تكريم رئيس هيئة قضايا الدولة في احتفالية كبرى ب جامعة القاهرة    محافظ المنيا يعتمد نتيجة مسابقة الوظائف الإشرافية بمديرية التربية والتعليم    نشاط مكثف لوزير الاتصالات في ختام زيارته لليابان    حملات مكثفة لتطهير الترع والمصارف بالفيوم حفاظًا على الزراعة وصحة المواطنين    باكستان تشنّ هجوما جديدا بالمسيّرات على كشمير الهندية    ستيف ويتكوف: ترامب يؤمن بالسلام عبر القوة ويفضل الحوار على الحرب    الزمالك يوضح طبيعة إصابة ناصر ماهر في لقاء سيراميكا بالدوري    تعرف على قرارات النيابة في «جريمة الطلبة» داخل «مقابر قها» بالقليوبية| خاص    حريق في عدد من المنازل بعزبة البهنساوى ببنى سويف بسبب ارتفاع درجات الحرارة    عمرو سلامة عن تعاونه مع يسرا: «واحد من أحلام حياتي تحقق»    خطيب الجامع الأزهر: الحديث بغير علم في أمور الدين تجرُؤ واستخفاف يقود للفتنة    إدارة القوافل العلاجية بالمنوفية تحصد المركز الثاني على مستوى الجمهورية    الزمالك يتقدم على المقاولون بهدف في الشوط الأول بدوري الكرة النسائية    الرئيس السيسي يتبادل أحاديث ودية مع نظيره الصيني "جين بينج" في موسكو    ترامب يوجه رسالة إلى الصين: الأسواق المغلقة لم تعد مجدية    حقيقة إغلاق بعض بيوت الثقافة التابعة للهيئة العامة    بشرى ل"مصراوي": ظهرت دون "مكياج" في "سيد الناس" لهذا السبب    الدوري الألماني.. توماس مولر يشارك أساسيا مع بايرن في لقائه الأخير بملعب أليانز أرينا    النيابة تصرح بدفن جثة شاب غرق بترعة أبيس في الإسكندرية    محافظ الشرقية يطمئن على نسب تنفيذ أعمال مشروعات الخطة الإستثمارية للعام المالي الحالي بديرب نجم    شهادات مزورة ومقر بدون ترخيص.. «الطبيبة المزيفة» في قبضة المباحث    المتحف المصري الكبير يستقبل 163 قطعة من كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون    مصرع عنصرين إجراميين في مداهمة بؤرًا خطرة بالإسماعيلية وجنوب سيناء    أمين الفتوى: المعيار الحقيقي للرجولة والإيمان هو أداء الأمانة والوفاء بالعهد    الضرائب: 9 إعفاءات ضريبية لتخفيف الأعباء وتحفيز الاستثمار    «المستشفيات التعليمية» تنظم برنامجًا تدريبيًّا حول معايير الجودة للجراحة والتخدير بالتعاون مع «جهار»    تكنولوجيا التطبيب "عن بُعد".. إطلاق مشروع التكامل بين مراكز زراعة الكبد والجهاز الهضمي    رئيس جامعة الإسكندرية يستقبل وفد المجلس القومي للمرأة (صور)    رئيس الوزراء يؤكد حِرصه على المتابعة المستمرة لأداء منظومة الشكاوى الحكومية    عقب أدائه صلاة الجمعة... محافظ بني سويف يتابع إصلاح تسريب بشبكة المياه بميدان المديرية    "موسم لا ينسى".. صحف إنجلترا تتغنى ب محمد صلاح بعد جائزة رابطة الكتاب    جدل فى بريطانيا بسبب اتفاق ترامب وستارمر و"الدجاج المغسول بالكلور".. تفاصيل    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    التموين تعلن آخر موعد لصرف الدعم الإضافي على البطاقة    مروان موسى: ألبومي الأخير نابع من فقدان والدتي    أحمد داش: جيلنا محظوظ ولازم يوجد صوت يمثلنا    المنظمات الأهلية الفلسطينية: غزة تواجه أوضاعا خطيرة بسبب القيود الإسرائيلية    استلام 215 ألف طن قمح في موسم 2025 بالمنيا    عاجل.. الزمالك يُصعّد: نطالب بحسم مصير "القمة" قبل 13 مايو لضمان العدالة في المنافسة على اللقب    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    الشباب والرياضة تنظم الإحتفال بيوم اليتيم بمركز شباب الحبيل بالأقصر    قناة السويس تدعو شركات الشحن لاستئناف الملاحة تدريجيًا بعد هدوء الهجمات    وزير الأوقاف ومحافظ الشرقية يؤديان صلاة الجمعة بمسجد الدكتور عبد الحليم محمود    5 نصائح للتخلص من الشعور بالحر في العطلة الأسبوعية    وزير الثقافة يشهد انطلاق الدورة ال19 لبينالي فينيسيا الدولي للعمارة ويفتتح الجناح المصري    10 لاعبين يمثلون مصر في البطولة الأفريقية للشطرنج بالقاهرة    13 شهيدا وهدم للمنازل.. آخر تطورات العدوان الإسرائيلي في طولكرم ومخيميها    عاجل.. الاتحاد السعودي يعلن تدشين دوري جديد بداية من الموسم المقبل 2025-2026    أبو بكر الديب يكتب: مصر والمغرب.. تاريخ مشترك وعلاقات متطورة    سائح من ألمانيا يشهر إسلامه داخل ساحة الشيخ المصرى الحامدى بالأقصر..فيديو    كاف اعتمدها.. تعرف على المتطلبات الجديدة للمدربين داخل أفريقيا    ضبط دقيق مجهول المصدر وأسطوانات بوتاجاز مدعمة قبل بيعها بالسوق السوداء بالمنوفية    محافظ القليوبية يستقبل وفد لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب لتفقد مستشفى الناس    إعلام إسرائيلي: تفاؤل أمريكى بإمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن قطاع غزة    بسبب الأقراص المنشطة.. أولى جلسات محاكمة عاطلين أمام محكمة القاهرة| غدا    تحقيقات موسعة في العثور على جثة متعفنة داخل منزل بالحوامدية    جدول امتحانات خامسة ابتدائي الترم الثاني 2025 بالقليوبية «المواد المضافة للمجموع»    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدور التركى فى العالم العربى
نشر في الشروق الجديد يوم 29 - 05 - 2011

تهبّ على العالم العربى عواصف سياسية من كل حدب وصوب. وحدها تركيا بادرت إلى التدخل لمواجهة هذه العواصف أحيانا باستدعائها اليها، وغالبا بمبادرة منها.
آخر هذه العواصف هبت على سوريا. ومن دون طلب أو استئذان تحركت تركيا لإقناع الرئيس بشار الأسد بالمبادرة إلى التعجيل فى تحقيق الإصلاحات السياسية لتجنب الانزلاق فى نفق مسدود (على النحو الذى عرفته مصر وقبلها تونس) لا تعرف له نهاية إلا باستقالة رئيس الدولة وبكيفية تفتقر إلى الحد الأدنى من الكرامة.
قام الرئيس التركى رجب طيب اردوغان بأكثر من زيارة إلى دمشق من أجل هذه الغاية، وبعث بوزير خارجيته أحمد داود أوغلو إلى العاصمة السورية مرات أيضا. واستقبل فى أنقرة الرئيس السورى نفسه من أجل هذا الأمر تحديدا.
وقبل سوريا كانت تركيا قد تحركت باتجاه مصر، عندما دعا الرئيس أردوغان الرئيس المصرى السابق حسنى مبارك إلى الاستجابة إلى طلبات المتظاهرين بالتنحى.. وبعد التنحى كان داود أوغلو فى القاهرة، ليقيم جسرا من التعاون مع السلطات المصرية الجديدة.
وكانت تركيا قد توسطت بين حركتى فتح وحماس بعد ان تعطلت المساعى المصرية، وقبلها السعودية لإصلاح ذات البين بينهما. وجرت عدة لقاءات بين الوزير أوغلو وخالد مشعل فى دمشق.. وبين الوزير والرئيس محمود عباس فى القاهرة.
ولعبت تركيا دور الوسيط بين سوريا ولبنان، وبين لبنان وإيران أيضا حيث حققت بعض الإنجازات. لكن هذه الإنجازات لم تعش طويلا. وقد استندت فى ذلك كله إلى علاقة مميزة لها مع إيران قامت على أساس الرفض التركى للعقوبات الدولية التى فرضت على ايران على خلفية ملفها النووى. هنا أيضا توسطت تركيا بين إيران والمجتمع الدولى، ولكن من دون أن تتوصل إلى اى نتيجة. فلا ايران أعادت النظر فى مشروعها النووى، ولا المجتمع الدولى رفع العقوبات المفروضة عليها.
●●●
وعندما انفجرت الأزمة فى البحرين، تحركت تركيا أيضا للتوسط بين الحكومة والمعارضة.. وبين الحكومة وإيران. ولما فشلت المساعى، حسم مجلس التعاون الخليجى الأمر بدخول قوات درع الجزيرة إلى المنامة لكبح جماح التمرد على الدولة، ثارت ثائرة إيران، فتحركت تركيا من جديد، ولكن هذه المرة للتوسط بين إيران ودول مجلس التعاون.. ولكن من دون جدوى أيضا.
ذهبت تركيا إلى السودان للتوسط بين حكومة الخرطوم والحركات المسلحة فى دارفور، وذلك من وراء ظهر تعثر المساعى الحميدة التى بذلتها قطر بين الطرفين.
لقد داهمت سرعة التحولات فى تونس دون تمكن تركيا من طرح مساعيها الحميدة. فسقط الرئيس السابق زين العابدين بن على بسرعة فاجأت ليس تركيا فقط، ولكنها فاجأت حتى فرنسا ذاتها، حيث كانت وزيرة خارجيتها تقضى اجازة فى ضيافة أحد أقرباء بن على!.
وغابت تركيا عن العاصفة التى تهب على اليمن، ربما لأن اليمن استعصت على قوات الإمبراطورية العثمانية.. فكان أن استعصت اليوم على الدبلوماسية التركية!.
●●●
غير أن أكثر تدخلاتها سلبية كان فى ليبيا. وقد بلغ الأمر هناك من السوء بحيث إن الجبهة الوطنية الثورية فى بنغازى رفعت شعارات تندد بتركيا وبرئيسها وبدوره.
ورغم ان معارضى معمر القذافى محاصرون ويحتاجون إلى كل أنواع المساعدات، فقد بلغ غضبهم من الموقف السياسى التركى أن رفضوا استقبال سفينة تركية كانت تحمل مساعدات انسانية اليهم، واعادوها من حيث أتت. وكان الرئيس أردوغان طرح خارطة طريق للتسوية فهمها الثوار على أنها تدعو إلى استمرار القذافى، والدخول معه فى مفاوضات سياسية لوقف النار ولتحقيق اصلاحات دستورية.
وبصرف النظر عن النتائج العملية لهذه السلسلة من المبادرات السياسية التركية فى مواجهة العواصف التى هبت على العالم العربى، فإن السؤال الذى يفرض نفسه هو: ما هى الدوافع التى حملت تركيا على اتخاذ هذه المبادرات فى الأساس؟
فى كتابه «موقع تركيا ودورها على المسرح الدولى» لوزير الخارجية أحمد داود أوغلو يعترف الوزير بخطأ استراتيجى وقعت فيه بلاده منذ العهد الأتاتوركى.
ويتمثل الخطأ فى انها أدارت ظهرها لعمقها العربى والاسلامى واستسلمت إلى مشاعر الأحقاد التى ولّدتها الخلافات مع العرب خلال الحرب العالمية الثانية ودور الحلفاء فى زرع تلك الخلافات وتغذيتها.
وبالنتيجة تخلت تركيا عن اى دور مؤثر لها فى الشرق الأوسط، مما أطلق يد الولايات المتحدة والدول الأوروبية (فرنسا وبريطانيا) إلى التصرف دون أى مراعاة لمصالح تركيا الاستراتيجية.
وضع أوغلو تصورا للالتفاف على هذا الواقع. وانطلق فى تصوره من الموقف السلبى الذى جوبه به طلب تركيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى. ووجد أن أفضل رد على هذا الموقف الأوروبى السلبى من أنقرة، يكون باستعادة الدور التركى فى الشرق الأوسط، كما وجد أن تفعيل هذا الدور من شأنه أن يقلل من نفوذ الدول الغربية الأخرى.
وبما أن حجم المصالح الغربية فى المنطقة العربية يتزايد، والدور الغربى فيها يتراجع لمصلحة تقدم الدور لتركى، فإن الاتحاد الأوروبى لابد أن يجد نفسه مضطرا لاسترضاء تركيا. ولا يكون الاسترضاء بغير قبول طلب انضمامها إلى الاتحاد.
وهكذا اعتمدت تركيا منذ عام 2002 دبلوماسية انفتاح واسعة النطاق فى الشرق الأوسط، تمثلت فى فتح الحدود، وإلغاء التأشيرات، وزيادة حجم التبادل التجارى، كما تمثلت فى العزف على أوتار المشاعر العربية وخاصة من قضية الصراع مع اسرائيل.
حتى اصبح الرئيس التركى رجب طيب اردوغان أكثر شهرة فى بعض الدول العربية من بعض الرؤساء العرب أنفسهم.
●●●
لم تحقق دبلوماسية احمد داود أوغلو مع كل من اليونان وارمينيا والبلقان ما حققته مع العالم العربى. فالصراع لا يزال على أشده مع اثينا حول بحر إيجه. ولا تزال اليونان ترفض حتى اليوم السماح ببناء مسجد فوق أراضيها. أما الصراع مع أرمينيا فقد عاد إلى ما يشبه نقطة الصفر بعد أن رفض البرلمان الأرمينى إبرام اتفاق المصالحة التاريخية مع تركيا، مطالبا أولا باعتراف تركيا بالمجزرة التى تعرض لها الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى، وتاليا بحق الأرمن بالحصول على التعويضات..
قبل فتح صفحة جديدة. أما فى البلقان فقد قطع التدخل العسكرى لحلف شمال الأطلسى والذى لم يعط تركيا وهى عضو فى الحلف أى دور الطريق أمام ترجمة دبلوماسية أوغلو فى المنطقة. علما بأن هذه المنطقة كانت الحديقة الخلفية للامبراطورية العثمانية.
فكوسوفا وهى آخر الدول التى استقلت عن صربيا تدين باستقلالها إلى الحلف والى الولايات المتحدة تحديدا. حتى البوسنة فإنها محكومة بموجب اتفاقية دايتون (التى رعتها الولايات المتحدة والتى كانت أساسا لوقف حرب الإبادة التى تعرض لها المسلمون هناك) بنظام فيدرالى يضم الصرب الأرثوذكس والكروات الكاثوليك، مما لا يترك مجالا لتدخل تركى فعال.
أما مع العالم العربى، فقد طوى ملف لواء الاسكندرونة وأزيلت الألغام التى كانت مزروعة على طول الحدود مع سوريا. وامتنعت تركيا عن استخدام سلاح مياه نهرى دجلة والفرات للضغط أو للابتزاز.
واصبح بناء السدود يتم بالمشاركة السورية التركية.. ويجرى الآن العمل على اعادة الحياة إلى خط السكة الحديد الذى يربط اسطنبول بالعمق العربى حتى مكة المكرمة والمدينة المنورة.
●●●
وفوق ذلك كله تقدم تركيا نفسها نموذجا للعالم العربى يحتذى به، سواء من حيث التوفيق بين الاسلام والديمقراطية، أو بين الأصالة والحداثة.. وهى تحاول أن تعزز ذلك بمبادراتها السياسية التوفيقية المتعددة والتى تصورها وكأنها تجاوزت هذا النوع من الصراعات والأزمات التى تهب اليوم على العالم العربى من أقصى مشرقه فى الخليج وبحر العرب إلى أقصى مغربه على المحيط الأطلسى.
وفى خضم هذه الأعاصير السياسية، فإن من السابق لأوانه تصور استراتيجية عربية موحدة للتعامل مع الانفتاح التركى، الا من خلال مقارنته بالقلق العربى من الدور الإيرانى!!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.