بفضل الله وبرحمته قامت ثورة 25 يناير.. وبنصر منه ونعمة.. مرت مائة يوم على تطهير الوطن من نظام طغى وتجبر.. وفسد وأفسد.. وبذلك فليفرح كل المصريين.. مسلمين ومسيحيين.. كبارا وصغارا.. ولكن مع الفرحة والسعادة والفخر.. عليهم ان يحافظوا على مكتسبات ثورتهم الطاهرة.. وفاء لأرواح الشهداء.. ودعما ومساندة لاصحاب الجراح والمفقودين.. ومن قبل كل ذلك نبذ التعصب والخلاف.. والتأكيد على أن مصر شعبها واحد لا تفرقه عصبية او قبلية.. فالدين لله والوطن للجميع.. والجميع يستحق الحرية..إلا من أبى. هذا ما أردت ان أبدأ به كلامى بعد ان شعرت طيلة الايام الماضية ان هناك من يريد ان نندم على قيام الثورة بعد ان اتسعت هوة الخلاف بين اولئك وهؤلاء.. بين مسلم ومسيحى.. بين سلفى وصوفى.. بين جهادى وتبليغى.. بين علمانى وأصولى.. ولا ادرى ما السببب فى ذلك إن كان الجميع يريد خيرا لهذا البلد؟!.. ولماذا يقف كل منا ضد الآخر لمجرد ان لكل منا رأيه ووجهة نظره وفكره الخاص به؟!.. ألسنا كلنا مصريين.. وما نتفق عليه اكبر بكثير مما نختلف فيه؟!.. ألم يكن الجميع يجاهد ويناضل ويكافح النظام السابق.. كل على طريقته؟!.. فلم الفرقة إذن؟!.. وما الداعى من خلاف ظاهره ليس فيه رحمة وفى باطنه كل العذاب؟!!. إن الثورة قامت بفضل من الله أولا.. وشارك فيها كل حسب جهده وامكانياته.. شباب كان لهم السبق.. وآخرون ساروا على الدرب.. وجيش تولى حمايتها ورعايتها.. وهكذا سارت.. والان علينا جميعا ان نكون يدا واحدة كما كنا قبل مائة يوم.. وأن نظل هكذا أمد الدهر.. وألا نترك الفرصة لدعاة الفتنة والفوضى ان يعودوا بنا إلى الوراء.. وإذا كانت مصر الان تعيش ازهى عصور الحرية فلابد ان نعرف الحرية بمعناها الحقيقى.. وأن ندرك جميعا ان لها حدودا.. وحدودها حرية الآخرين.. فليفكر كل منا على طريقته.. ويعتقد كما يشاء.. لكن ليس من حقه ان يلزم الاخرين بفكره ومنهجه أيا كان.. ولو شاء الله لجعل الناس امة واحدة. وأعتقد أنه حان الوقت أن يعتنق الشعب المصرى ثقافة الاختلاف وليس الخلاف بعد ان اصبح محط انظار العالم بأسره وموضعا للمقارنة بغيره.. فالجميع ينظر إلى التجربة المصرية الآن بعين الاحترام والتقدير قياسا بما يجرى فى بلاد عربية اخرى يختلط فيها الحابل بالنابل ولم تعرف الثورات فيها طريق النجاح بعد.. ففى ليبيا حرب ودمار.. وفى اليمن خلاف وجمود.. وفى سوريا جيش يحاصر شعبا.. وحتى تونس التى كان لها السبق مازال رموز نظامها السابق بعيدين عن سيف العدالة.. وهنا بيت القصيد.. لأن ما يجرى فى مصر بعد 25 يناير وإلى الآن سيكون منهجا تسير عليه البلاد العربية فيما بعد.. وما من بلد عربى سيحصل على حريته وينجح فى ثورته إلا وستكون التجربة المصرية هى المصدر الرئيسى لبناء دولته الحرة.. ومن هنا علينا ان نكون نموذجا يحتذى به.. واذا كان لتونس فضل المبتدئ فمصر سيكون لها فضل المهتدى.. واذكر هنا بأن الثورة المصرية حققت هدفها الاساسى وهو اسقاط النظام فى (18) يوما وهو رقم قياسى ساهم فيه شعب وجيش.. شعب قام بالثورة وجيش تبناها.. وكانا يدا واحدة على طريق الحرية.. ولابد ان يظلا هكذا إلى ان تنفذ باقى أهداف الثورة بانتخاب حكومة مدنية ودستور جديد وبناء وطنى قوى.. ومن قبل كل ذلك مواصلة محاكمة الفاسدين فى النظام السابق وكل من سولت له نفسه استحلال اموال الشعب ومقدرات الأمة.. وألا تقتصر تلك المحاكمات على رجال المال والاعمال والساسة فحسب بل والقصاص ايضا ممن يختبئون الآن ويظنون ان يد العدالة لن تطالهم كما هو الحال فى الوسط الرياضى والكروى الغارق فى قضايا الفساد منذ زمن بعيد لرؤساء اتحادات ورؤساء اندية تدور حولهم الشبهات.. وكان النظام السابق يوفر لهم الحماية بطرق مختلفة وملتوية بحكم ان هؤلاء جميعا كانوا من أدوات حكمه.. وكم من ملفات فساد دفنت فى الادراج واخفيت عن الانظار بإشارة اصبع.. فمتى القصاص إذن؟