5.5 مليون ب/ى بحلول 1983 إلا أن نشوب الحرب العراقية الإيرانية عطل تنفيذها. مع ذلك حافظ الإنتاج على مستوى 3.5 مليون ب/ى عام 1990 كما حافظت صادراته النفطية على نحو 3 ملايين ب/ى إلى أن تلقى الضربة المدمرة بنشوب حرب تحرير الكويت فى مستهل 1991 وما انتهت إليه من فرض الحصار الدولى على العراق فاقتصر إنتاجه على ما يفى باحتياجاته المحلية فى حدود نصف مليون ب/ى.
وبصدور قرار مجلس الأمن رقم 986 عام 1995 بالموافقة على برنامج النفط مقابل الغذاء عاد النفط العراقى يتدفق إلى الأسواق العالمية اعتبارا من 1997، بصادرات تقدر فى المتوسط بنحو 2.34 مليون ب/ى سنويا خلال الفترة 1998 2002، وإن كانت تلك الفترة قد لطخت بفساد طال عائداته كما طال الهيئات الدولية التى أشرفت على تنفيذ البرنامج.
وفى 2001 بدأت محاولة لتحديث بنية النفط التى تهالكت بعد أن حرمت لأكثر من عشر سنوات من قطع الغيار والأجهزة اللازمة لاستحداثها. وكان من أولويات تلك الخطة الحفاظ على قدرة إنتاجية فى حدود 4 ملايين ب/ى بالجهود الذاتية، مع الاستعانة بشركات عالمية لإضافة قدرة إنتاجية جديدة.
ومرة ثالثة تدمر الطاقة الإنتاجية للنفط العراقى بالغزو الأمريكى فى مارس 2003 وما تلاه من تخريب بحيث انخفض الإنتاج إلى نحو 1.34 مليون ب/ى، كما عجز عن الوفاء باحتياجات المصافى المحلية مما اقتضى استيراد كميات متزايدة من المنتجات النفطية. وتطول قصة الفساد الذى أحاط بالمشروعات الأمريكية لإعادة تأهيل النفط العراقى، ومن ذلك فساد الشركات الأمريكية التى أسندت إليها الأعمال، والذى انكشفت بعض أبعاده بما أرسله هنرى واكسمان عضو مجلس النواب الأمريكى إلى جوشوا بولتن مدير الموازنة الأمريكية.
أما الآن، وبعد أن مضى على الاحتلال الأمريكى ستة أعوام، فان النفط العراقى لايزال يعانى من المآسى وفقا للتقرير الذى أعده مكتب رقابة تابع للحكومة الأمريكية US Government Accountability Office. ولعل أخطر تلك المآسى أن حجم ما يتم نهبه من النفط العراقى بتراوح بين 100 و300 ألف ب/ى من جملة إنتاجه الذى يتعثر فى حدود مليونى ب/ى. وتقدر قيمة النهب والسرقات على امتداد السنوات الخمس الماضية بنحو 24 مليار دولار كما يؤكد المفتش العام العراقى.
وتعتبر تلك السرقات المنظمة أخطر ما يصيب النفط العراقى. فالتخريب الذى يلحق بالمعدات والأنابيب على أيدى المقاومة العراقية لا تتجاوز خسائره كميات محدودة إذ يتوقف ضخ النفط فور انكسار الخط ويتم إصلاحه خلال فترة وجيزة، أما النهب المنظم فيتجاوز تلك الكميات بمراحل، فضلا عن اختلاف الغاية فى الحالتين، بين غاية نبيلة وبين أخرى تتسم بالخسة.
وتتجسم الخسة فى أن العراق يعتمد على عوائده النفطية لتمويل احتياجاته وبخاصة الكهرباء والوقود والمياه التى حرم منها المواطن العراقى. ففى عام 2006 بلغت موازنة الدولة نحو 40 مليار دولار مولت عوائد النفط نحو 90% منها، كما تكرر الموقف فى عام 2007. أما عام 2008 فقد أسفر عن فائض نتيجة لارتفاع أسعار النفط ولكنه سوف يستخدم لمواجهة عجز متوقع بنحو 15 مليار دولار فى موازنة 2009.
يأتى هذا على خلفية الوعود الوهمية التى تلقاها العراق فى مؤتمر مدريد أكتوبر 2003 وتعهدت فيه الولايات المتحدة ودول أخرى بإعادة تأهيل قطاع النفط الذى قدرت نفقاته بنحو 56 مليار دولار. فأين تلك المنح والتعهدات، وعلى أية صورة تم ما أنفق منها، وكيف يمكن للمواطن العراقى مواجهة تضخم يبلغ 60% سنويا ودينار عراقى تهاوت قيمته إلى نحو 1200 لكل دولار، بينما كان يعادل 3 دولارات قبل أن يقع فى الفخاخ الأمريكية؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.