محافظ كفرالشيخ يهنئ رئيس الجمهورية بمناسبة عيد الأضحي    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 15 يونيو 2024    أسعار اللحوم البلدي في منافذ «التموين» اليوم.. «الكندوز» ب285 جنيها    وزير المالية: 44 مليار جنيه «إضافية» لمواجهة زيادة دعم المواد البترولية    عاجل:- كتائب القسام توجه رسالة إلى حجاج بيت الله الحرام    يورو 2024.. أسبانيا تسعى لانطلاقة قوية أمام منتخب كرواتيا الطموح    أول تعليق من جوندوجان بعد الانتصار الكبير على إسكتلندا    اليوم.. سويسرا تصطدم بالمجر فى أولى جولات يورو 2024    التحقيق مع مالك مخزن كرتون اشتعل به حريق في فيصل    كم عدد الجمرات الصغرى والوسطى والكبرى؟.. مجمع البحوث الإسلامية يجيب    تهنئة عيد الأضحى 2024 بالاسم.. أجمل عبارات التهئنة وأطيب الأمنيات    دعاء للأبناء في يوم عرفة    حكم صيام أيام التشريق.. الإفتاء تحسم الجدل    فضل يوم عرفة والأعمال المستحبة فيه    استشارئ تغذية تُحذر من مخاطر الإفراط في تناول اللحوم بعيد الأضحى (فيديو)    صباحك أوروبي.. جاهزية ثنائي إنجلترا.. صفقات ريال مدريد.. ومفاجآت سباليتي    العثور على جثة أحد الطالبين الغارقين في نهر النيل بالصف    ذبح 40 عجلا وتوزيعها على الأسر الأكثر احتياجا فى سوهاج غدا    فيلم ولاد رزق 3 يحقق إيراد ضخم في 72 ساعة فقط.. بطولة أحمد عز (تفاصيل)    سويسرا تستضيف اليوم مؤتمرا دوليا للسلام في أوكرانيا    بمناسبة عيد ميلاده| رسالة خاصة من ليفربول ل محمد صلاح    ميناء شرق بورسعيد يستقبل ثالث سفينة تعمل بوقود الميثانول الأخضر    ب«6 آلاف ساحة وفريق من الواعظات».. «الأوقاف» تكشف استعداداتها لصلاة عيد الأضحى    التخطيط : 8.6 مليار جنيه لتنفيذ 439 مشروعا تنمويا بمحافظة البحيرة بخطة عام 23/2024    الصحة: إطلاق 33 قافلة طبية مجانية بمختلف محافظات الجمهورية خلال 4 أيام    هيئة الرعاية الصحية تعلن انعقاد غرفة الطوارئ لتأمين احتفالات عيد الأضحى    الدفاع السعودية تستضيف ذوى الشهداء والمصابين من القوات المسلحة بالمملكة واليمن لأداء الحج    الصحة العالمية تحذر من تفاقم الأزمة الصحية في الضفة الغربية المحتلة    ب«193 مسجدًا و9 ساحات».. الأوقاف تستعد لصلاة عيد الأضحى بالبحر الأحمر    أزمة نفسية.. تفاصيل إنهاء شاب حياته قفزًا في النيل بإمبابة    «تقاسم العصمة» بين الزوجين.. مقترح برلماني يثير الجدل    5000 وجبة للوافدين.. «الأزهر» ينظم أكبر مائدة إفطار فى يوم عرفة    الصحة العالمية تحذر من تفاقم الوضع الصحي في الضفة الغربية    نصائح للحجاج في يوم عرفة.. لتجنب مخاطر الطقس الحار    مصطفى بكري: وزير التموين هيمشي بغض النظر عن أي حديث يتقال    أستاذ ذكاء اصطناعي: الروبوتات أصبحت قادرة على محاكاة المشاعر والأحاسيس    ضرب وشتائم وإصابات بين محمود العسيلي ومؤدي المهرجانات مسلم، والسبب صادم (فيديو)    «معلق فاشل».. شوبير يرد على هجوم أحمد الطيب    الجيش الإسرائيلي يستعد لهجوم واسع النطاق على لبنان    وزير النقل السعودي: 46 ألف موظف مهمتهم خدمة حجاج بيت الله الحرام    القيادة المركزية الأمريكية تعلن تدمير قاربين ومسيرة تابعة للحوثيين في البحر الأحمر    هبوط اضطراري لطائرة تقل وزير الدفاع الإيطالي بعد عطل طارئ    بسبب جلسة شعرية محبطة.. صلاح عبد الله يروي سر ابتعاده عن كتابة الأغاني للمطربين    إبادة «فراشات غزة» بنيران الاحتلال| إسرائيل على قائمة مرتكبي الانتهاكات ضد الأطفال    بطولة عصام عمر وطه الدسوقي.. بدء تصوير فيلم «سيكو سيكو»    محمد علي السيد يكتب: دروب الحج ..سيدي أبوالحسن الشاذلي 93    «العلاج الطبيعي»: غلق 45 أكاديمية وهمية خلال الفترة الماضية    وزير المالية الأسبق: كل مواطن يستفيد من خدمات الدولة لابد أن يدفع ضريبة    موسيالا أفضل لاعب في مباراة ألمانيا ضد اسكتلندا بافتتاح يورو 2024    كرة سلة - سيف سمير يكشف حقيقة عدم مصافحته لمصيلحي    بعد تدخل المحامي السويسري.. فيفا ينصف الإسماعيلي في قضية سعدو    السيطرة على حريق بمستودع أسطوانات بوتاجاز غربي الأقصر    مقرر المحور الاقتصادي بالحوار الوطني: ميزانية الصحة والتعليم اختيار وليس قلة موارد    «زي النهارده».. وفاة وزير الداخلية الأسبق النبوي إسماعيل 15 يونيو 2009    حظك اليوم برج الأسد السبت 15-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    ألمانيا تسحق إسكتلندا بخماسية في افتتاح يورو 2024    توجيه عاجل من رئيس جامعة الأزهر لعمداء الكليات بشأن نتائج الفرق النهائية    نقيب الإعلاميين يهنئ السيسي بحلول عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القارئ كرم ابوسحلي يكتب: قنا والخريطة الإدراكية للحكومة المصرية
نشر في الشروق الجديد يوم 10 - 05 - 2011

بما أن الخريطة الإدراكية هي المسئول اللاشعوري عن كثير من الأحداث في حياتنا اليومية، يمكننا اللجوء إليها كنموذج تفسيري لفهم احتجاجات محافظة قنا. يبدو أن ما يحدث فى المحافظة هو نتاج لما ترسب فى الأذهان من أحداث ارتبطت بالعلاقة بين المسلمين والمسيحيين. أليست قنا هي المحافظة التي حدثت فيها مجزرة عيد الميلاد ضد المسيحيين؟ أليست هي التي حدثت فيها أحداث فرشوط؟ أليست هي التي قُطعت فيها أذن أحد المسيحيين؟ إذن لابد من إرسال محافظ مسيحي حتى تتوقف هذه الاعتداءات! فالمحافظ رمزاً للسلطة المتمركزة فى العاصمة وهو رمز السلطة أيضا باعتباره -هذه المرة- لواء في جهاز الشرطة. فإن كان رمز السلطة ينتمي "للأقلية العددية" فإن ذلك وبطريقة ما سيخلق التوازن المطلوب ويعيش الطرفان في سبات ونبات! إن هذا الاختزال الإدراكي لمحافظة قنا هو ما أثار حفيظة القنائيين الذين لم يعترضوا على المحافظ السابق اللواء مجدي أيوب، وهو مسيحي أيضا، إلا بعد أن ظهرت لهم وللمسيحيين في قنا مشاكله الإدارية، فقد حدثت معظم المشكلات بين الطرفين في عهده. لقد وجد أبناء قنا في تعيين محافظ مسيحي للمرة الثانية على التوالي ما يعد تكريسا لتصور مفاده أن حماية المسيحيين في قنا قد يتحقق بتعيين محافظ مسيحي.
كما أنه يرسخ أيضا لفكرة الكوتة التي تعيد إنتاج التمييز أكثر مما تحاربه. فالقنائيون يتسائلون: هل ستصبح قنا كوتة الأخوة المسيحيين؟ إن الأمر الذي صدم أهالي قنا هو نفسه ما صدم المصريين قبل الخامس والعشرين من يناير عندما أدركوا أنهم سيورثون لابن الرئيس المخلوع. ورغم أن الفارق كبير بين الحالتين، إلا أن تظاهر أهالي قنا في بداية الأمر قوبل بتجاهل واضح من الإدارة المركزية في القاهرة مثلما قوبلت مشاعر المصريين بالتجاهل قبل ذلك.
إن المحافظة التي أهملت لفترات طويلة مع أخريات تم إهمالها فى وقت الأزمة. والغريب أن الدكتور عصام شرف - وهو من رجال مصر المحترمين - لم يتطرق لما يحدث في قنا في خطابه الأسبوعي "للمواطنين"، رغم أن الأحداث كانت قد دخلت يومها الخامس وقتئذ.
فهل لا تزال الخريطة الإدراكية لحكومة مصر تقتصر على المحافظات المهمة؟ أو ليس غريبا ألا يوجه رئيس الوزراء أي بيان لأبناء المحافظة؟ صحيح أن الدكتور شرف قد أسند الملف لوزير الداخلية ولوزير التنمية المحلية. لكن إرسال وزير الداخلية وهو من أبناء قنا يشير إلى بعد إدراكي آخر (قديم) له علاقة بالقبلية في الوقت الذي كان يجب التعامل معهم باعتبارهم مواطنون لهم مطالب يُرسل إليهم من يستطيع حل الأزمة وليس من يلقي ترحاب منهم لمجرد أنه من ذوييهم (وهذا هو الشق الأول من "ذهب المعز وسيفه").
إن عدم اكتراث الحكومة المركزية بما يحدث في قنا إلا بعد توقف حركة القطارات لا يوحي بتغير كبير في علاقة المركز بالأطراف. فهذا الإدراك يختزل الأطراف في كونها مجرد آلة انتاجية يُلتفت إليها فقط عندما تتوقف عن العمل. وهذا ما عبر عنه ضمنيا الدكتور عصام شرف عندما قال في كلمته أنه إذا كان لأحد طلب فليلجأ للحوار ولا يلجأ إلى إيقاف حركة المرور. ثم صاغ الأمر في صبغة إنسانية حيث قال أنه من الممكن أن يؤدي تعطيل المرور إلى تأخر مريض عن موعد الطبيب. وهذا بالطبع صحيح مثله في ذلك مثل حرية المواطنين في اختيار من يحكمهم. وما يعد أسوأ من هذا الاختزال هو أن أول تصريح يأتي من مجلس الوزراء بشأن ما يحدث في قنا جاء ليحمل تصنيفا للمشكلة بأنها "انفلات أمني" ومن ثم تم تكليف وزارة الداخلية بعمل اللازم (الشق الثاني من "ذهب المعز وسيفه"). وفي ذلك أيضا تأكيد لنفس النموذج الإدراكي القديم الذي يرى محافظات الصعيد على أنها خطر أمني، رغم أن أهالي قنا قد تظاهروا سلميا لثلاثة أيام دون أن يهتم بهم أحد. فما الذي تغير حيال أهل الجنوب بعد 25 يناير؟
الأمر في جوهره بعيد عن المسألة الطائفية رغم دخول الشعارات الدينية بين الهتافات. فلم يقم المتظاهرون بمهاجمة الكنائس. ولم نسمع أنهم تعرضوا بالأذي لأي من إخوانهم المسيحيين في قنا. ولم يطالب المحتجون بألا يعين المسيحيون في مناصب قيادية في مصر. المشكلة إذن إدراكية في المقام الأول. فالحكومة تعاملت مع المحافظة بخريطة إدراكية قديمة. كما أدرك أبناء المحافظة الأمر على إنه تكريس لوهم غير موجود من وجهة نظرهم وهو أن المسيحيين في قنا "مضطهدون" وأن الأمر يستلزم تعيين محافظَيْن مسيحيَيْن على التوالي لضبط العلاقة بين الطرفين. وحتى عندما مارس القنائيون حقهم في التظاهر السلمي لم يلتفت إليهم أحد، مما عزز لديهم نفس النمط الإدراكي القديم بأنهم غير ذوي أهمية طالما أنهم يعيشون على حواف الوجود المصري. وربما يجدر القول في هذا السياق أن تنتبه الحكومة المصرية إلي ضرورة أن تضم المجالس الحكومية كالمجلس القومي للمرأة ومجلس حقوق الإنسان وغيرها عضوا/عضوة من كل محافظة مصرية يكون اختياره بالانتخاب ، وذلك على السبيل المواطنة التي اختُزلت -بكل أسف- في نموذج إدراكي قديم يقصرها على التساوي في الحقوق والواجبات بين المسلمين والمسيحيين، وليس بين المواطنين في كل محافظات مصر. وبالتالي تحولت معظم مشكلات المواطنين إلى مشكلات طائفية!
والله أعلى وأعلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.