فاجأت مديريات الزراعة فى عدد من المحافظات الفلاحين بقرار حظر زراعة الأرز نهائيا، وملاحقة الفلاحين جنائيا إذا خالفوا قرارات المديريات. القرار جاء بعد أن قام الفلاحون الذين يعتزمون زراعة الأرز برمى التقاوى التى تبلغ نحو 80 كجم لكل فدان، وتسميد الأراضى، وبعد أن «شتلوا الأرز»، دون أن يحرك مسئولو مديريات الزراعة ساكنا، فى الوقت الذى بدا موسم زراعة هذا المحصول الصيفى شديد الربحية بالنسبة للفلاحين. ففى الإسكندرية، مثلا، راسلت وزارة الرى مديرية الزراعة فى خطاب جاء فيه أنه «بناء على كتاب الإدارة المركزية للموارد المائية رقم 394 بتاريخ 24 مارس 2011 مرفق به صورة من القرار رقم 82 لسنة 2011 بشأن تحديد الأراضى المزروعة بالأرز، والذى جاء به خلو زمام محافظة الإسكندرية من زراعة الأرز هذا الموسم». وتضمن الخطاب التنويه عما أرسل للواء مدير أمن الإسكندرية لاستصدار قرار لإزالة مشاتل الأرز والمساحات المنزرعة بالمخالفة فى الأراضى المستديمة، حتى يتثنى للجان المشكلة من مديريتى الزراعة والرى إزالة «هذه المشاكل». وفى الغربية، قلصت الحكومة المساحات المزروعة بالأرز، وكذا الحال فى المناطق الجنوبية من شمال الدلتا، بحسب ما أكده الدكتور نادر نور الدين، خبير المياه والرى، ل«الشروق»، قائلا إن شمال ووسط الدلتا، ومنها كفر الشيخ ودمياط والإسكندرية والبحيرة، حرمت مناطق متعددة منها من زراعة الأرز، بعد أن قام الفلاحون ببدء زراعته فعليا، وهو ما يتعارض مع مصالحهم. نور الدين انتقد بشدة كلام الحكومة الأخير بشأن المساحات المزروعة من الأرز، واستهداف تقليلها إلى مليون فدان فقط؛ «لأن هذا الكلام يفتقد للبحث العلمى، وخاصة ما ساقه وزير التضامن الاجتماعى جودة عبدالخالق من أن فدان الأرز يستهلك 10 آلاف متر مكعب مياه»، بحسب ما قاله نور الدين، مضيفا أن هذا الرقم خطأ تماما، فبحسابات زراعة الأرز قديما كنا نستهلك 6 آلاف متر مكعب، أما الأصناف الجديدة فلا يتجاوز استهلاكها 4 آلاف متر مكعب، وإذا أضفنا لهذه المعلومة أن فدان الذرة يستهلك 3 آلاف متر مكعب، ويحتاج القمح لألفين ونصف الألف متر مكعب، سيكون الفارق قليلا بين استهلاك مصر الآن من الأرز واستهلاكها من المحاصيل الأخرى، مع العلم بأن محصول الأرز ينتج 4 أطنان ونصف الطن أرز، بينما ينتج فدان القمح (محصول شتوى) 2 طن تقريبا، لذا فالعائد الاقتصادى من الأرز مرتفع جدا للفلاحين، كما أن سعر الأرز فى البورصات العالمية أكثر من ضعفى سعر القمح. مضيفا: «لهذه الأسباب يجب ألا نغالط أنفسنا». فى الوقت نفسه هدد عدد كبير من المزارعين بالإسكندرية، وفى بعض مناطق من البحيرة، بقطع مياه الرى عن الأراضى وتبويرها إذا لم تنته الحكومة إلى قرار بزراعة المناطق التى بدأ فلاحوها برمى البذور ورى أراضيهم. وقال أحدهم رفض نشر اسمه إن كل أعمال المديرية على ورق، ولا ينزل موظفوها إلى الغيطان لإبلاغنا القرارات أو إرشادنا.. لهذا فمعظم القرارات من المكاتب فقط. ومن جانبه قال المهندس أحمد البنا، الناشط فى مجال حقوق الفلاحين، إن قرار وزارة الرى لا يراعى مصلحة الفلاحين الذين قاموا بالفعل بزراعة الأرز.