ينطلق هتاف "صلي على النبي" من مكان ما دخل ضريح السيدة نفيسة (رضي الله عنها)، فيرد الجمع المتواجد "اللهم صلي عليه"، كل في ملكوته الخاص يحتفل بمولد "نفيسة العلم"، فهذا يقرأ القرآن، وذاك يدعو ويبتهل، وهذه سيدة تتمسح في الضريح، تبركا به، وترجو من الله أن يشفي صغيرها، وآخرون يتضرعون إلى الله لقضاء حوائجهم، بين الحين والآخر تستمع لصوت زغاريد من داخل المسجد لا تعرف لها سببا محددا. الشرطة بالخارج تؤمن توافد الناس، وتترقب أي أعمال خارجة عن القانون، الباعة الجائلون يفترشون الساحة أمام المسجد بمختلف أنواع البضائع، السرادقات المقابلة للمسجد تكتظ بالناس، منهم من يتناول الطعام، ومنهم من يدير حوار مع الموجودين معه بالسرادق، وآخرون يتقربون إلي الله، والبعض يدخل في وصلات من الأفعال العصبية سواء بالحركة أو بالقول. يتوافد الناس من مختلف أنحاء الجمهورية سنويا علي مولد السيدة نفيسة بالآلاف طوال فترة إقامة المولد، والذي يستمر حوالي 9 أيام، إما للتبرك بكرماتها -كما يقال- أو إطعام الجائع وتوزيع النفحات والتقرب من الله، والبعض الآخر يذهب لتناول الطعام، وأخذ العطايا، والنوم داخل ساحة المسجد. يقول الشيخ حمدي سلامة، إمام مسجد السيدة نفيسة: "عندما يتم الاحتفال بأحد آل البيت، يجب أن يتم ذلك وفقا لضوابط محدده، حيث نحتفل بمولد السيدة نفيسة رضي الله عنها، بتلاوة القرآن الكريم، وإقامة الدروس الدينية، والمسجد لديه برنامج لتنظيم ذلك داخله، أما خارج المسجد فنحن لا نتحكم بما يحدث، أثناء الاحتفال يقام يوميا بعد كل صلاة درسا لأحد العلماء، وفي الحفل الختامي يتحدث أحد العلماء بالذي ينبغي أن يكون عليه المسلمون من سيرة هذه السيدة الفاضلة". ويضيف: "وبالرغم من هذه الجو الروحاني، فهناك بعض الظواهر السيئة التي تصاحبه، فنجد أناس غير متطهرين وغير نظيفي الثياب تفوح منهم الروائح الكريهة، ولا يتعبدون ولا يصلون، كل همهم المأكل والمشرب الذي يكون متوفرا بكثرة من أهل الخيرات، وبعضهم يأتي للتربح والبيع والشراء فقط، وهذا يأباه الإسلام، وهناك أيضا سلوكيات مشينة داخل المسجد من نوم وأصوات مرتفعة وزغاريد أحيانا، وهذا كله مرفوض شرعا، لأن الغرض من المولد هو زيادة التعبد والتقرب إلى الله، فيجب أن يكون هناك فترة لتلاوة القرآن، وأخري للوعظ والدروس وأخري للصلاة". وتشير سيدة من زوار المسجد إلي أن "مولد السيدة نفيسة يعد فرصة لمقابلة أشخاص لم نرهم منذ فترة، بالإضافة إلي التقرب إلي الله وإطعام الطعام ومساعدة المحتاج، كما أن جميع المظاهر المصاحبة للمولد تعد من أساسياته التي تعطي له طعما وشكلا مختلفا". يذكر أن السيدة (نفيسة العلم) رضي الله عنها ولدت في مكة في 11 ربيع الأول سنة 145ه، ونزلت إلي مصر يوم السبت 29 رمضان 193ه، وشغف بها أهل مصر، وجاءوها للنهل من علمها الغزير، ويقال إنها حفرت قبرها بيديها وختمت فيه القرآن 190 مرة، وعند وفاتها كانت صائمة كعادتها، فألحوا عليها أن تفطر رفقًا بها، ولكنها رفضت وشاءت الأقدار أن تختم حياتها بتلاوة القرآن، وبينما كانت تتلو سورة الأنعام غشي عليها، ولما فاضت روحها أراد زوجها أن ينقلها إلى البقيع عند جدها عليه الصلاة والسلام، ولكن أهل مصر تمسكوا بها وطلبوا منه أن يدفنها عندهم فأبى، ولكنه رأى في منامه الرسول يأمر بذلك، فدفنها في قبرها الذي حفرته بنفسها في مصر.