«الحلال بيِّن، والحرام بيِّن، وبينهما أمور مشبهات».. وما يحدث هذه الأيام بين بعض المسلمين والمسيحيين هو حرام بيِّن لا لبس فيه، وكل من يراه حلالا. فهو إما ساذج أو جاهل أو عميل. للأسف الشديد هناك قطاع من المسلمين مغرر بهم، يعتقدون أنهم ينصرون دينهم حينما يحاولون إحراق كنيسة للمطالبة بإطلاق سراح كاميليا شحاتة أو عبير طلعت أو أى فتاة مسيحية تقول هى أو غيرها أنها أسلمت. وفى المقابل، هناك قطاع من المسيحيين يفعل الأمر نفسه، حينما يُسرب شريط لكاميليا وبدلا من أن يقود إلى تهدئة الفتنة فهو يزيدها اشتعالا. لنفترض جدلا أن الأخت كاميليا أو الأخت عبير أو أى أخت مقبلة قد أعلنت إسلامها، فلن يزيد الإسلام ذلك فى شىء، كما أنه لن يضر المسيحية فى شىء. المتطرفون لا يدركون حقيقة أنه لو كان هناك دين يقضى على دين آخر ما استمر أى دين لآلاف السنين. الأديان السماوية ومعها بعض العقائد الوضعية سوف تستمر إلى قيام الساعة، مادام هناك أتباع وأنصار يسلمون الراية لبعضهم البعض، ولو أدركنا هذه النتيجة فسوف نؤمن بالحوار ولا شىء غيره للتعايش تحت قاعدة «لكم دينكم ولى دين». المؤكد أن هناك جزءا كبيرا من الذين تظاهروا وأحرقوا كنيسة إمبابة مساء السبت الماضى لم يسألوا أنفسهم سؤالا بسيطا وهو: ما هى الأولوية أمامنا هذه الأيام: هل هى بناء مصر وإنجاح الثورة، أم التأكد من وجود الأخت عبير وإخراجها من الكنيسة كى تعلى راية الإسلام؟!. ألم يسأل الذين احترفوا التظاهر أمام مسجد النور والكاتدرائية أنفسهم سؤالا بسيطا: ماذا لو ذهبت كاميليا شحاتة إلى النيابة وأعلنت أنها لاتزال مسيحية، ولنفترض أنها أعلنت إسلامها وقررت التراجع والعودة إلى دينها فماذا نحن فاعلون؟!. ثم هناك السؤال الجوهرى الذى لا يريد أى متطرف يزعم أنه حسن النية الإجابة عنه وهو: من هو المستفيد من كل ما يحدث من صدامات طائفية بين المسلمين والمسيحيين منذ حادث كنيسة صول فى أطفيح وحتى هذه اللحظة؟!. الإجابة الوحيدة هى النظام المنهار وكل من لا يريد لمصر خيرا سواء كان ذلك إسرائيل أو أى قوى إقليمية أو دولية أو حتى أنظمة عربية. المؤكد أن هناك أبرياء ومغررا بهم بين المتظاهرين أمام الكنائس، لكن يفترض أن هؤلاء، عندما يدركون خطورة ما يفعلونه، عليهم أن يتوقفوا، ثم أليس مريبا ومثيرا للتساؤل أن كل المتظاهرين الآن للمطالبة بتحرير كاميليا أو عبير التزموا الصمت وكانوا «كامنين» أيام مبارك، وبعضهم حرم الخروج على ولى الأمر.. ما هو سر غضبهم من أجل دينهم الآن؟!. الإخوان أصدروا بيانا واضحا ومحترما لا لبس فيه، والجماعات وكل القوى الدينية ينبغى أن تحدد موقفها وتقول لنا بوضوح: هل معركتنا الآن هى من أجل الأخت عبير أم من أجل مصر؟! وعلى الكنيسة أن تجيب عن سؤال: من المسئول عن اللعب بملف كاميليا ومن الذى دفع بتسجيلها إلى قناة «الحياة» القبطية؟! عندما يحدد كل طرف موقفه.. سوف نعرف كل المشهد، لا نريد معرفة أسماء المنفذين السذج الذين ضغطوا على الزناد.. نريد رءوس الفتنة الذين حرضوا ومولوا، ونريد معرفة من كان على علم بمخططهم ولم يتحرك.. ومن كان يمتلك القوة لمواجهتهم وتقاعس. نريد الحقيقة فورا.. لأن الصمت ليس فى مصلحة كثيرين.