انفتحت نافذة الروائى المصرى علاء الأسوانى ضمن سلسلة «نوافذ على العالم»، التى يرسمها الفنان الإيطالى ماتيو بيريكولى وتنشرها صحيفة الجارديان البريطانية شهريا، السلسلة، التى ضمت عددا من كتاب العالم اللامعين، مثل أورهان باموق فى اسطنبول ونادين جورديمر فى جوهانسبرج ولويس بورخيس فى بونيس آريس (العاصمة الارجنتينية) وأخيرا الأسوانى فى القاهرة. وتنشر الصحيفة رسما لماتيو من مكان الكتابة المفضل لكل كاتب مرفقا به نصا يعبر فيه عن هذا المكان، وكتب الأسوانى أن نافذته فى منزل يقع وسط القاهرة، حيث ينتمى جيرانه إلى الطبقة العاملة ولا يخجلون من فقرهم. بل «من هذه النافذة أرى جهودا بطولية للحرب ضد الفقر. فمعظم السكان هم تجار وموظفون عموميون، فى وقت ما كانوا يكسبون ما يكفى لحياة مريحة لكن موجات من المشقة ارتفعت وغرق فيها الجميع». ويصف الأسوانى تطور المشهد من نافذته قائلا: «كانت نافذة الدور الأول فى المنزل عبارة عن زجاج مزخرف أصلا، لكنها كسرت وتم تصليحها أكثر من مرة، وفى المرة الأخيرة للتقليل من النفقات، وضع صاحب المنزل قطعة خشب بدلا من الزجاج». ويمضى قائلا: «فى أوقات الازدهاز يمضى أفراد العائلة أمسياتهم السعيدة فى مدخل البيت فى الهواء الطلق، مسترخين على كراسى الخرزان، الكراسى تكسرت ولم يستطع الأب توفير المال لتغييرها بأخرى جديدة، لكنه مع ذلك احتفظ بالمكسورة منها إلى جوار الحائط فى المدخل. حلم آخر تأجل، ولم يتم تحقيقه، إلى جوار فتحة لمكيف هواء فى الجدار، سدها صاحب البيت ولونها لأنه يعلم أنه لن يستطيع أبدا شراءه». «أجمل ما فى هذا المشهد هى فساتين البيت المنشورة فى الطابق الثانى، الملابس عادية ومتواضعة لكن صاحبتها لم تتخل عنها، فوضعت تصاميم صغيرة على الصدر والأكمام.. وبالطبع صارت أكثر جمالا.. وهذا ما يعجبنى فى مقاومة الفقر. الفقر بائس، لكن مقاومته نبل حقيقى علىّ فقط أن أفتح نافذتى وأرى هذا البيت لتغلبنى شفقة عنيفة». «برغم الفقر، أشاهد الزحف دون توقّف أو مسامحة، وأرى عشرات من البشر المماثلين، كتاب شباب يخفون جوابات حبهم الأول فى كتاب الكمياء، حتى لا تراها الأمهات، فتاة توصد غرفتها لترقص عارية أمام المرآة، عاشقان صغيران يتبادلان القبل فى ظلمة سطح المنزل, ليال من الممارسة غير البارعة للحب فى آول يوم زواج، طفل مشدوه يصرخ وهو يدخل للحياة، صوت رجل عجوز واهن يرتعد فى اللحظة الأخيرة قبل أن يموت. كل النوافذ، أيا كان اختلاف المشاهد، لا تنقل لنا شيئا سوى حياة.