* نصائح تركية أمريكية وخليجية لسوريا بإشراك الإخوان في الحكومة الجديدة أجلت إعلانها لكنه رفض في النهاية * الوفد التركي الذي زار دمشق الخميس طالب بإنهاء “الحسم” وإشراك الإخوان والمجتمع المدني وتحقيق في القتل * النظام السوري وافق على الحوار على الإخوان والتحقيق لكنه اعتبر التراجع عن الخيار الأمني سقوطا له إعداد نور خالد: ذكرت صحيفة الصباح التركية في عددها أمس أن مدير المخابرات الأمريكية اجتمع لعدة ساعات مع نظيرة التركي هاكان فيدان وبعض جنرالات الجيش التركي، وعدد من المسؤولين في الحكومة التركية، وطالب مدير المخابرات الأمريكية الحكومة التركية بالتدخل لمنع المجازر في سوريا وضمان نقل السلطة وحماية عائلة الأسد من الانتقام وتهيئة الفرص للانتقال إلى ملجأ آمن تبحثه تركيا والرئيس الأسد. وأضافت الصباح أن مدير المخابرات الأمريكية ناقش أيضا التدخل الإيراني في سوريا واحتمالية حدوث أزمة داخل النظام السوري، خاصة في ظل معلومات تؤكد احتمالية وضع أمريكا شقيق الرئيس السوري ماهر الأسد وعدد من القيادات السورية على اللائحة السوداء وتجميد أرصدتهم المالية. وناقشت مخابرات البلدين السيناريوهات المتوقعة في سوريا والقوى السياسية المؤهلة حال حدوث تغيير في دمشق، واتفقا على ضرورة انتقال السلطة بهدوء وبشكل سلمي دون المزيد من إراقة الدماء، في حين طلبت واشنطن من أنقرة أن تسهم تركيا في عملية انتقال السلطة لبعض الرموز والشخصيات الوطنية السورية، وبخاصة المسلمين السنة، الذين فتحت أنقرة حوارا معهم، واستضافت مبكرا المراقب العام للإخوان المسلمين رياض محمد الشقفة، وعضوا آخر في الحركة الإسلامية، بالإضافة إلى 40 شخصية من رموز المعارضة السورية المطالبة بالإصلاح السياسي، والابتعاد عن الحلول الأمنية والعسكرية. ومن جانبها أشارت صحيفة “الجمهورية” اللبنانية أن تركيا كثفت جهودها عشية “جمعة الغضب” للتوصل إلى حل للأزمة في سوريا، فأوفدت بعد اجتماع مجلسها الوطني الأمني برئاسة الرئيس عبد الله جول، رئيس المخابرات حقان فيدان على رأس وفد رفيع إلى دمشق. وحمل إلى دمشق مبادرة تركية تتضمن 5 نقاط ويرتكز بندها الأول على دعوة الأسد إلى تعديل الحكومة وإدخال فريقين إليها: “الإخوان المسلمون” وشخصيات المجتمع المدني المعارضة التي ترفع شعار “ربيع دمشق”، وهذا ما كان الجانبان القطري والتركي نصحا به الرئيس السوري لدى تأليف الحكومة السورية، وهو ما كان تسبب في تأخر ولادتها بعض الوقت لسبب خارجي، ولكن الأسد لم يأخذ في حينه بهذه النصيحة. ومع تزايد الضغوط وعدم توقف الأحداث في سوريا بعد سلسلة الإصلاحات والوعود، وبعد “التوجيهات” التي أعطاها الأسد في الجلسة الأولى لمجلس الوزراء السوري تأزّمت الأوضاع أكثر، الأمر الذي أعاد المشاورات القطرية السعودية وانضمت إليها الولاياتالمتحدةالأمريكية، فأوفدت مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ليون بانيتا إلى تركيا، حيث مكث فيها 5 أيام وأجرى محادثات خلاها مع عدد من المسؤولين الأتراك الكبار، وتقرر في ضوء ذلك تحريك المبادرة التركيّة بغطاء غربي خليجي وهي تتضمن 5 نقاط تدعو إلى إشراك “الإخوان المسلمين” والمعارضة في الحكومة، والعمل على تسريع الإصلاحات وربط كلّ إصلاح بمهلة زمنيّة، كذلك تدعو إلى وقف العنف ضد المتظاهرين ووقف الحسم العسكري في المدن، وفتح حوار مع المعارضة وإجراء تحقيق في بعض الارتكابات التي حصلت في درعا وبانياس. لكن مصادر مراقبة استبعدت موافقة الأسد على كلّ هذه النقاط، وخصوصا ما يتعلق منها بتعديل الحكومة ووقف الحسم، إذ إنه يعتبر أن التعديل ينم عن ضعف النظام وأن وقف الحسم يسقطه. أما بالنسبة إلى التحقيق فإنه منفتح عليه، لا بل سبق له أن أعلن أنه بدأ به. وبالنسبة إلى الحوار، فقد طلب أن يعرف مع من سيتحاور، إذ إن الطرف التركي اقترح أن يتحاور مع “الإخوان المسلمين” والمثقفين، لكن سوريا تعتبر أن المثقفين واجهة وأن الحوار الحقيقي هو مع “الإخوان”. وعلى صعيد آخر، قالت صحيفة لوفيجارو الفرنسية إن القمع الذي يلقاه المتظاهرون في سوريا وضع الدبلوماسية التركية بالمنطقة أمام مأزق. وكانت تركيا أرسلت الخميس كلا من رئيس جهاز استخباراتها ومدير التخطيط الاقتصادي إلى الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس وزرائه عادل سفر من أجل إقناع النظام السوري بالتخلي عن القوة وبدء الإصلاحات. ومنذ بدء الأزمة سعت أنقرة إلى دفع الرئيس السوري للتفكير في سياسته، لكن هذا التوجه ظل بدون جدوى حتى الآن. والثلاثاء الماضي تحادث رئيس الوزراء مع الرئيس السوري هاتفيا للمرة الثالثة خلال شهر ونصف الشهر، وقال رجب طيب أرودغان “عبرت بوضوح للأسد عن مخاوفنا من تطور الأوضاع”. وأضاف “يجب بدء المسار الديمقراطي فورا”. وإذا كان أردوغان قد ساند الثورة التونسية بدون تحفظ، ودعا الرئيس المصري السابق حسني مبارك إلى التنحي، فإن انتقاداته للأسد ظلت متحفظة، إذ لم يدفعه للتحدث سوى دخول الدبابات السورية مدينة درعا وارتفاع عدد القتلى، وعلقت بيريل ديديوغلو أستاذة العلاقات الدولية بجامعة غلطة سراي قائلة “استقرار سوريا أهم من مصير المدنيين”. وقالت الصحيفة إن أنقرة تخشى من أن عدم استقرار الأوضاع بسوريا قد ينتشر إلى المناطق الكردية في تركيا، مع وجود عدد من مقاتلي حزب العمال الكردي في سوريا، وسط خشية أنقرة من انتقالهم إلى تركيا، ويقول هنري باركي خبير الشؤون التركية في معهد كارنيغي للسلام الدولي “مع انتشار الثورات تسعى تركيا يائسة لعمل أي شيء”. وقالت لوفيغارو إنه بينما لم تتخل تركيا عن الأسد، فقد وضعت خطة لمواجهة الأزمة، حيث اجتمع مجلس الأمن القومي، الذي يضم القادة المدنيين والعسكريين الخميس للنظر في جميع السيناريوهات المحتملة بشأن اندلاع حرب أهلية إلى تدفق اللاجئين.